IMLebanon

فتوح أكد دخول اليونان في نفق تراكم الديون: إما النجاح في 3 سنوات أو الخروج من اليورو

GreeceEuro3
أكد الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، أن “اليونان دخلت بعد الإتفاقية الموقعة بين الجهات الدائنة مرحلة جديدة قياسا لما عانته في الأشهر الأخيرة، لكنها حالة إستمرارية لبرنامجين من المساعدات منذ 2010 (بداية إنفجار الأزمة)”، مشيرا إلى أن “البرنامج الثالث الذي قدمته الجهات الدائنة منتصف هذا الشهر والذي يتراوح حجمه بين 82 و 86 مليار يورو مدته 3 أعوام، ومن ضمن هذا المبلغ تم تخصيص ما بين 16 و 26 مليارا للمصارف اليونانية، التي تعتبر في صلب أزمة المديونية”.

واعتبر أن “الشروط التي وضعتها المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي هذه المرة، تعتبر أشد قساوة من الشروط السابقة، التي حصلت اليونان بموجبها على دفعتين من المساعدات منذ 2010، وشكلت هذه الشروط إمتحانا صعبا لحكومة تعتبر نفسها المخلص من قيود الدائنين والعودة بالشعب اليوناني إلى حرية القرار”.

وقال فتوح: “ان الظروف سارت عكس هذا الواقع، الذي نادى به حزب اليسار المتشدد، والذي يتزعمه رئيس الحكومة اليكسيس تسيبراس، حيث قاد حملته الإنتخابية بناء على وعوده، بأن يحرر البلاد من شروط الخارج المتعلقة بمد البلاد بالقروض، والعمل على تقوية الإقتصاد بالوسائل المتاحة في البلاد”، مضيفا: “لكن ما نراه اليوم، هو تنازل من قبل رئيس الحكومة، وخيبة أمل لدى البعض من مناصريه نوابا وشعبا، لأنه ربما يريد أن تنجح تجربة أول حكومة يسارية ومتشددة في إنقاذ البلاد، ضمن إقتراحات طرحتها حكومته، وتم التفاوض عليها مع الدائنين، التي خضعت لبعض التعديلات”.

وشدد على أن “الجولة الثالثة من المساعدات لليونان لن تمر دون تحديات لكل من الطرفين (اليونان والجهات الدائنة). فاليونان اليوم على مفترق الطرق، إما أن تنجح هذه المرة في مدة أقصاها 3 سنوات، وإما الخروج من عضوية اليورو فعلا في حال الفشل، بعدما تردد هذا السيناريو قبل التوقيع على إتفاقية المساعدة الأخيرة”.

وقال: “من جملة الشروط القاسية الذي فرضتها الجهات الدائنة هذه المرة، رفع الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، بعشر نقاط إضافية إلى 23 في المئة، وإعادة النظر في نسبة رواتب التقاعد (واليونان من بين الدول الأكثر سخاء في هذه الرواتب)، كذلك إصلاحات داخلية تتعلق بشق المساعدات الإجتماعية، وهذا يضاف إلى القرارات التي إعتمدتها حكومات اليونان السابقة، منذ إندلاع الأزمة بينها تخفيض رواتب الموظفين”.

وأضاف: “على هذا النحو المختصر للمديونية اليونانية، قد تكون المرحلة الجديدة اليوم بمثابة الفرصة الأخيرة لتعويم اليونان والخروج من ورطة لا سابق لها في منطقة اليورو، وربما كان من الخطأ إدخال هذا البلد في عضوية الإتحاد النقدي من البداية. وربما يكون القرار بإخراجها من اليورو هذه المرة، وإعتماد سياسة تأخير وقوع أزمة الخروج لفترة حتى تتعافى بلدان أخرى متداعية في المنطقة، حينها يكون خروج اليونان أسهل على الإتحاد النقدي الأوروبي”.

وتابع: “من جملة الديون المترتبة على اليونان يعود قرابة 44 مليار يورو لفرنسا، وعلى هذا النحو بينت دراسة إحصائية فرنسية مؤخرا، أن فرنسا في حال قررت شطب ديونها المستحقة على اليونان، فسيترتب على كل فرنسي دفع 1300 يورو، بمعنى أن فرنسا قد تلجأ لسياسة إقتصادية إجتماعية، تساعدها على تعويض ما خسرته في اليونان من مواطنيها وبأساليب متعددة، قد تضر بالقدرة الشرائية للمواطن الفرنسي، واليونان مدينة أيضا لألمانيا بنحو 68 مليار يورو، كذلك الأمر فإنّ إيطاليا متورطة بحدود 38.5 مليارات يورو من ديون اليونان وإسبانيا بحدود 25 مليارا، وهذان البلدان يمران في ظروف مديونية صعبة مسبقا، مع فارق أن إسبانيا تتقدم نحو التعافي في خطوات أسرع من خطوات إيطاليا”.

وأردف قائلا: “على صعيد المؤسسات الدولية والأوروبية، فإن المصرف المركزي الأوروبي مد اليونان بقروض حتى من قبل الحزمة الثالثة بمقدار 18 مليار يورو، وصندوق النقد الدولي بنحو 21.5 مليارات ونصف المليار يورو. وتخلفت اليونان في حزيران الفائت عن دفع قسط من ديونها للصندوق قاربت المليار ونصف المليار يورو، وتقدمت الحكومة اليونانية في 24 الجاري، بطلب رسمي من صندوق النقد الدولي لمدها بقروض جديدة. أما المصرف المركزي الأوروبي فيعتبر نفسه المشرف الأساسي والراعي لدول منطقة اليورو، فيحتفظ لنفسه بأن يقرر حجم المساعدة في كل حزمة يتم إقرارها لليونان”، لافتا إلى انه “مع الحزمة الجديدة التي تم الإتفاق عليها بين اليونان والجهات الدائنة، قد يدخل البلد مجددا نفق الركود بعدما إستطاع أن يخرج منه هذا العام، وبعد 6 سنوات من الصراع مع عجز المديونية والموازنة، حيث إستطاعت اليونان أن تحقق في الفصل الأول من 2015 نسبة نمو قاربت 0.8%”.

وأضاف فتوح: “اختارت الجهات الدائنة هذه المرة أحلى الأمرين، وأصبحت اليونان اليوم في حكم المتخلف عن السداد، والواضح من الإتفاقية الجديدة أن الحكومة دخلت فصلا جديدا من تراكم الديون، ما يثير مسألة حساسة ألا وهي ما هو النفع من مد اليونان بالمزيد من القروض إذا كان المستقبل واضحا من الآن في إحتمال فشل خطة التقشف الثالثة في مجتمع متناقض سياسيا وإجتماعيا”.

وذكر بأن “الجهات الدائنة وجدت نفسها محرجة للغاية، وفي الظروف الحالية حيث تعبر منطقة اليورو مرحلة إستحقاق وصراع مع الزمن، لتستعيد الدول المتأزمة عافيتها. كذلك وجدت نفسها رغم تناقض الآراء (الفرنسية الداعمة لإنقاذ اليونان والألمانية الرافضة لذلك) أمام خيارين: إما إنقاذ اليونان بشتى الوسائل وضمن شروط وتحمل تداعيات ومخاطر هذا الإنقاذ، وإما العمل على إخراج هذا البلد من منطقة العملة الموحدة، وبالتالي، تبعات هذا القرار إقتصاديا وسياسيا ونقديا”، متسائلا: “أيهما أقل تكلفة على الدائنيين، إنقاذ اليونان مع الشك مسبقا بنجاح هذا البلد في تخطي الصعاب؟، أم تركه مع مصائبه يخرج من عضوية اليورو، علما أن اليونان لا ترغب في هذا الخروج؟”.

وختم: “أن القرار الأخير الذي ترجم بالتوقيع على الإتفاقية بين الطرفين لدعم اليونان، قد يكون أقل تكلفة على الجهات الدائنة من النواحي الثلاث السياسية والإقتصادية والنقدية”.