IMLebanon

العراق يعيد هيكلة الرواتب الحكوميّة

central-bank-iraq
نصير الحسون
بلغ إجمالي النفقات التشغيلية التي على الحكومة العراقية تأمينها سنوياً، 70 تريليون دينار (60 بليون دولار) لأكثر من 5.2 مليون موظف ومتقاعد، تضاف إليها النفقات الحربية لتمويل المعركة مع تنظيم «داعش» الذي كلّف العراق، وفق تقديرات خبراء، نحو 100 بليون دولار خلال الأشهر الـ14 الماضية. وأظهرت التقديرات الأولية لوزارة النفط، أن إجمالي الإيرادات النفطية لن يتجاوز 60 بليون دولار خلال العام الحالي، في حال بقيت أسعار النفط فوق 50 دولاراً للبرميل حتى نهاية العام.
وقرر مجلس الوزراء خفض مخصصات رواتب رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان، ومخصصات النواب ووكلاء الوزراء والمستشارين وأصحاب الدرجات الخاصة ومن في درجتهم، وموظفي الرئاسات الثلاث وكل الهيئات والمديريات المرتبطة بها». وأكد في بيان، أن «هذا القرار يهدف إلى تطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي، وتقليل الفوارق بين طبقات المُجتمع ولدعم المجهود الحربي».
وقال نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات بهاء الأعرجي، في بيان، إن «مجلس الوزراء هو الجهة المسؤولة عن تنفيذ السياسة المالية للدولة وفقاً للدستور، ولعدم وجود قانون يحدّد راتب رئيسي الجمهورية والبرلمان، فسيتقاضيان راتب رئيس ونواب وأعضاء مجلس الوزراء».
وأوضح أن «القرار نصّ على حسم المخصصات التي تمثّل أكثر من 80 في المئة مما يتقاضاه المسؤول، فعلى سبيل المثال، المسؤول أو عضو مجلس النواب الذي يتقاضى 13 مليون دينار، سيتقاضى وفقاً للقرار الجديد نحو سبعة ملايين دينار». وتابع: «مجلس الوزراء مقبل على اتخاذ قرارات أخرى ترشد الاستهلاك، وتهذب المبالغات في التخصيصات المالية، وبالتالي تخفّض النفقات التشغيلية السنوية».
وتوقعت وزارة النفط أن يتجاوز إجمالي عائدات النفط خلال العام الحالي، 60 بليون دولار. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة عاصم جهاد، إن «صادرات شركة سومو خلال حزيران (يونيو) الماضي، بلغت 95.6 مليون برميل سعرها 5.289 بليون دولار». وأضاف: «ارتفعت صادرات الوزارة نحو 3.187 مليون برميل، وهو الرقم الأعلى منذ عقود، إذ صدرت موانئ البصرة 90.7 مليون برميل، وموانئ جيهان التركية 4.9 مليون برميل». وأشار جهاد إلى أن «سعر بيع البرميل بلغ 55.324 دولار لصالح 36 شركة نفطية عالمية من جنسيات مختلفة». ولكن العوائد النفطية لن تكون كافية لسد الموازنة التشغيلية البالغة 60 بليون دولار، تضاف إليها نفقات الحرب مع «داعش» وتمويل ملف النازحين، فيما أقرّ مجلس النواب قانون الموازنة العامة البالغة 103 بلايين دولار».
وقال محافظ البنك المركزي علي العلاق، لـ «الحياة»، إن «اعتراضنا على البند 50 من الموازنة، الذي حدّدنا ببيع 75 مليون دولار عبر مزاد بيع العملة، سببه أن المبلغ لن يكفي لتمويل وزارة المال المكلّفة بتوزيع 70 تريليون دينار سنوياً كرواتب».
وأضاف أن «مبيعات العملة الأجنبية ليست خياراً خاصاً بالمركزي، وليست عملية تجارية أو تغطية لنشاطات تجارية، بل هي في الحالة العراقية المحتكرة للعملة الأجنبية بحكم طبيعة مواردها، عملية استبدال الدينار العراقي الموجود في التداول بالدولار من أجل تزويد وزارة المال بالدينار، بدلاً من الدولار الذي تتسلّمه من مبيعات النفط والذي لا تحتاجه، بل تحتاج إلى الدينار لتمويل الموازنة العامة». وتابع: «إذا باع البنك المركزي 75 مليون دولار يومياً، كما هو وارد في قانون الموازنة، فذلك يعني أننا سنبيع سنوياً ما يعادل 22 تريليون دينار، في حين أن النفقات التشغيلية بالدينار تبلغ نحو 70 تريليون دينار». وقال العلاق إن «هذه الحقيقة غير واضحة لدى كثر ممن يطلقون دعوات تحديد سقف مبيعات الدولار، فضلاً عن عدم إدراك دور المركزي ومهمته في تحقيق استقرار أسعار الصرف والأسعار العامة، والتي تقتضي المرونة العالية والمستمرة في الكميات التي يبيعها البنك، لأن وجود فرق كبير في سعر الصرف بين السعر الرسمي والسوق الموازية، يدفع ثمنه المواطن والاقتصاد والاستثمار، ويصب أرباحاً طائلة في جيوب الجشعين والمتطفلين، ولا يمكن كبح ذلك إلا عبر التحكم بالكميات بما لا يترك مجالاً لتلك الظواهر الخطيرة».
ورأى وزير التخطيط سلمان ألجميلي، أن «ما يمر به العراق من أزمة اقتصادية ومالية، سيساعد على تفعيل قطاعات التنمية الأخرى، ومنها القطاع الخاص». وأضاف أن «العراق يواجه مشكلة اقتصادية تتمثل بانخفاض أسعار النفط، ما أدى إلى نقص في السيولة النقدية، وأثر سلباً في واقع المشاريع التنموية»، داعياً إلى «الاستفادة من هذه الأزمة في تفعيل قطاعات التنمية الأخرى، مثل الزراعة والصناعة والسياحة، وتعزيز دور القطاع الخاص».
وأشار إلى أن «المرحلة الماضية شهدت تنفيذ عدد كبير من المشاريع غير الضرورية، ما أدى إلى إنفاق الإيرادات بنحو غير ذي فائدة».
وأوضح أن «الأزمة الحالية تدعونا إلى إعادة النظر في ترتيب أولويات المشاريع الاستثمارية وفق أهميتها وجدواها الاقتصادية والخدماتية، مع ضرورة توزيعها بين المحافظات، وأن تكون في إطار خطة التنمية الخمسية، ما يعطي وزارة التخطيط مهمة توزيع هذه المشاريع ومتابعتها». وشدّد على أن «وزارة التخطيط، وفي إطار التوجهات الحالية للحكومة، وبهدف معالجة الوضع الاقتصادي، تسعى إلى تحريك تمويل المشاريع بأسلوب الدفع بالأجل، ووضع الضوابط والمعايير المطلوبة التي تحدّد المشاريع التي تنفذ بهذا الأسلوب، لا سيما مشاريع الخدمات والبنية التحتية».