IMLebanon

الثلثاء الحكومي..احتواء أم انفجار!

tamam-salam-government

 

ذكرت مصادر وزارية قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام، انه ابلغ القوى السياسية أنه “وصل إلى الخطّ الأحمر” بسبب عمل الحكومة.

وما “يصدم” سلام هو تخلّي الحلفاء عنه، فالنائب وليد جنبلاط كان وعده بالعمل على منع إقفال مطمر الناعمة إلى حين الانتهاء من المناقصات، ولم يفعل! كذلك لم “يتدخل الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ووزارة الداخلية للقيام بخطوات عملية”، إضافة إلى اتهام سلام “التيار الوطني الحر” بـ”الإصرار على منع القرارات العملانية”، فيما اعتبر مقربون من سلام زيارة وزير البيئة محمد المشنوق أمس إلى بيت الكتائب “رسالة إلى الآخرين”.

وتقول المصادر لصحيفة “الأخبار” إن “الرئيس لن يحتمل طويلاً هذا الاستخفاف بحياة المواطنين في ملف النفايات، في الوقت الذي تقوم فيه القوى السياسية بترك وزير البيئة محمد المشنوق وحيداً”. وتقول المصادر إن من “الواجب إعلان حالة طوارئ في البلاد، لأن هذا هو الدرك الأسفل، أن تطمر النفايات العاصمة”. ويبدو تهديد سلام بالاستقالة، وليس بالاعتكاف، جدياً، إذا استمر “العقم” في حلّ أزمتي النفايات وآلية عمل الحكومة أكثر، وهو ما تؤكّده مصادر وزارية أخرى في قوى 14 و8 آذار معاً، تواصلت مع الرئيس خلال اليومين الماضيين.

وتشير مصادر وزارية الى ان “الاتصالات التي سبقت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة نجحت في تأخير استقالة سلام”، إلا أنها “آتية لا محالة، في حال استمر الوضع على ما هو عليه”، مشيرةً إلى أنه “لا اتصالات جدية تجري على هذا الصعيد، بل تمنيات يتلقاها رئيس الحكومة من أطراف داخلية وخارجية تحاول إقناعه بالتروّي والتحمّل على أمل أن تفرج قريباً”. وأشارت المصادر إلى أن “ما يحصل في الحكومة تجاوز أصول التعامل مع رئيسها”، وهو “قال لوزراء في الحكومة تحدثوا إليه أمس، إن استقالته هي الرد الوحيد على التعطيل الذي يحاول بعض الأطراف فرضه على العمل الحكومي”، وهو أكد أن هذه “الاستقالة باتت قريبة جداً في حال لم يتم التجاوب معه، وأنه سينتظر يوم الثلاثاء المقبل ليرى أجواء جلسة الحكومة المقرر عقدها”.

وأشارت المصادر إلى أن “سلام لم يعد بمقدوره التحمل والانتظار، خصوصاً بعد أن بلغت مشكلة النفايات حداً لا يمكن السكوت عنه، وهناك أطراف لا تريد تحمل مسؤولياتها، غير آبهة بتأثير هذا الملف على الشعب اللبناني”. ونفت المصادر وجود مبادرات يقوم بها أي طرف، مؤكّدة أن “كل الكلام مع سلام لا يتعدى كونه نوعاً من محاولات لتبريد أعصاب رئيس الحكومة”.

من جهتها، ذكرت صحيفة “النهار” عن اوساط وزارية مطلعة ان ثمة مساعي جدية لتعطيل لغم الآلية الحكومية قبل انفجاره في جلسة الثلثاء لان الجميع باتوا يدركون ان الرئيس تمام سلام قد “طفحت كأسه” على رغم ان موقفه يحظى بتأييد غالبية مكونات الحكومة، ولكن المضي في لعبة التعطيل بات يشكل بالنسبة اليه مخططا واضحا لشل الحكومة وفي هذه الحال فهو لن يقبل ان يغطي هذه الخطة ما دامت مفاعيلها آيلة الى تحويل واقع الحكومة الى تصريف اعمال مقنع.

واشارت الاوساط الى ان المهلة المتبقية لجلسة الثلثاء يفترض ان تشهد جهودا مختلفة تماما عن تلك التي سبقت الجلسة الاخيرة التي بقي كل شيء بعدها على حاله والا فان رئيس الوزراء لن يكون مستعدا لتلقي كرة النار التي يراد للحكومة ان تتآكل فوقها وخصوصا مع تصاعد النقمة الشعبية الى ذروتها جراء أزمة النفايات التي حال تعطيل الحكومة دون التصدي لها بالسرعة اللازمة.

إلى ذلك، حذّرت أوساط الرئيس تمام سلام من استمرار البعض باللعب على حافّة الهاوية لأنّ البلد لا يتحمّل مناورات من هذا الشكل قد تقضي على آخر مقوّمات المؤسسات الدستورية.

وأبدَت المصادر لصحيفة ”الجمهورية” ثقتها بأن تُفضي الإتصالات الجارية على أكثر من مستوى الى ترطيب الأجواء لئلّا يؤدي تجميد العمل الحكومي الى شلل غير محمود يمتد من الشغور الرئاسي الى الشلل النيابي فتجميد العمل الحكومي، وهو ما يؤدي الى فلتان غير محسوب النتائج لا يتحّمل مسؤوليته سوى السّاعين الى إدارة البلد بوسائل سلبية تحت شعارات واهية لم تقنع احداً الى اليوم لأنه لم يستطع أحد وضعها إلّا في خانة الكيدية السياسية ولأهداف لا يتلاقى حولها عدد كبير من مكوّنات الحكومة واللبنانيين”.

وقالت مصادر وزارية تتابع حركة الإتصالات لـ”الجمهورية” انه من المُبكر البحث من اليوم عن مصير الحكومة في جلسة الثلثاء ولا حاجة للندب والتشاؤم. فالتطورات المتسارعة في المنطقة وحجم الإتصالات الجارية ستضعان حدوداً لجموح البعض باتجاه تطيير الحكومة بالحد الأقصى او تجميد العمل فيها على الأقل.

ولفتت المصادر الى انّ الحديث عن استقالة رئيس الحكومة لا تتحمّل مسؤوليته أوساط رئيس الحكومة، ذلك انّ مثل هذه الخطوة عملية انتحار موصوفة لوَطن وليس لشخص رئيس الحكومة ومَن معه من الوزراء الذين أكّدوا حرصهم على الحد الأدنى من التضامن الحكومي الهَشّ أصلاً.

وقالت: “انّ المشكلة في الموضوع لا تقف عند خطوة دستورية مَحضة، فالجهة التي يمكن ان ترفع اليها هذه الإستقالة لقبولها والطلب اليها الإستمرار في تصريف الأعمال كما يقول الدستور غير موجودة طالما انّ رئيس الجمهورية الذي أنيطَت به هذه الصلاحية الشخصية والفردية لا يمكن تجييرها لأحد بما فيها الحكومة مجتمعة التي تتولى تصريف اعمال الرئيس وكالة في العديد من الصلاحيات التي لا تتجاوز ما هو عام منها الى ما هو شخصي”.

وإزاء تشاؤم البعض قالت المصادر انّ عدداً من الوزراء والقيادات السياسية يمكنها ان تعبّر عن آرائها وتَوقّع ما يمكن ان تؤدي اليه تصرفات البعض، إلّا انها لا تمتلك صفة النطق باسم رئيس الحكومة ومكونات عدة منها تراهن على وَعي الأقلية لخطورة استمرار العمل السياسي الكيدي الذي يؤدي الى شَلّ الحكومة في لحظة من اللحظات.

واشارت الى انّ حركة الإتصالات التي توسعت في الساعات الماضية وستستمر في مقبل الأيام ستُثمِر في النتيجة ضبطاً للتطورات والمواقف الحكومية ولا بد ان تحمل الجلسة مخرجاً ما، ذلك انّ مواجهة الإستحقاقات المقبلة على مستوى التعيينات العسكرية في قيادة الجيش ستُوقِف البحث في الآلية الحكومية لتفتح الحديث من جديد حول مسألة التمديد او تعيين البدائل في المواقع العسكرية الأربعة التي ستشغر في المرحلة المقبلة، بدءاً من رئيس الأركان في الجيش في 7 آب المقبل وصولاً الى مدير المخابرات في 20 ايلول المقبل وقائد الجيش في 23 منه وما بينهما مصير اللواء محمد خير الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، والذي أنيطت به مهمة رئاسة الهيئة العليا للإغاثة منذ فترة.

واكّد المرجع الدستوري الدكتور حسن الرفاعي لـصحيفة ”الجمهورية” أنّ “استقالة رئيس الحكومة بالأساس هي مضرّة لمجرى الحياة السياسية في لبنان، علماً انّ حكومة تصريف الاعمال في حالتنا الحاضرة يمكنها ان تجري استشارات لاختيار رئيس الجمهورية”، لافتاً الى انه “بمجرد ان يتلفّظ رئيس الحكومة بالاستقالة يُعيد الثقة الى من أعطاه إيّاها، أي الى مجلس النواب، فتكون الاستقالة واقعة في موقعها الدستوري”.

الّا انّ الرفاعي اقترح على رئيس الحكومة تمام سلام ان يؤلف لجنة من المختصّين في القضاء الاداري والدستوري، وفي طليعتهم الدكتور جوزف شاوول، فتقرر اللجنة كيفية قيام الحكومة باتخاذ القرارات اثناء قيامها بصلاحيات رئيس الجمهوية بالوكالة.

ورأى الرفاعي انّ ممارسات الوزراء الذين يعتبرون ان مجلس الوزراء القائم بالوكالة بصلاحيات رئيس الجمهورية تُتخَذ بالاجماع هو خطأ دستوري كبير، فالقرارات تؤخذ بغياب رئيس الجمهورية كما لو كان حاضراً، أي انّ هناك قرارات تستوجب موافقة ثلثي عدد مجلس الوزراء، وهناك قرارات يُكتفى فيها بالأكثرية المطلقة، اي النصف + 1. فهؤلاء الوزراء مارسوا وفرضوا نظريات تُخالِف كلياً ما اتفق عليه فُقهاً واجتهاداً ودستوراً.

الحكومة التي تقوم بالوكالة بصلاحيات رئيس الجمهورية لها كامل الصلاحيات، باستثناء إرسال رسائل الى مجلس النواب او حلّ مجلس النواب. أمّا ما تبقّى، فالحكومة تتصرف وتتخذ القرارات وكأنّ رئيس الجمهورية موجود، ومن يخالف من الوزراء رأي الاكثرية، أكانت اكثرية الثلثين أم اكثرية النصف+1، إمّا ان يرضخ أو يستقيل”.

صحيفة “السفير” كتبت أنه من الآن وحتى موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، يفترض أن يتحدد مسار الرياح، التي تضرب الحكومة، إن في اتجاه احتوائها، او في اتجاه تفاعل الالتهابات السياسية في داخلها، التي ضيّقت صدر رئيس الحكومة تمام سلام منها، وحملته على التلويح بخطوات يضع فيها الجميع امام مسؤولياتهم، على ما تقول أوساطه.