IMLebanon

دراسة لـUNDP عن تنظيم عمل السوريّين وقانونية الإجراءات اللبنانية

SyrianWorkers
سلوى بعلبكي

في ظل غياب تشريع واضح ينظم حقوق الدولة اللبنانية وموجباتها تجاه اللاجئين من جهة وينظم حقوق اللاجئين وموجباتهم تجاه الدولة اللبنانية، ارتأى برنامج الأمم المتحدة الانمائي اعداد دراسة عن “تنظيم عمل السوريين في لبنان (الرعايا واللاجئين) ومدى قانونية إجراءات الادارات اللبنانية التي قيّدت حقهم بالعمل في ضوء الاتفاقات الدولية والقوانين المعمول بها في لبنان”.

الدراسة التي أعدتها المحامية ربى الحيدري وحصلت “النهار” على نسخة منها، حضّت الحكومة ومجلس النواب على درس القوانين والتشريعات الخاصة بالموضوع لسدّ النقص التشريعي وتدارك خرق لبنان لحقوق الإنسان على أراضيه، على أمل أن تسعى الحكومة جدياً الى توقيع اتفاق جنيف لحقوق اللاجئين لعام 1951، لأن لبنان من الدول القليلة التي لم توقع هذا الاتفاق الذي ينظم الحقوق الانسانية الإساسية للاجئين، لا سيما وان لبنان من الدول التي التزمت في دستورها احترام المواثيق والاتفاقات الدولية التي تحمي حقوق الانسان من دون تمييز.
واستندت الدراسة الى أحد بيانات رؤساء النقابات الزراعية في لبنان عن حاجة القطاع الزراعي الى يد عاملة سورية في هذا المجال، لتشير الى ان الإجراءات الجديدة التي فرضت على دخول الرعايا السوريين من شأنها ان تعوّق دخول العمال الزراعيين ما قد يلحق ضرراً بالمواسم الزراعية اللبنانية. لهذا فإن الاستعانة باللاجئين السوريين الموجودين حالياً في لبنان للعمل في الموسم الزراعي يمكن ان يسد النقص في اليد العاملة اللبنانية الزراعية. لكن هذا الامر لا يمكن ان يتحقق الا اذا اعفي العامل السوري الزراعي من الخضوع لاجراءات إجازة العمل وتقديم المستندات والتعهدات، لان العمل في المجال الزراعي موسمي وموقت وبالامكان ضبطه من خلال المزارعين اللبنانيين المسؤولين عن الورش الزراعية. على ان يمنح العامل الزراعي السوري بطاقة من وزارة العمل تشير الى صفته كنازح والى وجوب تقيّده بالعمل في الورشة الزراعية ضمن منطقة محددة وفي عهدة المزارع اللبناني المسؤول عن الورشة ويكون اجل البطاقة الممنوحة له مقروناً بانتهاء الموسم الزراعي ولا يستفيد منها في أي عمل آخر. وفي حال عودة النازح الى سوريا بارادته، او عند انتهاء الموسم الزراعي، او لدى ابلاغ رئيس الورشة الزراعية عن ريبة في تحركات العامل السوري وسلوكه، يلغى فورا مفعول البطاقة.
وفي معرض الإجابة عن بعض التساؤلات حول عمل السوريين، أشارت الدراسة الى ان هؤلاء ملزمون الحصول على اجازة عمل في اي عمل يقومون به، حتى ولو كان موقتا، موسمياً أو عرضياً، أو كما يعبّر عنه بـ”cash for work” لأن الحصول على إجازة العمل من وزارة العمل هو بمثابة ترخيص للعمل في لبنان ولا علاقة له بطبيعة العمل أو نوعه. لذلك، فإن قانون العمل اللبناني يطبق على علاقات العمل، وعلى عقود العمل واياً كان نوع العمل، موقتاً أو دائماً.
وفي غياب تشريع ينظّم عمل اللاجئين أو اللاجئين على الأراضي اللبنانية، رأت الدراسة الى إنه يمكن سد النقص التشريعي عبر السماح للاجئين السوريين العمل في لبنان وفقاً للقوانين اللبنانية، أي بعد استحصالهم على إجازة عمل استناداً الى أحكام الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين الملحقين به وسائر الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المصادق عليها من لبنان والملزمة له.
واعتبرت الدراسة ان الزام اللاجئين التعهّد بعدم العمل هو الزام باطل وغير قانوني لأنه يخالف النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي الذي يبطل أي التزام يقيد فيه الانسان نفسه عن ممارسة حقوقه المدنية الاقتصادية والطبيعية، والإنسانية بشكل مطلق، كحقه في العمل. ويتناقض التعهد مع احترام لبنان للاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الملحقين به وسائر الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والمصادق عليها من لبنان، لأن حق اللاجئين بالعمل هو من الحقوق الفردية والشخصية التي لا يجوز حرمان الفرد منها، سواء أكان وطنياً أم أجنبياً. لذا يقتضي إعادة صوغ التعهّد ليصبح “التعهّد بالعمل وفقاً لقوانين العمل اللبنانية”.
وبالنسبة الى الاجراءات التي فرضها الأمن العام اللبناني للسماح للسوريين بالدخول إلى لبنان، فإنها تعتبر اجراءات قانونية وتدخل ضمن صلاحياته وتتوافق مع توجهات مجلس الوزراء وسائر الوزارات المعنية التي تهدف الى تقليص عدد النازحين السوريين. لكن من ناحية أخرى، تخالف هذه الاجراءات الاتفاقات الثنائية بين لبنان وسوريا التي لا يجوز تعديلها بإرادة منفردة. وتخالف مبدأ المعاملة بالمثل حيث لا يفرض على اللبناني الذي يود الدخول إلى سوريا للعمل، أن يؤمن أي كفيل سوري له. علما أن القرارات المنظمة لدخول وخروج وإقامة الأجانب في لبنان التي لم تفرض على الرعايا السوريين موجب تأمين أي كفيل لبناني للعمل خلافاً لبقية الأجانب الملزمين ذلك. كذلك تلزم وزارة العمل اللبنانية السوريين بالاستحصال على اجازة عمل من دون اشتراط اي تعهد بالمسؤولية من كفيل لبناني، كما تفرض على الخادمات الاجنبيات.
في ما يتعلق باقتراح انشاء صندوق لاقتطاع جزء مقطوع من اجر العاملين اللاجئين يعاد اليهم عند عودتهم الى سوريا بغية تشجيعهم على العودة، فانه لا يجوز على الاطلاق اقتطاع جزء من الاجر لاكراه الاجير على القيام بأي عمل. فمثل هذا الصندوق يشكل خطراً على مصدر معيشتهم لاسيما في عدم وجود سياسة واضحة عن سبل انشاء الصندوق وآلية عمله وادارته وضمان الحفاظ على موارده واعادتها للاجئين، اضافة الى عدم تحديد الجهات المسؤولة عنه على كل المستويات التنظيمية والادارية والمالية. وذكرت الدراسة ان مشروع انشاء الصندوق يتطلب عرضه من الوزير المختص بعد دراسة وافية لآلية تنفيذه وأبعادها وآثارها على اللاجئين السوريين، لدرسه اخيراً في مجلس الوزراء.