الإنجازات التي يحقّقها اللبنانيون، إن كان في الداخل أو في الخارج، لا تُحصى. وإذا كانت البلاد تمرّ بحالات متقلّبة تعرقل تقدّمها، فيبقى لها كفايات شبابها كي تفخر بها، وخصوصاً أنَّها لا تنفكّ ترفع اسم لبنان في الخارج. ومن جملة الاختراعات المُحقّقة، برزت طائرة من دون طيار للكشف المبكر عن الحرائق، والتي هي ثمرة جهود شابين تخرّجا حديثاً من الجامعة اللبنانية – الأميركية.
وشرع كلّ من مهندسيْ الكمبيوتر نيكولا زعتر وشارلي الخوري في تطوير مشروع نجاحهما بعد اندلاع حريقٍ قوي قبل بضع سنوات امتدّ من بطشاي إلى اليرزه، فأتى على 80% من الغابات والمساحات الخضراء. وبعدما لاحظ الزميلان السرعة الكبيرة التي انتشر فيها الحريق، راحا يُفكّران بطريقة تمنع اندلاعه من الأساس وتتيح تداركه بسرعة.
ويخبر نيكولا زعتر “النهار” أنَّه وزميله عملا على مدار 9 أشهر متتالية قبل التوصل إلى الـ”QuadroFighter”، وهي طائرة استطلاع من دون طيار مستقلة قادرة على الكشف عن حرائق الغابات قبل تمدّدها وتنبيه السلطات المعنية سريعاً لأداء المطلوب منها. واقتصر المشروع في البداية على نموذج صغير وبسيط، يغطي مساحات صغيرة لا تتعدّى الكيلومتر المربّع الواحد، للتأكّد من مدى فعاليته قبل مواصلة تطويره. أما اليوم، فإنَّ الطائرة تُعتبر “أفضل من تقنيات الكشف عن الحرائق الباهظة الثمن والمحدودة التغطية المطروحة في السوق”، على حدّ تعبير زعتر. ويشرح الأخير عن أبراج المراقبة التي تؤدّي الوظيفة عينها، لكن المساحات الواسعة المطلوب الكشف عنها تتطلّب أبراج عدّة، ما يعني مشروعاً عالي التكلفة، لهذا السبب “اخترعنا طائرة الـQuadroFighter التي تتحكم بنفسها، من دون الحاجة إلى من يقود تحرّكاتها كما أنَّ أسعارها ملائمة وتناسب المجميع”.
وهذه الطائرة تستند إلى تقنية معالجة الصور، وما يسمح بالتقاط الأخطار المحدقة من بُعد. وبعدما طوّر الزميلان النموذج الأوّل، بات لديهما حالياً طائرة تُجرى مسحاً على مساحات كبيرة، علماً أنَّها تحتاج فقط إلى دقائق معدودة للعودة إلى نقطة البداية لتعيد المسار نفسه، إذ بحسب الجمعيات البيئية، يمكن إخماد أي حريق في غضون 5 دقائق من اندلاعه. يُشارُ هنا أيضاً إلى أنَّ هذه الطائرة موصولة بتطبيق على الهواتف المحمولة والحاسوب، يتلقى الإنذارات ويُبلغ الجهات المسؤولة بالأخطار عند اللزوم.
وقبل بضعة أيام، أبدت جمعيات عدّة إهتمامها في تبنّي المشروع، ما اعتبره زعتر وخوري خطوة إلى الأمام.
أخيراً، يُخبر شارلي الخوري “النهار” أنَّه وزميله فازا بالمرتبة الأولى في مسابقة “Microsoft Imagine Cup” في نيسان الماضي، وهي منافسة توفر الفرص للطلاب من كلّ التخصصات لاستخدام قدراتهم الإبداعية ومعرفتهم التقنية لإنشاء مشاريع يمكن أن تغير الطريقة التي نعيش فيها. وهما يسعيان حالياً إلى تأسيس شركة تُعنى بتطوير الطائرة لطرحها في القريب العاجل في الأسواق اللبنانية والعالمية على السواء.
