IMLebanon

متى تنتهي المشاكل البنكية للأميركيين من أصل ايراني؟


سوزان بارلين
فتح الاتفاق النووي الباب أمام إمكانية تخفيف معاناة آلاف الأميركيين من أصل إيراني مع الروتين والحسابات المصرفية المغلقة بل والتعرض للمحاكمة الجنائية في سبيل إجراء تعاملات مصرفية وذلك رغم أن من المستبعد فيما يبدو أن يأتي الفرج قريبا.

فمع تحرك واشنطن لتشديد العقوبات على كل التعاملات مع إيران تقريبا في السنوات الأخيرة أصبحت التحويلات المصرفية الدولية – التي يتعامل معها معظم الأميركيين على أنها من المسلمات – محفوفة على نحو متزايد بالمخاطر لنحو نصف مليون أميركي من أصل إيراني.

وأثرت العقوبات بشدة على الأميركيين الإيرانيين وأسرهم ممن يسعون لإرسال تحويلات أو استقبالها إلى أو من الطلبة في الجامعات الأميركية لحاجتهم لسداد مصروفات التعليم أو للأميركيين من أصل إيراني الذين يحاولون تسوية تركات آبائهم المتوفين في إيران.

وقال رضا هدايتي خبير الأشعة في نيويورك الذي لم يتسلم سنتا واحدا من حصيلة بيع بيت كانت أسرته تملكه في إيران “أموالي هناك لكني لا أستطيع استخدامها هنا”.

ومازال هدايتي (70 عاما) الذي انتقل إلى الولايات المتحدة عام 1973 يفكر في الطريقة التي سيخرج بها أمواله من إيران.

ويمثل الاتفاق النووي التاريخي الذي توصلت إليه إيران والقوى العالمية الست الأسبوع الماضي بارقة أمل لأمثال هدايتي. فمن شأنه أن يرفع في نهاية الأمر بعض القيود السارية على تعاملاتهم مع عدة بنوك إيرانية كبرى.

ومازال الحظر التجاري الأميركي يفرض استحالة إجراء تحويلات مباشرة بين البنوك الأميركية والإيرانية لكن هذا التغير قد يفتح الطريق لكي تقوم بنوك أوروبية أو خليجية بدور الوساطة في التحويلات النقدية بين أفراد الأسر في الولايات المتحدة وإيران.

ولأن عددا من العقوبات الأميركية التي لا ترتبط بالقضية النووية سيظل ساريا على إيران فلا تزال البنوك الكبرى تخشى بدرجة كبيرة التعامل مع المؤسسات الإيرانية. وليس من المتوقع أن تخفف الخزانة الأميركية توصيفها للقطاع المالي الإيراني برمته باعتباره “مصدرا أساسيا للقلق فيما يختص بغسل الأموال”.

ومنذ عام 2009 دفعت مجموعة من البنوك أغلبها أوروبية ما يقرب من 14 مليار دولار غرامات عن مخالفة العقوبات ومن هذه البنوك اتش.اس.بي.سي وبي.ان.بي باريبا.

وقال ايتان جيه. فيش المدير المساعد السابق للسياسات في مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية والتي تشرف على تطبيق العقوبات إن بعض المؤسسات المالية الأجنبية سترغب في نهاية المطاف في اختبار الوضع الجديد.

وأضاف فيش الذي يعمل الآن محاميا بشركة سكادن آربس سليت ميجر وفلوم في واشنطن والتي تقدم المشورة للمؤسسات المالية “ستكون عملية بطيئة لكني أعتقد أنها ستحدث”.

في الفخ

وتتطلب بعض التعاملات مثل بيع عقار في إيران الحصول على إذن من مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية الذي يأذن في العادة للبائع بتحويل الحصيلة. ويقول محامون إن الحصول على إذن البيع قد يستغرق ستة أشهر أو فترة أطول وإن المصروفات القانونية تتراوح بين ألفي دولار و12 ألفا.

وقال فرهاد علوي المحامي في واشنطن الذي يساعد الأميركيين من أصل إيراني على تسهيل التحويلات من إيران وإليها إن الكثير من هذه التعاملات ممكنة قانونيا لكنها صعبة للغاية من حيث الترتيبات والإجراءات.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية يصدر التراخيص “على أساس كل حالة على حدة بما يتسق مع السياسة الخارجية والأمن القومي”.

ويتوقف التوقيت على عوامل مثل الأنشطة والعقوبات المرتبطة بها. وذكرت وزارة الخزانة أن مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية اتخذ خطوات لتبسيط العملية.

وكثيرا ما يضطر الأميركيون من أصل إيراني للجوء إلى مكاتب صرافة غير رسمية في دول مثل تركيا والإمارات لتحويل الأموال بين إيران والولايات المتحدة.

ويستخدم الساعون لغسل الأموال وشبكات جرائم أخرى الكثير من هذه المؤسسات الأمر الذي يثير انتباه السلطات المعنية والمسؤولين عن التزام البنوك بالعقوبات ورجال الإدعاء.

وامتنعت عدة بنوك أميركية كبرى عن التعقيب على ما إذا كانت ستغير سياساتها فيما يتعلق بالتعامل مع إيران ومن هذه البنوك بنك أوف أميركا وجيه.بي. مورغان تشيس وسيتي غروب.

وعلق بعض الأميركيين من أصل إيراني في هذا الفخ على مدار سنوات العقوبات.

ففي إحدى الحالات الشهيرة اقتحم ضباط اتحاديون عام 2010 منزل محمود رضا بانكي المهاجر الإيراني الذي حصل على الجنسية الأميركية ويعمل لشركة ماكينزي وشركاه في نيويورك بعد أن تلقى 3.4 مليون دولار من أفراد أسرته في إيران.

وقال إن هذا المبلغ الذي أعلنه في إقراراته الضريبية واستخدم جزءا منه في شراء شقة في نيويورك مصدره تسوية طلاق والدته.

وحرم بانكي البالغ من العمر 39 عاما من إمكانية الإفراج عنه بكفالة وأدين بالتآمر لانتهاك قوانين العقوبات وحكم عليه بالسجن عامين ونصف العام. وألغت محكمة استئناف حكم الإدانة في 2012 لكنه كان قد أمضى 22 شهرا في السجن.

وقال بانكي إنه كان نزيلا في زنزانة عليها حراسة مشددة مع قاتل مدان في فترة من الفترات وإنه مازال يكافح بحثا عن عمل. ومازال لبانكي سجل جنائي لتقديمه بيانات زائفة.

وامتنع متحدث باسم المدعي الأميركي لجنوب نيويورك حيث قدم بانكي للمحاكمة عن التعقيب.

وكانت محنة كثير من الأميركيين من أصل إيراني أقل حدة.

فقد قال المجلس الوطني للأميركيين الإيرانيين إن البعض تمكن من تحويل أموال إلى حساباته في بنوك أميركية ثم فوجئ بإغلاق بنوك أميركية هذه الحسابات من جانب واحد خشية مخالفة قوانين العقوبات.

وقال إحسان لاروفشار (38 عاما ) وهو خبير في الانثروبولوجيا من أورانج بولاية نيو جيرزي إنه جاء للولايات المتحدة عام 2012 من إيران للحصول على درجة الماجستير في نيويورك.

وبعد شهرين اكتشف أن بنك أوف أمريكا جمد حسابه وكان رصيده 18 ألف دولار كانت أسرته قد حولتها له بما يتفق مع القوانين.

وأضاف أنه أمضى شهرين شبه مفلس ثم رد البنك له أمواله ورفض إعادة فتح الحساب. وامتنع البنك عن التعقيب على سبب تجميد الحساب.