ذكرت صحيفة “النهار” أنّه وفي ملف النفايات، بدا انفراج ليل السبت – الاحد مع اعلان الرئيس تمام سلام توافر الحل، وانطلاق أعمال جمع النفايات منذ صباح الاحد، تعقد من جديد مع رفض اهالي اقليم الخروب نقل النفايات الى سبلين، واقدامهم على قطع الطريق الساحلية التي تربط بيروت في الجنوب، في منطقة الجية. ولم تنفع الاتصالات والاجتماعات مع البلديات التي رعاها وزير الداخلية نهاد المشنوق والامين العام لـ”تيار المستقبل” احمد الحريري في توفير مخرج لفتح الطرق امام الناس العالقين أو لوصول الشاحنات المحملة الى النقطة المحددة.
وقد تفجر الملف داخل البيت السني، اذ اتخذت “الجماعة الاسلامية” موقفا داعما لرفض الاهالي في عكار او في اقليم الخروب، واعتبر ناشطون اسلاميون ان الوزيرين نهاد ومحمد المشنوق، مدعومين من نواب “المستقبل” وفّرا حلولا على حساب المناطق ذات الاكثرية السنية، ممّا دفع وزير الداخلية الى التصريح بعد اجتماع برؤساء البلديات “ان شيئا لن يحصل الا بعد موافقة الاهالي”.
وكتبت صحيفة “السفير” بأنّ كارثة النفايات استمرت بالتفاعل في بيروت وضواحيها ومعظم مناطق جبل لبنان، لتتخذ الأحد بُعداً مأساوياً جديداً مع قطع طريق بيروت – الجنوب الرئيسية والبحرية بالاتجاهين، من قبل أهالي اقليم الخروب احتجاجًا على نقل كميات من نفايات العاصمة الى منطقة سبلين، الامر الذي أدى الى محاصرة آلاف المواطنين في سياراتهم لساعات طويلة، قبل أن تفتح الطريق البحرية القديمة قبيل الحادية عشرة ليلا، في ظلّ وعد تلقاه وزير الداخلية من اتحاد بلديات الاقليم بفتح الأوتوستراد قبل أن تبزغ شمس صباح الاثنين.
ولعل أقسى ما في مشهد الأحد ان الضحايا صاروا يعاقبون بعضهم البعض، وان المتضررين من النفايات أصبحوا في مواجهة بعضهم البعض، بدل ان يكونوا جميعا في مواجهة المسؤولين عن هذه الازمة، وبدل ان يقطعوا جميعا الطرق أمام الوزراء والنواب الذين يحترفون الفشل والعجز، والأخطر إدارة الملف بشيء من الحنكة ومن دون تجاوز الناس.
لقد أصيب عابرو الأوتوستراد الجنوبي البارحة بـ”نيران صديقة”، في وقت لا يجوز تضييع البوصلة مهما اشتد الضغط، وبالتالي لا يصح أن يجلد الناس أنفسهم، بينما الجهات النافذة في الطبقة السياسية تحاول إنضاج صفقة معالجة النفايات، على حسابهم، فوق الصفيح الساخن للأزمة التي بدأت تفوح منها روائح المنتفعين.. بالأسماء الكاملة، وعلى رأسهم “المقاول الأول” بلا منازع في هذه الجمهورية بكل مسمياتها الطائفية والسياسية.
وأضافت “السفير”: “إنّ غضب أهالي إقليم الخروب مشروع، خصوصا وسط انعدام الثقة في الدولة التي اعتادت على تحويل “المؤقت” الى “دائم”، من الطائفية الى المطمر، لكن وجهة سير هذا الغضب يجب ألا تكون نحو الطريق الساحلية، بل نحو أهداف أخرى، بات كل مواطن يعرفها بالفطرة والحدس. ولعلها لحظة نادرة للشروع في انتفاضة عابرة للطوائف والمذاهب، باتت كل أسبابها وحوافزها متوافرة، إنما تنقصها القدرة على التحرر من سطوة الانتماءات والولاءات الفئوية”.
حتى أن السفير البريطاني في بيروت طوم فلتشر، الذي يستعد لمغادرة لبنان نهائيا، استفزته أزمة النفايات، وقال في مقابلة مع “السفير” ان أزمة كهذه كانت لتطيح الحكومة البريطانية كما حصل فعليا في سبعينيات القرن الفائت حين قررت النقابات العمالية الإضراب لـ3 أيام، الأمر الذي أدى الى تراكم النفايات في شوارع لندن، ما ولّد سخطًا شعبياً عارماً وتظاهرات أسقطت الحكومة آنذاك.
ولاحظ فلتشر أنّ الشعب اللبناني “مستاء من الأخطاء الموجودة ولا يكفّ عن التذمّر والشكوى لكنّه لا يتحرّك لتبديل مجريات الأمور وهذا أمر محزن” .
حلول موضعية طارئة
وبينما ينشغل الجميع بالتفتيش عن حلول مؤقتة وسريعة لمحاصرة حريق النفايات، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ “السفير” ان محك الحل النهائي يكمن في مناقصة 7 آب، وما إذا كانت ستفضي الى التعاقد مع خمس شركات لمعالجة النفايات في بيروت وجبل لبنان والشمال والبقاع والجنوب.
وإذا كان نقل نفايات العاصمة الى مطامر مناطقية يواجه باعتراضات في غياب الإغراءات من جهة وعامل الثقة من جهة أخرى، فإن نفايات الضاحية الجنوبية يتم نقلها مؤقتا الى مكان قريب من شاطئ “الكوستابرافا” في خلدة، لكن هذا الحل الموضعي لا يمكن ان يدوم لأكثر من أسبوعين، خصوصا ان النفايات المنقولة لا تتم معالجتها نهائيا، وهو ما يسري على نفايات العاصمة اذا تم إخراجها منها في المرحلة الأولى.
بدورها، ذكرت صحيفة “الجمهورية” أنّه على صعيد أزمة النفايات، لم تمرّ الخطة التي أعلنَها وزير البيئة محمد المشنوق لمعالجة أزمة تكدُّس النفايات في بيروت على خير. وما إن باشرَت شاحنات “سوكلين” في نقلِ النفايات التي تمّ جمعُها ورفعُها من شوارع العاصمة في اتّجاه منطقة إقليم الخرّوب، وتحديداً لرَميها في كسّارات سبلين والجيّة، حتى نزلَ عددٌ مِن أهالي إقليم الخروب على الطرُق وأقفلوا الطريق أمام شاحنات النفايات بواسطة شاحنات محمّلة بالردميات والحجارة أفرغوها وسط الأوتوستراد الساحلي في الجيّة على المسربَين.
ونصبَ الأهالي الخيَم على جوانب المسرَب الغربي للأوتوستراد، مؤكّدين استمرارَ الاعتصام حتى عودة الحكومة ووزارة البيئة عن قرارهما بنقل النفايات الى منطقة إقليم الخرّوب.
هذه الأجواء، استدعَت عقدَ اجتماع طارئ في وزارة الداخلية، بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ورؤساء اتّحاد بلديات إقليم الخرّوب، بحضور وزير الزراعة أكرم شهيّب. وأشار المشنوق إلى أنّ “الاجتماع كان جدّياً وضرورياً ولو جاء متأخّراً”، وأكّد أنّ “لا شيء سيَحصل في الإقليم له علاقة بالنفايات، مِن دون موافقة الأهالي”.
من جهته، أكّد شهيّب أنّ “مشكلة النفايات موجودة وليست جديدة ولا مساحات في بيروت للطمر أو للمعالجة الفورية”. كذلك أكّد السعيَ إلى إيجاد حلّ لأزمة النفايات بطريقة بيئية سليمة.
إثرَ هذه التطوّرات، عُقد في السراي الحكومي اجتماع برئاسة سلام ضمَّ الوزراء: نهاد المشنوق وائل أبو فاعور، محمد المشنوق، علاء ترّو وأكرم شهيّب خُصّص للبحث في ملفّ النفايات.
وليلاً، فتح المحتجون في منطقة الجية، الطريق البحرية، كبادرة تجاه المحتجزين في سياراتهم، ولا سيما العائدين من الجنوب إلى بيروت.
وذكرت صحيفة “الأخبار” أنّ “شركة “سوكلين” التي قامت برفع كمية كبيرة من النفايات من بيروت والضواحي بعد أن أفرغت جزءاً من مخزون مراكز المعالجة، أصدرت تعليمات إلى غرفة العمليات فيها بالتوقف عن الجمع في فترة بعض الظهر، بعد قطع الطريق الى مكب سبلين، لأن مراكز المعالجة امتلأت من جديد بالنفايات، في حين بقيت النفايات التي حمّلت الى شاحنات العرب متوقفة في مكانها”.
من جهتها، أوضحت مصادر الاجتماع العاجل الذي عقده الوزير نهاد المشنوق في وزارة الداخلية بحضور وزيري البيئة محمد المشنوق والزراعة أكرم شهيب والنائب علاء ترّو والأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري واتحاد بلديات إقليم الخروب لصحيفة “المستقبل” أنه تمّ التوافق خلال الاجتماع على ثلاث نقاط أساسية:
1 – عدم دخول أي شاحنة محمّلة بالنفايات الى الإقليم من دون موافقة أهل الإقليم، وفتح الطريق الساحلية (وقد بدأت اتصالات ليلاً لهذه الغاية).
2 – اقتراح بناء على عرض من وزير البيئة لمضمون “الخطة الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة”، ويقوم على إجراء تجربة طمر جزء من نفايات بيروت والإقليم (200 طن) في سبلين لمدة ستة شهور يبدأ خلالها بناء محرقة للتفكك الحراري ستُفض مناقصتها في السابع من الشهر المقبل.
3 – تقديم تعويضات مالية لاتحاد بلديات الإقليم (25 دولاراً للطن) توزع على البلديات وفقاً لعدد السكان.
واتفق على أن يحمل رئيس اتحاد البلديات هذه النقاط الى الاتحاد في اجتماع يعقد اليوم يليه اجتماع ثانٍ في وزارة الداخلية مساء.
وفي السياق نفسه، عقد مساء اجتماع بين الرئيس فؤاد السنيورة وقيادة “الجماعة الإسلامية” وصفته أوساط رئيس كتلة “المستقبل” بأنه “مفيد وجيّد ويفتح الطريق أمام تقدم على مسارات إيجاد حلول”. أضافت الأوساط أن الاجتماع تخلّله “تحليل واحد واقتراحات حلول واحدة وأنه سيتابع في الأيام المقبلة”.