IMLebanon

إسرائيل تسعى لإيجاد سبل لمواجهة حملة المقاطعة

sodastream-international-logo
كيفين كونولي
هناك طرق كثيرة للتعبير عن الرفض في عالم العلاقات الدولية، بدءا من العقوبات التجارية والقيود المفروضة على السفر ووصولا إلى الحظر على الأسلحة.
لكن لا يمكن القول بأن أيا منها يلقى صدى لدى الجمهور مثل الحملات الناجحة لمقاطعة المنتجات.
وكان القالب الذي يتبعه نشطاء اليوم قد وُضع من قبل نشطاء مناهضة الفصل العنصري الذين كانوا يعملون على إسقاط حكم الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا.
ونجح هؤلاء النشطاء في إقناع العالم بعدم خوض المباريات الرياضية ضد الفرق الجنوب أفريقية – وهو الشيء الذي كانت تكرهه جنوب أفريقيا على وجه الخصوص – لكن الأهم من ذلك أنهم جعلوا ذلك نوعا من أنواع الاختبار الحقيقي لرفض شراء الفاكهة أو النبيذ من جنوب أفريقيا.
قد تكون الآثار الاقتصادية الناجمة عن ذلك أمرا قابلا للنقاش، بيد أن التأثير السياسي كان هائلا، إذ أنه أرسل إشارة إلى نظام الفصل العنصري بأنه ليس جزءا من الأسرة العالمية الجديرة بالاحترام والدول المتقدمة.
ولا يوجد أدنى شك في أن الإحساس الناتج عن العزلة الاقتصادية زاد الضغوط على جنوب أفريقيا لكي تحدث تغييرا.

“تهمة الاستعمار”

يحاول مؤيدو القضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم خلال السنوات الأخيرة ممارسة ضغوط مماثلة للتأثير على إسرائيل، التي تشعر بالغضب الشديد من أي تلميح بالمقارنة بينها وبين نظام الفصل العنصري، وتبحث عن الأدوات الدبلوماسية المناسبة للرد.
يعتقد مايكل ديس، مدير اللجنة الوطنية التابعة للحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، بوضوح بأن التيار يسير في الطريق الذي رسموه من قبل.
ويقول: “هناك مخاوف متنامية داخل إسرائيل من أنها تواجه عزلة دولية مثل تلك التي كانت تواجهها جنوب أفريقيا … إنه لشيء مثير للاهتمام حقا أنه بعد 10 سنوات فقط نجح الضغط الذي نمارسه لإجبار العديد من الإسرائيليين العاديين للتساؤل عما إذا كان الاستعمار الإسرائيلي قادرا على الاستمرار على المدى الطويل بشكله الحالي.”
ينظر الإسرائيليون إلى كلمة “استعمار” على أنها كلمة استفزازية في هذا السياق لأنها تشبه الاستيطان الصهيوني في الأراضي المقدسة بالاحتلال الأوروبي في أفريقيا وآسيا وأماكن أخرى في القرون السابقة.
يقول الإسرائيليون إنهم يستعيدون حقا قديما في تلك الأرض، ولذا ينبغي إلا ينظر إليهم على أنهم جزء من تاريخ الاستعمار.

ليس من السهل أن تقيس الآثار المترتبة على المقاطعة. فإذا قرر المستهلكون عدم شراء المنتجات الإسرائيلية، على سبيل المثال، فمن الصعب التأكد مما إذا كانوا يتخذون خيارا سياسيا أو أنهم لجأوا لذلك بسبب ارتفاع الأسعار أو لأنهم وجدوا بديلا.
لكن الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل تقول إنه بإمكانها الإشارة إلى نجاحات واضحة.
وتعتقد الحركة أنها أجبرت شركة “فيوليا” الفرنسية للبنية التحتية على سحب استثماراتها من السوق الإسرائيلية عن طريق حملة شعبية تطالب على سبيل المثال دافعي الضرائب المحليين في أوروبا بإقناع مجالسهم بعدم الاستثمار في الشركة لأنها تعمل في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
وتعتبر تلك المستوطنات في معظم تفسيرات القانون الدولي بطبيعة الحال – وإن لم يكن في تفسيرات إسرائيل – غير قانونية ومطلوبة لإقامة دولة فلسطينية.
وأصدرت شركة “فيوليا” بيانا صحفيا رسميا آنذاك يقول إن قرار سحب استثماراتها جاء نتيجة بيع أعمالها في إسرائيل كجزء من استراتيجية للحد من الديون المتراكمة على الشركة، لكن نشطاء بالحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل ليس لديهم أدنى شك في أن ما حدث كان انتصارا بالنسبة لهم.

ضد إسرائيل

إحدى الشركات التي لن تغلق أو تنقل مقرها نتيجة الضغوط السياسية الخارجية هي شركة لتصنيع النبيذ مملوكة لياكوف بيرغ في مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية المحتلة، أو يهودا والسامرة، كما يفضل ياكوف أن يسميها، وفقا للأسماء التوراتية للمنطقة للتأكيد على صلتها القديمة باليهود.
يرفض ياكوف الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل ويرى أنها ببساطة استمرار للعداء التقليدي لإسرائيل ويهود العالم ولكن بشكل معاصر.
وقال لبي بي سي: “لا أعتقد حقا أن كل تلك الحركات المطالبة بمقاطعة إسرائيل تهتم بالإنسان أو بحقوق الإنسان، ولكن يبدو أنها أداة لأعدائنا الذين اعتادوا على محاربة اسرائيل في ساحة المعركة.”
وأضاف: “الجميع يدرك الآن أنهم سيخسرون على أرض المعركة. لقد حاولوا مرة واثنين وخمس مرات، ولذا هم يقولون الآن ‘أقول لك، دعونا نحاربهم في الاقتصاد [بدلا من ذلك]”.

يعتبر ياكوف نفسه رب عمل جيدا للموظفين الفلسطينيين، ويؤكد أن من دونه لن يكون لديهم وظائف، وهو ما يصفه النشطاء في حركة المطالبة بمقاطعة إسرائيل بالتعالي والخداع.
لكن ياكوف، مثل كثير من الإسرائيليين، مقتنع بأن الهدف من حركة المطالبة بمقاطعة إسرائيل هو إيذاء الإسرائيليين، وليس مساعدة الفلسطينيين.
ويقول بتحدي: “أنت تريد أن تساعد الفلسطينيين حقا؟، هيا اذهب وساعدهم. دعونا نقول أن الفلسطينيين بدأوا في إنتاج النبيذ، هيا اشتروا منتجاتهم؟”

ما وراء المستوطنات

من الأهمية بمكان أن نعرف حجم المقاطعة بالضبط.
تسعى بعض الجماعات لاستهداف الشركات الإسرائيلية الموجودة في الضفة الغربية، أو تلك التي تصدر الفاكهة والخضروات المزروعة هناك.
ويرى آخرون، بما في ذلك مايكل ديس، أن هذا ليس كافيا، ويقول: “الدعوة الفلسطينية تطالب بمقاطعة جميع المنتجات الإسرائيلية.”
وقال لبي بي سي: “نعرف أن البعض يشعر بالراحة لمقاطعة المنتجات التي تأتي من المستوطنات، وهو موقف نتفهمه ويمكن أن نتعاطف معه.”
وأضاف: “المشكلة تكمن في أن الشركات الإسرائيلية دائما ما تكذب بشأن المكان القادم منه منتجاتها، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة الآمنة لتجنب شراء منتجات من المستوطنات هي مقاطعة شراء المنتجات الإسرائيلية تماما.”

وهذا هو المنطق الذي يثير غضب نائبة وزير الخارجية الاسرائيلية، تسيبي هوتوفلي، التي ترى أن دعوات مقاطعة إسرائيل معادية للسامية، وتؤكد أن ذوي النوايا الحسنة حول العالم ينساقون وراء الحركات المطالبة بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
وتضيف لبي بي سي: “إنهم لا يهتمون بالمستوطنات ولا يهتمون بالحدود. كل ما يهمهم هو أنه لا ينبغي أن تقوم إسرائيل كدولة يهودية”.

تمييز

تدرس الحكومة الإسرائيلية وبعض أنصارها بالخارج سبل مواجهة الحركات المطالبة بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، لكن من الصعب على الحكومة مواجهة هذا النوع من الحملات الشعبية.
ويشعر كثير من الاسرائيليين بالظلم بسبب التمييز ضد بلادهم التي تواجه هذا النوع من الحملات، في حين لا يوجد اهتمام مماثل بالمحتجين وقضايا حقوق الإنسان في دول مجاورة مثل إيران وسوريا والمملكة العربية السعودية.
لكن الحقيقة هي أن إسرائيل باتت محور حملة قوية ومستمرة ويتعين عليها أن تجد وسيلة لاستعادة التعاطف الشعبي معها، وهو ما يعد شيئا صعبا في تلك البلدان الأوروبية التي تحظى فيها القضية الفلسطينية بتعاطف شعبي كبير.
ويمكن توقع أن تكون دعوات المقاطعة أحد القضايا الرئيسية بين إسرائيل ومنتقديها خلال السنوات القادمة.