IMLebanon

الاتحاد الأوروبي..هل سيزول؟

EuropeEcon
يعتنق السياسيون والمثقفون والاقتصاديون والخبراء الماليون وجهة النظر التي تقول إن خروج اليونان من منطقة اليورو لن يكون أمراً كبيراً، على النقيض من الوضع في 2011-2012 عندما كان من الممكن أن يطيح انهيار اليونان بباقي النظام المالي العالمي خلفه. إلا أن المالكين الوحيدين من القطاع الخاص لديون الحكومة اليونانية هذه الأيام هم من المضاربين. فقد توفر الوقت ليستعد الجميع لخروج اليونان وهم كذلك بالفعل. قد يكون مثل هذا الفعل مرحب به من قبل الحكومات الأوروبية: فقد تتسبب المأساة بجعل اليونان درساً للناخبين حول ما يحصل عندما ينتخبون أحزاباً متطرفة تعد بالتخلص من الإجراءات التقشفية المتشددة، وتوزيع هبات أكبر.

قد يبدو صحيحاً أن الدمار الاقتصادي الذي سينجم عن انهيار اليونان سينحصر داخل حدود البلاد، ولكنه سيدمر الحلم الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية بتشكيل أوروبا موحدة لن تتعرض لحرب كارثية أخرى. وما حدث منذ أواخر الأربعينيات من القرن الماضي كان مثيراً للإعجاب، وخصوصاً ابتكار عملة اليورو.

لطالما كانت هناك توترات ناجمة عن العقلية الأوروبية التي تتبنى مركزية الدولة، وبالتالي فإن المبادرات القارية غالباً ما كانت تُفرض من السلطات العليا، دون الالتفات كثيراً لرأي العامة. وهذا حفز ظهور الأحزاب المتطرفة، لاسيما أن المفوضية الأوروبية في بروكسل عبارة عن وحش بيروقراطي تصدر عنه تشريعات خانقة وهزلية، كما أنها عرضة للفساد.
ولكن بالرغم من ذلك، كان اندلاع حرب أوروبية كالحروب التي اندلعت القرن الماضي أمر مستحيل الحدوث حتى هذا العام.
وبسبب القيادة السيئة، يتعرض نظام أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية للخطر، ويهدد بتبعات سياسية واقتصادية لا يمكن تخيلها. واليونان ليست المشكلة، بحد ذاتها، أو انتهاكات بوتين في أوكرانيا أو شبه جزيرة القرم. فالمشكلة الرئيسية هي أن قادة أوروبا لا يعلمون ما عليهم فعله، فلم يحصل منذ الثلاثينيات من القرن الماضي أن بدت الطبقة الحاكمة ضعيفة إلى هذا الحد حين تغدو الأمور خارجة عن السيطرة.

ويشير ديفيد مالباس، كاتب في مجلة (فوربس)، أنه منذ الأزمة المالية في 2008 والحكومات تفرض إجراءات تقشفية على القطاع الخاص عموماً من خلال فرض المزيد من الضرائب والقوانين التي تعيق النمو. وفي اليونان، قد يتم تقليص الخدمات الحكومية؛ ولكن الحكومة نفسها تصبح أكبر أو أنها لا تتأثر بينما يعاني الجميع غيرها. والاستثناء الوحيد الجدير ذكره هو بريطانيا العظمى التي ألغت في ظل إدارة الحكومة الحالية حوالي مليون وظيفة من القطاع العام المتضخم. وهذا الإجراء، يصحبه تخفيضات في نسبة ضريبة الشركات لتصل إلى %20 ” تبلغ نسبة الولايات المتحدة منها %40 تقريباً” وتخفيض بسيط في نسبة ضريبة الدخل من %50 إلى %45، مكن اقتصاد المملكة المتحدة من النمو بشكل أسرع من أي دولة أخرى.

والحكومات ليست هي الأطراف التي يلقى اللوم عليها فقط، فالبنوك المركزية أيضاً جعلت من الصعب على المصارف إقراض مبالغ ضخمة للقطاع الخاص.
وقد مرت أوروبا بإصلاحات بسيطة في الهيكلية الداخلية لا تكفي لتطلق العنان لنمو قوي كفيل بزيادة معدلات خلق الوظائف، وانقاذ التجربة الأوروبية التي نشأت من ركام الحرب العالمية الثانية. والحقيقة المرة هي أن أوروبا لا تستطيع إنقاذ نفسها.

وينبغي على الولايات المتحدة أن تعيد تنفيذ هذه المهمة، ليس على شواطئ النورماندي، ولكن عبر تشكيل مثالٍ إيجابيٍّ يحتذى به بمجرد انتخابنا لرئيس جديد بعد عامين. فقد أظهر لنا الرئيس السابق رونالد ريغان كيف نفعل ذلك بإصلاحاته التي حققها خلال الثمانينيات من القرن الماضي، والتي سرعان ما قلدها قادة الدول الأخرى، الأمر الذي أدى إلى تحقيق الازدهار العالمي والفوز في الحرب الباردة، التي بدورها، أطلقت العنان لمزيد من الازدهار حول العالم.

الرجل المناسب للمهمات الصعبة

ومن بين الولايات الأمريكية التي يشبه حالها الوضع في اليونان هي إيلينوي؛ فهي أكثر الولايات المتأخرة من الناحية المالية، وتعاني أسوأ تصنيف ائتماني من بين 50 ولاية أمريكية. كما أن أنظمتها الخاصة بتقاعد موظفي الحكومة مدمرة بفعل الانتهاكات “وفقاً لآخر إحصاءات كان هناك أكثر من 11 ألف متقاعد يحصل كل منهم سنوياً على أكثر من 100 ألف دولار” كما أنها تحصل على أقل تمويل من بين أنظمة الدولة الأخرى. ويبلغ عجز ميزانية الولاية لهذه السنة المالية 1.6 مليار دولار، وقد يرتفع الرقم في العام المقبل ليصل إلى 6.2 مليار دولار.
علاوة على ذلك، تعاني إيلينوي فواتير غير مدفوعة تتجاوز 6 مليارات دولار، كما تعاني برامج البطالة وتعويض الموظفين من الفوضى والتي تؤثر سلباً على الشركات الصغيرة. باختصار، إيلينوي هي أكثر ولاية أمريكية فاسدة: فهناك 4 من حكامها الـ9 السابقين سجنوا. وليس من المفاجئ أن الولاية تحتوي على أسوأ نظام لتوفير الوظائف في الغرب الأوسط.
وفي خضم هذه المشاكل، نال بروس راونر، مستثمر رأسمالي سابق تحول فيما بعد إلى مصلح متطرف، منصب الحاكم فيها، وفكرة أن يفوز أحد من الحزب الجمهوري ليكون حاكماً في ولاية أغلبيتها من الحزب الديمقراطي المؤيد لباراك أوباما يعبر عن المحنة التي تعاني منها. فربما لا يزال الديمقراطيون يشكلون الغالبية الساحقة في مجلسي (النواب) و(الشيوخ)، ولكن راونر يتصرف كأن العكس هو الصحيح؛ فهو يدفع بالأمام لإحداث تغييرات في كل جبهة بقوة ودون ندم.