هيساو تاناكا، الرئيس التنفيذي لشركة توشيبا، أذعن في انحناءة لمدة 15 ثانية يوم الثلاثاء الماضي، مع تقديم استقالته بسبب فضيحة محاسبية بقيمة 1.2 مليار دولار. تاناكا وسبعة مسؤولين تنفيذيين آخرين تحمّلوا مسؤولية عمليات الخداع التي بدأت في عام 2008. تارو أسو، وزير المالية الياباني، حذّر من أن هذا يُمكن أن يؤدي إلى “فقدان ثقة السوق”.
أسو مُحق في أن الهزيمة خطيرة في واحدة من التكتلات الصناعية الرائدة في اليابان، التي تعتبر على الورق رائدة في إصلاح حوكمة الشركات. فإذا أضيفت هذه الواقعة إلى جانب احتيال بقيمة 1.7 مليار دولار كشفه الرئيس التنفيذي لمجموعة أوليمبوس، مايكل وودفورد، في عام 2011، فإن ذلك يشير إلى أن الشركات اليابانية عُرضة للتلاعب بحساباتها، لكن المساهمين الأجانب لا ينبغي لهم أن يستسلموا ويذهبوا إلى أوطانهم.
العكس هو الصحيح. فهنا فرصة – سواء للتعامل على المكشوف مع الأسهم في الشركات التي ستتعرّض للفضيحة تالياً، أو لشراء أسهم الشركات التي ستضطر لتغيير وسائلها، أو للقيام بكلا الأمرين على التوالي. اليابان سوق غير مثالية وهي بطيئة، ومتعثّرة، لكن تقدّمها الذي لا يقف في وجهه شيء نحو تنظيف سلوك الشركات فيها يوفر هدفاً.
اليابان ليست فريدة في أي من هذا، على الرغم من سلسلة من الفضائح خلال العقدين السابقين في شركات يامايشي للأوراق المالية، وكانيبو، ونيكو كورديال، وليفدور وغيرها.
كانت الولايات المتحدة رائدة مع تجربة شركتي إنرون وشركة وورلدكوم في أوائل العقد الأول من الألفية، والشركات في كثير من البلدان تقلل من مقادير الخسائر في بياناتها المالية، وتتلاعب في تسعير العقود، وتبالغ في حجم الإيرادات.
المديرون في الشركات الأمريكية أو الأوروبية سيتذمرون بتعاطف مع الضغط الذي شعر به المسؤولون التنفيذيون في شركة توشيبا عند مواجهة “التحدّيات” من مكتبهم الرئيسي، لتحقيق أرباح أعلى في موسم النتائج. في “توشيبا”، كان ردّهم هو التلاعب في دفاتر الحسابات، وهو ما ساعد رؤساءهم على إخفاء الضرر الذي ألحقته الأزمة المالية لعام 2008 وزلزال فوكوشيما عام 2011.
الفرق في اليابان هو أن الخسائر تتوارث عبر الأجيال، التي كانت مُخبّأة لمصلحة الرؤساء السابقين. لا يوجد ما يُسمى تصوّر شطب الأقسام ضعيفة الأداء والمشكلات القديمة من قِبل الرؤساء التنفيذيين الجُدد، أي التخلّص علناً من أخطاء الرؤساء السابقين بدلاً من وراثة العبء.
أول شيء كان ينبغي أن يفعله نوريو ساساكي عندما أصبح الرئيس التنفيذي لشركة توشيبا في عام 2009 هو كشف سلفه، أتسوتوشي نيشيدا، الذي بدأ الخداع في عهده. خصوصا أن الاثنين كانا متنافسين، ويكرهان بعضهما البعض، وحتى إنهما اختلفا في مؤتمر صحافي في عام 2013 للإعلان أن ساساكي قد تنحّى عن منصبه ليُصبح نائب الرئيس.
حتى مع وجود دافع وسلاح وفرصة، رفض ساساكي استخدام السكين، وبدلاً من ذلك قبِل بالأمر وعمل توسيع الخداع. إحدى العقبات كانت أن نيشيدا أصبح رئيساً لمجلس الإدارة، وكان حذراً باستمرار – في اليابان، الرئيس القديم لا يُغادر تماما.
كان نيشيدا مستشاراً لشركة توشيبا، وساساكي كان شخصية بارزة في مجلس إدارتها حتى هذا الأسبوع.
الشركات اليابانية أيضاً تُقدّر الولاء والتماسك الاجتماعي. يقول سايمون يونج، زميل زائر في كلية لندن للاقتصاد “هناك علاقة مدى الحياة بين الرؤساء ومرؤوسيهم، فغالباً ما تضع ولاءك طوال حياتك المهنية للشخص الذي أخذك في جولة في المكان عندما دخلت الشركة أول مرة”.
نتيجة لذلك، كثير من إصلاحات حوكمة الشركات التي تُشجّعها حكومة شينزو آبي مُعتمدة نظرياً أكثر مما هي عملياً. هذه تتضمن التحوّل المأمول لمجالس الإدارة من لجان تهتم بنفسها إلى هيئات حيث يلعب المديرون الخارجيون دوراً كبيراً في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وتعيين المسؤولين التنفيذيين والرقابة المالية.
شركة توشيبا مثال واضح على ذلك. إنها شركة كبيرة، وأكبر وأكثر أهمية من شركة أوليمبوس، وكانت تُعتبر رائدة في الإصلاح، من خلال تعيين أعضاء مُستقلين في مجلس الإدارة في عام 2001، وتشكيل لجان مجلس الإدارة، بما في ذلك لجنة التدقيق المخدوعة بسهولة في عام 2003.
اثنان من أعضاء مجلس الإدارة الخارجيين الأربعة كانوا دبلوماسيين سابقين، يفتقرون إلى الخبرة المالية، وبالتالي لم يتغيّر الكثير.
الحكومة تسعى إلى الإصلاح لجذب الاستثمار وتعزيز النمو، لكن قانون الشركات الذي تم إدخاله في حزيران (يونيو) الماضي، يكشف عن غموض اليابان – والشكوك حول أصحاب النظرة التقليدية مثل اتحاد الأعمال الياباني – بشأن تمكين مجالس الإدارة.
يتضمن القانون ضمانات للمديرين بأنه “لا يركز بشكل مُفرط على تجنب أو الحد من المخاطر، أو منع فضائح الشركات”، ويطالب الشركات بتعيين “على الأقل اثنين” من أعضاء مجلس الإدارة المُستقّلين. تحتاج اليابان إلى أن تكون أكثر صرامة من ذلك لمواجهة الفضائح مثل تلك التي في شركتي أوليمبوس وتوشيبا.
اتجاه الرحلة واضح. في شركتي أوليمبوس وتوشيبا، وضع المسؤولون التنفيذيون الولاء الداخلي فوق التزاماتهم تجاه المساهمين، حيث كذبوا بدلاً من قول الحقيقة وقد تم كشفهم في كلتا الحالتين من قِبل المُبلغين، الذين اتخذوا نظرة أوسع بخصوص المسؤولية الإدارية، واحدة مدعومة من الحكومة والجهات التنظيمية.
السوق التي يتم فيها إخفاء الأخطاء لفترة طويلة وفيها المسؤولون التنفيذيون يُكافحون للحفاظ على الخداع، توفّر الفرص فضلاً عن المآزق. قيمة شركة أوليمبوس هي ضعف مقدار ما كانت عليه قبل وقت قصير من الكشف عن الفضيحة في عام 2011، وعشرة أضعاف مقدار ما كانت عليه في أدنى مستوياتها. وضوح الإدارة في شركة توشيبا يوفّر إمكانات مماثلة لإحياء الشركة.
الاستثمار في الأسهم اليابانية هو للأشخاص الشجعان الذين يتحمّلون المخاطر، لكن هذا ليس وقت التراجع. لقد أظهر تاناكا أكثر من الندم هذا الأسبوع، فقد أذعن أيضا للأمر المحتوم.