IMLebanon

«الفيدرالي» وبنك إنجلترا يتقدّمان سباق أسعار الفائدة

InterestRates2

روجر بليتز

البنوك المركزية بدأت تشبه سائقي الـ “فورميولا وان” للموسم الحالي؛ اثنان يتصدران ويهيمنان على الميدان والباقي يتابع في أعقابهما.
في عالم العملات الأجنبية، عملتيهما كانتا تقومان بتحديد ما يعادل الأوقات الدورية الجذابة. في الشهرين الماضيين، مؤشر الاسترليني، عند قياسه مقابل مجموعة من العملات، ارتفع بنسبة 4.6 في المائة، ومعادله الدولار ارتفع نحو 4 في المائة.
وتعتقد الأسواق أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يرفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، وبنك إنجلترا في أوائل عام 2016. وماذا بعد؟ من الصعب العثور على مختص استراتيجية عملات واحد يتوقع زيادة أسعار الفائدة من قبل بنك آخر في مجموعة العشر قبل عام 2017.
وبحلول ذلك الوقت، سوف يكون الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا قد تقدما على ما يعادلهما في مجموعة العشر عدة مرات مع مزيد من الارتفاعات.
“إنه انتظار طويل”، بحسب كيت جاكيس، المحلل الاستراتيجي للعملات الأجنبية في سوسييتيه جنرال، الذي يتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في عام 2018 وبنك اليابان “في وقت أبعد من ذلك”.
لكن في سوق السندات، كانت هناك استجابة هادئة لتوقعات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. هناك فرق واحد كبير في الوقت الراهن هو كيف يتوقع متداولو السندات تحول الوتيرة المتواضعة لأسعار الفائدة في الأعوام المقبلة من المستويات المنخفضة الحالية التي تحافظ عليها البنوك المركزية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
في بعض الدورات السابقة، كانت استجابة أسواق أسعار الفائدة أكثر حماسا لتوقعات تشديد البنك المركزي، مثل عام 2004، عندما بدأت الحقبة السابقة من تشديد سياسة الولايات المتحدة.
يقول جاكيس، إن السوق “أقل حماسا بشأن زيادات أسعار الفائدة مما كانت عليه تماما قبل الارتفاع الأول في عام 2004”.
لماذا؟ يذكر مختصو استراتيجية العملات أنه في عدة مناسبات في الأعوام الحالية، تسارعت السوق مع توقعات ارتفاع أسعار الفائدة، لكن سرعان ما اضطرت للتوقف مع تراجع التوقعات.
لذلك يستنتج مختصو الاستراتيجية أنه ليس من المستغرب إذا نظر المستثمرون إلى الآراء المتشددة الأخيرة من كل من الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا بنوع من التشكك.
يقول جاكيس: “كانت لدينا بدايات خاطئة لا تحصى وتأخير لدورة أسعار الفائدة، وهذا ما يعني حتما أن أسواق السندات وأسعار الفائدة حذرة جدا في وضع أسعارها”.
نعم، كان هناك تغيير ملحوظ في أسلوب خطاب كلا البنكين المركزيين هذا الشهر، وذلك وفقا لستيفين إنجلاندر، الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في سيتي جروب “لكن المستثمرين تضرروا عدة مرات بحيث يعتبرون الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا مثل لوسي، دائما تأخذ الكرة بعيدا عن تشارلي براون”.
“لذلك هناك قناعة أكثر في الأسواق أن الارتفاعات مقبلة، لكن لا تزال هناك وجهة نظر مهمة مفادها أن البنوك المركزية ستجد في اللحظة الأخيرة سببا لعدم الإقدام على ذلك”.
وهناك عوامل أخرى تلقي بثقلها على عائدات السندات، من بينها الطبيعة المنخفضة للتضخم عالميا وبرنامج التحفيز الذي أصدره البنك المركزي الأوروبي.
يقول كمال شارما، مختص استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشر في بانك أوف أميركا ميريل لينش: “عائدات سندات الخزانة الأمريكية كانت مدفوعة من خلفية السندات العالمية أكثر من توقعات أسعار الفائدة للبنك الاحتياطي”.
وكان التضخم العالمي وبرنامج التسهيل الكمي “المحركين الأكثر حضورا” بالنسبة لعائدات السندات الأمريكية، يليهما الاقتصاد الأمريكي البطيء.
ويضيف شارما: “الآراء في سوق السندات كانت موازنة البيانات الاقتصادية الضعيفة مع إصرار الاحتياطي الفيدرالي على أنه كان على حافة دورة تشديد”.
والافتراض هو أنه مع تأكيد الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا عزمهما على رفع أسعار الفائدة وتعزيز البيانات الاقتصادية، فإن العائدات ستتماشى مع توقعات أسعار الفائدة – لكن عليهما القيام بذلك بسرعة أكبر مما فعلا في الفترة التي سبقت دورة رفع أسعار الفائدة الأخيرة.
ويقول إنجلاندر: “الفارق الكبير مقارنة بعام 2004 هو مدى الجهد الذي يبذله الاحتياطي الفيدرالي لتخفيض التوقعات”. ويتابع: “لذلك بينما (…) كانت بداية دورة الارتفاع في الماضي بمنزلة تأكيد لتوقعات السوق، نعتقد أن سوق العملات الأجنبية وسوق الدخل الثابت ستضطران لتعديل توقعاتهما في اتجاه أكثر حدة”.
وهذا يثير احتمال وجود عدد قليل من تحولات السوق عن المسار في حال ظهرت العوائق على طريق رفع أسعار الفائدة. ووفقا لإيان ستانارد، مختص استراتيجية العملات الأجنبية في مورجان ستانلي، السوق تركز على تدفق البيانات الإيجابي. ويقول: “نظرا لأننا نقترب أكثر [إلى ارتفاعات أسعار الفائدة]، فإن الصدمات السلبية سوف تؤدي إلى استجابة السوق الأكبر”.
وهناك العديد من الأمور المجهولة التي ستأتي، ولا سيما كيف سيكون أداء الدولار والاسترليني على أي من جانبي ارتفاع أسعار الفائدة.
وربما تكون هناك رياح عكسية بالنسبة للاسترليني، مثل حجم عجز الحساب الجاري في المملكة المتحدة ومستقبل عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
ويشير شارما إلى أن الدولار يميل إلى الارتفاع أثناء دخوله دورة تشديد ويستقر عندما ترتفع أسعار الفائدة. لكنه يتساءل: “من سيكون هناك غيره ليرفع أسعار الفائدة، باستثناء بنك إنجلترا؟”.
سوف تحتاج السوق إلى قدرة على الإبصار مثل قدرة الليزر لاكتشاف النمو التالي وفرص الاستثمار. وبالنسبة للاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا، فقد دخلا في سباق يمكن أن يخسرا فيه أمام الآخرين.