IMLebanon

الركود الاقتصادي في أميركا الجنوبية من جديد

RecessionEcon
سمير التنير
شهدت أميركا الجنوبية في العقود الماضية نمواً اقتصادياً قوياً وانخفاضاً في نسبة الفقر، وزيادة في أعداد الطبقات المتوسطة. ولكن ذلك لم يعد يعوّل عليه، فالاقتصادات الناشئة لم تعد اليوم، كما كانت بالأمس… يضع صندوق النقد الدولي نسبة النمو للعام 2015 بحوالي 0.9 في المئة. وهذا الانخفاض يتمّ للسنة الخامسة على التوالي. وتضع بعض الاقتصادات نسبة النمو بحو 2 في المئة. وهي نصف نسبة النمو الاقتصادي التي درجت تلك الاقتصادات على تحقيقها في السابق.
ما الذي حدث؟ الجواب مختصر جداً. لقد نهضت تلك الاقتصادات، بسبب حاجة الصين، في فترة بناء صناعاتها لاستيراد المعادن وفول الصويا والنفط الخام. ولكن ذلك انتهى الآن، لقد عادت دول القارة الجنوبية إلى تحقيق نسبة نمو معتادة ومستقرة على 2.4 في المئة.
تواجه البرازيل مشاكل اقتصادية صعبة. وستسجل نسبة النمو 1.2ـ هبوطاً. كما سترتفع نسبة البطالة، أما في الارجنتين فسيستمر النمو البطيء. كما سترتفع نسبة التضخم إلى رقمين، وفي فنزويلا سينخفض النمو إلى 7ـ في المئة.
لم تضع سنوات النهوض الاقتصادي هباء. إنما لم تتم رسملتها كما يجب. لقد أنفقت الاحتياطات النقدية على الاستهلاك وعلى الاستيراد. وعلى عكس ما جرى للاقتصادات الآسيوية التي بنت قوتها على الصادرات الصناعية وعلى الاستثمارات وعلى إقامة البنية التحتية، التي مهدت الطريق للنمو في المستقبل.
تعرف اقتصادات القارة الأميركية الجنوبية باستثماراتها المنخفضة تقليدياً. وقد واجهت الأزمة المالية الكبرى التي حدثت بين 2008ـ 2009، بمالية عامة قوية وباحتياطات مرتفعة من النقد الأجنبي. ولذلك كانت خسائرها محدودة. وقد حوّل السياسيون ذلك النجاح لمصالحهم، ولم تتم الاستفادة منه. ولا يعرف السياسيون الآن كيفية مواجهة الازمة الحالية.
لإعادة نسبة النمو المرتفعة، على بلدان القارة معالجة ضعفها الهيكلي، وزيادة صادراتها، وتنويع أنشطة الاقتصاد، والعمل بفعالية لأن شركاتها غير منتجة بما فيه الكفاية. ان صعود الاقتصاد الصيني والاقتصادات الناشئة الأخرى، والاستيراد الكثيف لصادرات اميركا الجنوبية، جعل عملاتها تقدر بأكثر من قيمتها الحقيقية. كما ان الادخار في القارة منخفض، إذ يساوي 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. في حين ان النسبة العالمية هي 30 في المئة.
أمام دول القارة الأميركية الجنوبية فرصة لزيادة صادراتها وتنويعها، عبر دمج رأس المال بالعمل المنتج وإعداد المهارات، إضافة إلى إنشاء تكامل اقتصادي. فرصة صعبة، ولكنها ضرورية.