مارسيل محمد
حيرة المواطن حول حركة الاسعار تعود بجزء كبير منها الى اختلاف الأرقام التي يقدمها كلّ من وزارة الإقتصاد والتجارة وجمعية المستهلك، وبالتوازي بعض الجمعيات الأخرى. على ان الإختلاف في تقدير الحركة يعود الى الطريقة التي يتحرى فيها المعنيون الأسعار. فالوزارة تعتمد على أرقام التجار كأساس للمقارنة، فيشير مستشار وزير الإقتصاد جاسم عجاقة، لـ “المدن” الى ان الوزارة “تأخذ لائحة بالأسعار من نقابة تجار الجملة ونقابة تجار المفرّق، فتقوم الوزارة بإرسال فريق متخصص الى الأسواق لمقارنة أسعار المبيع بأسعار اللوائح، وفي حال عدم تطبيق التجار للأسعار المفروضة، يتم إصدار محضر ضبط بحقهم وتحويلهم الى القضاء”. ويضيف “لدى الوزارة مكتب فني متخصص بتقييم الأسعار، ويقارن ارتفاعها أو انخفاضها على المدى الطويل، فموظفو الوزارة يراقبون الفرق بين الجملة والمفرّق. أما في مديرية حماية المستهلك فيتم اختبار العينات عبر 150 موظفاً معظمهم من المواطنين، والفريق الذي يقصد الأسواق يتألف من 10 أشخاص”.
ويلفت عجاقة النظر الى ان “اختبار العينات يتم عبر طريقتين: الأولى تكون عند غياب المناسبات والأعياد أو الموسم السياحي أو غيره، عندها يتم الإختبار وفقاً للكثافة السكانية، ففي بيروت وجبل لبنان حيث الكثافة السكانية نحو 60 إلى 70% من عدد سكان لبنان، تؤخذ العينات بشكل شامل من المناطق كافة. أما في فترات الأعياد، مثل عيد الفطر، يكون التركيز على المناطق التي يتمركز فيها الصائمون والمنتجات الأكثر مبيعاً خلال شهر رمضان”.
في المقابل، ترى جمعية المستهلك ان احصاءات الوزارة غير دقيقة، فهي “تبني إحصاءاتها على لوائح أسعار التجار الذين يُطلعونها بشكل دوري على أسعار كافة السلع، فتأخذ بأسعارهم استناداً الى “عامل الثقة” بهم، أما الجمعية فتحدّد أرقامها الإحصائية بناء على جولاتها الميدانية على كافة المناطق وإحصاء نحو 120 صنف من المواد الإستهلاكية ومقارنتها بأسعار سابقة”، وفق ما يقوله رئيس الجمعية زهير برّو، الذي يخلص الى ان طريقة الوزارة هي التي تؤدي الى “فوارق كبيرة في أسعار السلع، بينها وبين الاسعار التي ترصدها الجمعية”. وفي حديث لـ “المدن” يميّز برّو بين السلع التي تراقبها الوزارة (بغض النظر عن فارق السعر) وتلك التي تراقبها الجمعية، فالوزارة “تتسلّم فقط أسعار السلع الغذائية من التجار، فيما الجمعية تحصي أسعار السلع الإستهلاكية عموماً، وليس فقط الغذائية، أي أنها تأخذ بالإعتبار العديد من المنتجات التي تعّد حاجة يومية للمستهلك اللبناني كالنقل والسكن وغيرها”.
وبين الطريقتين، يصبح الاحتكام الى الشارع أمراً ضرورياً. وعليه، تُجمع كلّ من ليلى الغازي وماجدة جوني (ربّتا منزل)، على ان” الأسعار مستقرة عموماً، الا ان بعض السلع كالحامض والأجبان والألبان، فهي باهظة الثمن”. فيما تقترح جوني ان تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة “بإستلام المزروعات من المزارعين، والعمل على تصريفها بالشكل المناسب، مما يخفض الاسعار”. من ناحية أخرى، يغيب عن بال الغازي وجوني، والكثير من المواطنين، ان الحديث عن ارتفاع او انخفاض الاسعار يجب ان يكون مستنداً الى سعر سابق، لتتم المقارنة على اساسه، لكن ماذا لو كان هذا السعر السابق، مرتفعاً في الأساس، ولا يستند الى معايير الربح المنطقية؟. فعندما يُقال بأن الأسعار لهذه الفترة منخفضة، إنما هي انخفضت نسبة الى السعر السابق، لكنها في الحقيقة مازالت مرتفعة نسبة الى هامش الربح المضاف الى كلفة الانتاج. وبذلك، تصبح الاسعار التي يقدمها التجار، عرضة للتشكيك، ويصبح المطلوب ملاحظة اسعار المبيع حصراً، ومقارنتها مع اسعار المبيع في فترات سابقة. اذ حتى وان قدّم التجار اسعاراً معينة الى الوزارة، فمن يراقب اسعار المبيع؟. وهذا ما يميز عمل جمعية المستهلك، التي يجمع متطوعوها العينات بإعتبارهم زبائن، وليس مراقبين يحملون صفة رسمية، تُقدم إليهم أسعار “خاصة”.