Site icon IMLebanon

اغتيال “الأردني”.. صاعق تفجير لم ينفجر!

 

أشارت صحيفة “المستقبل” إلى أنه على رغم انه لا يمكن وضع جريمة اغتيال العقيد الفتحاوي طلال الأردني- في وضح النهار داخل مخيم عين الحلوة – خارج السياق المتسلسل للاغتيالات والأحداث الأمنية التي شهدها المخيم منذ نهاية العام الماضي، إلا أن هذه العملية تعتبر استثنائية بخطورتها سواء من حيث الاستهداف أو من حيث الظروف والتوقيت ..

فالعقيد الأردني واسمه الحقيقي طلال البلاونة – ويشغل مهام قائد كتيبة شهداء شاتيلا إحدى أكبر كتائب “فتح” العسكرية ومقرها منطقة جبل الحليب جنوب شرق مخيم عين الحلوة ليس مجرد ضابط في “فتح”، بل هو يعتبر بشهادة كثيرين أحد صقورها ورأس حربة لها في مواجهة الكثير من الاستحقاقات الأمنية السابقة، وقد سبق له ونجا من محاولات اغتيال عدة بعضها كان يستهدفه بالمباشر وبعضها كان يستهدف رفيق دربه وصديقه العميد محمود عبدالحميد عيسى “اللينو” والذي لطالما اعتبر الأردني رجله الأول وذراعاً أمنياً متقدماً له في المخيم، ووديعته الدائمة داخل حركة “فتح” حتى بعد فصل “اللينو” من الحركة وانضمامه الى العميد محمد دحلان، وتحوله- أي اللينو- الى كيان وحالة مستقلة عنها لكن له سلطته و”مونته” على العديد من ضباط وعناصر الحركة. ولعل ذلك ما دفع بالكثيرين الى اعتبار اغتيال الأردني رسالة بالدرجة الأولى الى “اللينو” نفسه خصوصاً أن توقيتها تزامن مع وجوده خارج لبنان وبعد أيام على رعايته وقائد الأمن الوطني اللواء صبحي أبو عرب لإحدى مصالحات أحداث طيطبا..

كما اعتبر اغتيال الأردني بالقدر نفسه رداً على الإجماع الفلسطيني الوطني والإسلامي على أمن واستقرار مخيم عين الحلوة ، سيما وأن هذا الإجماع كان يترجم في لقاء موسع للقيادة السياسية الموحدة في مقر اللجنة الأمنية في المخيم انتهى قبل لحظات من وقوع عملية الاغتيال.

وفي كل الأحوال، بدت جريمة اغتيال الأردني – بحسب أوساط فلسطينية مراقبة لمسار الأحداث الأمنية في المخيم محاولة جديدة لإشعال فتيل التفجير في المخيم بعدما فشل غيرها من المحاولات والاستهدافات، وأن المخيم بكل قواه وشعبه نجح على الأقل حتى الآن – ليس في نزع “صاعق التفجير” وهو ما زال موجوداً – وإنما بعزله عن كل الفتائل التي تم إخماد نيرانها قبل أن تصل اليه.

وعلى اثر جريمة الاغتيال تناقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي في المخيم اتهامات مباشرة لمجموعة الفلسطيني بلال بدر بالوقوف وراء هذه العملية، وتقاطعت هذه الاتهامات مع معلومات توافرت لدى أجهزة أمنية لبنانية، لكنها بقيت تحتاج الى دليل قاطع قد تحمله ما التقطته كاميرات المراقبة المثبتة على واجهات مؤسسات ومحالّ تقع على مقربة من المكان، فيما تولت لجنة التحقيق التابعة للقوة الأمنية الفلسطينية المشتركة التحقيقات في جريمة الاغتيال.

وقال العقيد أبو توفيق مسؤول لجنة التحقيق: “إنها جريمة اغتيال بشعة تعرض لها أخ من اخواننا أثناء تحركه بين مواقعنا وبين أحيائنا السكنية. وبدأنا التحقيقات الأولية التي تشير الى أن المستهدف هو أمن المخيم والشراكة الفلسطينية والحرص الذي تبديه كل أطر العمل الفلسطيني المشترك للحفاظ على وحدة الموقف والنأي بالنفس عن الصراعات الدائرة في المنطقة”.

وكشف أبو توفيق عن أن المعلومات الأولية تشير الى أن منفذي الاغتيال غير مقنعين واستغلوا الحياة الطبيعية لأبناء المخيم وحالة الاستقرار التي ينعم بها نتيجة انتشار القوة الأمنية”، لافتاً الى أن “لجنة التحقيق ستواصل عملها لحين كشف الجناة وتوقيفهم”.

وفي تفاصيل عملية الاغتيال أنه قرابة الساعة الواحدة والنصف ظهر السبت وبينما كان العقيد في حركة “فتح” طلال البلاونة الملقب بـ”طلال الأردني” مواليد 1964، عائداً من مقره في جبل الحليب الى منزله جنوبي المخيم وبرفقته ابن شقيقه ومرافقه “طلال بسام البلاونة مواليد 1985” ولدى وصوله الى محلة الكنايات أمام عيادة الأونروا، تعرضا لإطلاق نار كثيف من سلاح رشاش من قبل مسلّحين يستقلان دراجة نارية وقد ارتديا قبعتين وغطيا وجهيهما بنظارات سوداء، فأصيب العقيد الأردني وابن شقيقه برصاصات عدة في أنحاء مختلفة من جسميهما حيث ما لبثا أن فارقا الحياة ونقلا الى مستشفى النداء الإنساني داخل المخيم، فيما توارى مطلقا النار داخل أزقة المخيم. كما أصيب جراء إطلاق النار أحد عناصر “فتح” ويدعى فيصل خميس ومدني لبناني يدعى الشيخ أكرم دمج .

وعلى الأثر شهد المخيم حالة من التوتر الشديد والاستنفار المتبادل في صفوف عناصر حركة “فتح” كما في صفوف بعض المجموعات الإسلامية المسلحة في عدد من أحياء المخيم. وسجل إطلاق نار كثيف في الهواء من قبل بعض رفاق وعناصر الأردني تعبيراً عن الغضب والاستنكار لمقتله .

وسجلت حركة نزوح جزئية من المخيم الى محيطه وصيدا تخوفاً من انفجار الوضع الأمني على خلفية عملية الاغتيال، في وقت نشطت الاتصالات فلسطينياً ولبنانياً لتدارك الأمور وشاركت في جانب كبير من هذه الاتصالات النائب بهية الحريري التي بقيت على اتصال مع قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب وعدد من القيادات الفلسطينية لحثهم على ضبط النفس وقطع الطريق على من يقف وراء هذه الجريمة من تحقيق أهدافه في تفجير الوضع في المخيم.

من جهتها، ذكرت صحيفة “الحياة”، أن القتيل طلال كان على علاقة جيدة بالعميد محمود عيسى الملقب بـ “اللينو” الذي هو على خلاف مع السلطة الوطنية وأقصي من منصبه كقائد للكفاح المسلح الفلسطيني، لكن علاقته به بقيت في حدود معينة ولم تؤثر على موقعه العسكري والأمني في “فتح”.

وبحسب هذه المعلومات فإن طلال الأردني كان بمثابة رأس حربة ضد المجموعات المتشددة والمتطرفة في عين الحلوة، وسبق أن تعرض لعدة محاولات اغتيال لكنه نجا منها بأعجوبة، الى أن تمكنت أخيراً “فتح الإسلام” من اغتياله على يد اثنين من المقنعين.