Site icon IMLebanon

جعجع: طريق إزالة التّهميش المسيحي لا تمرّ إلاّ من قصر بعبدا

رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “انّ إفراغ القصر الرئاسيّ من رئيسه هو إخراجٌ للشرعيّة من بعبدا، وإدخالٌ لشريعة السّلاح والفوضى إلى ربوعها، وهو تكريسٌ لمسار التّهميش المسيحيّ. وهنا البكاء وصريف الأسنان، مؤكداً “انّ الخطوة الأولى والأساسيّة والمنطقيّة لإزالة التهميش الذي أوجده النّظام الأسدي تبدأ بانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. لن يأتينا تعطيل الانتخابات برئيسٍ، لا قويٍّ ولا ضعيف، إنّ طريق فلسطين لا تمرّ بقصر بعبدا، أمّا طريق إزالة التّهميش فلا تمرّ إلاّ من قصر بعبدا بالتّحديد.”

وعلّق جعجع على أزمة النفايات التي يُعاني منها البلد بالقول:”إنّ ما نشهده اليوم على صعيد موضوع النفايات هو فضيحةٌ كبرى، له انعكاساتٌ خطيرةٌ على الأمن البيئيّ والصّحّيّ والحياتيّ للبنانيين، ولكن الأهم انعكاسه على الثقة بالدولة في لبنان. قولوا لي بربّكم: ألم تتّخذ الحكومة قبل نحو أربعة اشهرٍ قراراً بمعالجة مسألة النّفايات وفق خطةٍ محدّدة؟ فكيف وصلنا اليوم الى ما وصلنا إليه؟ ومن يتحمّل مسؤوليّة عدم تنفيذ خطّة الحكومة وهذا الإهمال والاستهتار والتّلكّوء؟ قولوا لي بربّكم ماذا يصح القول في أمر كهذا؟ إنّ مسألة النفايات وسواها، تثبت صحّة وجهة نظرنا بأن حكومة جمع السّلبيّات لا يمكن أن تبني وطناً، ولا أن تتّخذ قراراً مهمّاً ولا حتّى على مستوى جمع النفايات. لنا مبدئيّتنا في العمل السياسيّ، ولكم مساوماتكم”.

واعتبر جعجع “أنّ التشريع هو قاعدةٌ أساسيّةٌ من قواعد الأنظمة الدّيموقراطيّة، ولكنّها قاعدةٌ لا تعمل بشكلها الطبيعيّ والمتوازن إلاّ بوجود حياةٍ سياسيّةٍ ودستوريّةٍ طبيعيّة، فإنّ تباكي البعض على عدم عقد جلساتٍ تشريعيّةٍ هو تجهيلٌ لحقيقة تعطيل انتخابات الرئاسة، وهو تطبيعٌ مع الفراغ، وتمديدٌ له، وهو تخفيفٌ لجرم التعطيل، لكنّنا، انطلاقاً من ضرورة الحفاظ على المؤسّسات في كل الظروف وعدم تعطيل مصالح المواطنين، اتّفقنا على تشريع الضرورة.”

واشار الى انه “صحيحٌ أنّ لتشريع الضّرورة محاذير سياسيّةً ودستوريّةً كبيرةً في ظلّ الفراغ الذي يعتري موقع الرّئاسة، إلاّ أنّ حرصنا على عدم سقوط المؤسسات بالكامل قد حدا بنا إلى القبول به. لكنّنا فوجئنا بعدها باستبعاد موضوعين أساسيّين عن جداول الأعمال المقترحة لتشريع الضّرورة: مشروع قانون الانتخابات الجديد، ومشروع قانون استعادة الجنسيّة اللذان هما من صلب اهتمام اللبنانيين لكونهما ميثاقيّين بامتيازٍ ومرتبطين مباشرةً بالمناخ العام وبالوحدة الوطنيّة في لبنان”.

كلام جعجع جاء خلال احتفال توزيع 2300 بطاقة انتساب حزبية لمنطقة بعبدا، حيث قال:”ان القوات اللبنانية حزب بالاسم ومقاومة نضالية تمتد لمئات السنوات بالفعل. ليست المقاومة اللبنانية مجموع المنتسبين إلى الحزب فحسب، وإنّما هي روحيّةٌ ونهجٌ وخطٌّ نضاليٌّ ومسيرةٌ تاريخيّةٌ تضمّ في صفوفها حكماً جميع من قاوم الاحتلال، وضحّى في سبيل لبنان، وانتفض على الظّلم والطّغيان، وآمن بقيّم الحقّ والحريّة والإنسان، فالمقاومة اللبنانية هي مجموع الطامحين إلى وطنٍ قويٍّ، التّوّاقين إلى الحريّة، الحاملين مشعل القضيّة، مهما كبرت الصّعوبات، مهما كثرت التحديات، ومهما غلت التّضحيات، والقوات اللبنانيّة هي آلاف المناضلين الذين ينتسبون للحزب عبر بطاقاتٍ حزبيةٍ ، ومئات آلاف المناضلين غيرهم ألّذين يحملون قيم القوات وقضيّتها وأخلاقيّتها، حتّى ولو لم يكونوا منتسبين، فالمقاومة اللبنانية جيشٌ من المناضلين، كتائبٌ من المضحّين، نمورٌ من الملتزمين، كتلةٌ من المؤمنين، تيّارٌ من الصامدين، تجمّعٌ للمستقبلييّن، وجمهورٌ من المقاومين إلى أبد الآبدين، آمين”.

وأضاف: “7 شباط 1978، المكان: الفياضية، المناسبة ثكنة الفياضية تقاوم التنّين الأسدي. جيش النّظام الأسديّ يطوّق ثكنة الجيش اللبنانيّ في الفياضية ويقصفها بالرّاجمات لاقتحامها وإخضاعها، تمهيداً لفرض سيطرته على محيط قصر بعبدا بغية إلحاق موقع الرئاسة وإضعافه وشله، وهذا ما يسعى إليه مع أعوانه حتّى اليوم”.

وتابع:”هذا هو النّظام الأسديّ، أخوّةٌ وتعاونٌ وتنسيقٌ في الظاهر، وقتلٌ وقصفٌ وغدرٌ وتدميرٌ للمؤسسات الشّرعيّة وإفراغٌ للمواقع الدستوريّة، وشبكة الأسد مملوك سماحة، في الواقع والحقيقة. إستمرّ حصار الثكنة ومحاولات اقتحامها لأيّامٍ عدّة، وأبطال الجيش اللبنانيّ يخوضون مواجهاتٍ قاسية ويسقط منهم الشّهيد تلو الشّهيد، إنها ملحمةٌ من ملاحم المقاومة اللّبنانيّة سطّرت عند أسوار الثّكنة، وتدخّلٌ عربيٌّ حاسمٌ لصالح لبنان. إنتصر الجيش اللبنانيّ على الجيش الأسديّ وانتصرت الشرعيّة وأنقذ قصر بعبدا، وتكبد الاحتلال خسائر فادحة. ولا يمكن في معرض تناولنا لمعركة الفياضية إلا أن نستذكر أحد أبطال هذه المواجهة، ألنّقيب المغوار الشهيد سمير الأشقر الذي كان مدرسةً في البطولة والمقاومة والاندفاع خسرته المقاومة اللبنانيّة في أحلك الظّروف. لقد شكّلت معركة الفياضية محطّةً مفصليّةً في مسيرة مقاومة الاحتلال الأسديّ للبنان، وفاتحة الانتصارات التي تلت، في الأشرفية وقنات وزحلة وكلّ لبنان. فألف تحيةٍ لشهداء ثكنة الفيّاضية وأبطالها الذين أعطوا مثالاً حياً في هذه الواقعة للشّرف والتّضحية والوفاء.”

وقال:” إنّ التّضحيات السّخيّة التي قرّبوها على مذبح الوطن، مع جميع شهداء المقاومة اللبنانيّة وأبطالها الآخرين، على كلّ تخوم بعبدا من الطيّونة الى مار مخايل وكفرشيما وبسابا، قد أوقدت شعلة الحريّة، وحافظت على بعبدا مصانةً حرّةً أبيّة، وأبقت الشّرعيّة شرعيّةً لبنانيّةً لا شريعة غابٍ بعثيّةً أسديّة. فيا شابات وشبّان قضاء بعبدا، يا رجالها ونساءها، ماذا تريدون أن يسمّى احتفالكم اليوم؟ فليسمّى احتفالنا: احتفال شهداء ثكنة الفياضية.”

وأشار جعجع الى انه “في قضاء بعبدا شيّدت المقاومة قلعة صمودها تضحيةً تلو التّضحية، وفيه تكلّلت هامتها بتيجان الغار مع وصول قائدها إلى الرّئاسة، وفيه رسمت بالعرق والدّم والدّموع خطوط السّيادة الحمر دفاعاً عن الكرامة والوجود والمصير، وفيه أسقطت الوطن البديل. دماءٌ سخيّةٌ بذلت فوق تراب المتن الجنوبيّ الأبيّ، ومقاومةٌ لبنانيّةٌ زرعت أرضه سنابل وشهداء من جوزيف أبو عاصي الى داني شمعون، ومن فريدي نصرالله ونعيم بردقان الى ايلي ضو ورمزي عيراني وانطوان غانم، فأزهرت بطولةً وشهادةً وتضحياتٍ، ليحصد شعبنا الحريّة والكرامة والاستقلال. لا تسألوا بعبدا عن القوات، ففيها وجدت ومنها قاومت وضحّت واستبسلت، وإلى قصرها الرئاسيّ وصلت، وإليه اليوم تصبو من جديدٍ، واليوم تحتضن بين جناحيها الآف المنتسبين، فهنيئاً للقوات بقوّاتها في بعبدا. هذه هي القوات اللبنانيّة تتجلّى بأبهى صورها في بعبدا، مقاومةٌ تصون الشرعيّة، ولبنانٌ جديدٌ يولد من رحم تضحياتها.”

وأردف:”إذا كان للشهادة رمزٌ، فالحدث هي رمزها. إذا كان للصّمود شكلٌ واسمٌ ولونٌ، فشكله Delta، ولونه اخضر وعنوانه مثلّث الصٌّمود. إذا كان للمواجهة حربةٌ، فعاريا وبسابا حربتها. إذا كان للمقاومة عرينٌ، فترشيش عرينها. إذا كان للرجولة مقلعٌ، فحارة حريك مقلعها والمريجة حصنها. إذا كان للبطولة عنوانٌ، فقلعة الصّمود عين الرمانة الشياح عنوانها. وتسألون بعد: بعبدا لمين؟ بعبدا للأحرار الأبطال المناضلين . بعبدا قويّة، بعبدا قوّات. في بعبدا استبدلت المقاومة القول المعروف “بعبدا مقبرة الأحزاب”، بالقول الصّحيح :”بعبدا عرين القوات ومقبرة المحتلّين والغزاة”.

ووجّه جعجع “تحيّةً الى قوات المتن الجنوبيّ الأبطال، من الكحلونية وراس الحرف وحمانا وفالوغا، إلى فرن الشباك والتحويطة ، ومن بمريم وقرنايل الى بعبدا والفياضية والحازمية ومن جوار الحوز وكفرسلوان والقصيبة وقرطاضة وزندوقة ودير الحرف والكنيسة الى بطشاي وكفرشيما ووادي شحرور وحارة الست، ومن صاليما الى الشبانيّة والعربانية وما بينها… لولاكم ولولا رفاقكم، لما بقيت شرعيّةٌ ولا بقيت حرّيّةٌ ولا بقي لبنان. صحيحٌ أنّ القوات خسرت مئات الشّهداء الأبطال في المتن الجنوبيّ، لكنّها ربحت حريّة بعبدا ووجود أبطالٍ مثلكم اليوم بيننا.”

ولفت الى أنه “إذا كان قضاء بعبدا يمثّل الرمز الأوّل للشرعيّة اللبنانيّة، فهو يمثل الرمز الأوّل لمشروعيّة القوات الشعبيّة والنّضاليّة. إنّ البطاقة التي تتسلّمون اليوم هي توطيدٌ لهذه المشروعيّة وحفاظٌ على تلك الشّرعيّة. إنّها متابعةٌ للدّرب التي سار عليها ابطالنا وجرحانا وشهداؤنا، بفخرٍ عظيم. ما من فخرٍ اعظم من هذا.”

وقال: “لأنّ قضاء بعبدا هو رمزٌ للشرعيّة، حاولت سلطة الاحتلال الأسديّ تشويه هذا الرّمز من خلال جعله مكاناً لكلّ الممارسات غير الشرعيّة، فإلى وزارة الدّفاع في اليرزة اقتاد النظام الأمنيّ الأسديّ شبّان القوات اللبنانيّة وبقية الاحرار بالالاف لقمع الحريّة وكمّ الأفواه، وفي قرى وبلدات المتن الأعلى مارس النّظام الأسديّ أبشع أنواع الضّغوط والتّعدّيات والتّصفيات لترويض أهالي الجبل والجرد الأشدّاء. وفي المريجة والليلكي وحارة حريك هجر الاحتلال اهاليها الأصليين وأسكن الغرباء في بيوتهم. لكنّ بعبدا انتفضت على الاحتلال، وزنزانات الوصاية فيه صارت معلماً للحريّة بحجم وطن. وما وجودنا اليوم هنا سوى تكريسٍ لانتصار الحريّة على الاحتلال، ولانتصار الحقّ على الباطل.”

واستطرد:”ليس قضاء بعبدا هو ارض النّضال والبطولات العسكريّة فحسب، وإنّما أرض المقاومة السياسيّة والفكريّة والثقافيّة ايضاً. تحيةً إلى المقاوم الصامت الصّبور الصّلب الذي كان خير سلفٍ لخير خلفٍ، إبن الشبانية، ألرئيس المقاوم بصمتٍ الياس سركيس. تحيةً الى صاحب الفكر والكلمة، المغرّد خارج سرب الشّرذمة والانقسامات، رجل المقاومة و”الحريّة والإنسان”، إبن كفرشيما، ألمفكّر ادوار حنين. تحيةً الى الفيلسوف الكبير ألشهيد كمال يوسف الحاج، إبن الشبانية. تحيةً الى رجل الموقف والحقّ والعدالة والقانون، رجل المواجهة الحقة والمقاومة الصّلبة في زمنٍ عز فيه الحقّ والمقاومة وكثرت فيه المساومة، تحيةً الى ابن الشيّاح النّائب ادمون نعيم. إفرحي وتهلّلي يا بعبدا، لأنّك جمعت المقاومة بكلّ أوجهها، فجمعت المجد من اطرافه كلّها”.

وتطرق جعجع في كلمته الى مشكلة بيع الأراضي في بعبدا، فقال:” اهلنا في قضاء بعبدا… ارضي مش للبيع…ارض قضاء بعبدا مش للبيع…لبنان مش للبيع، إذا كانت المقاومة اللبنانيّة وأهالي بعبدا قد بذلوا الغالي والرّخيص وقدّموا الآف الشّهداء دفاعاً عن ارضهم، فإنّ استسهال البعض بيع ارضه وأرض آبائه وأجداده هو تنكر لكلّ التضحيات التي بذلت، وطعنةٌ لكلّ الشّهداء الذين سقطوا وتفريطٌ بمستقبل اجيالنا.إنّ تمسّك أجدادنا بهذه الأرض التي جبلت مع ترابها، عرقهم ودموعهم ودماءهم، هو الذي مكّن الأجيال اللاحقة من العيش الكريم ومن تفعيل وجودها السّياسيّ والثّقافيّ والاجتماعيّ في لبنان، وأيّ تفريطٍ بهذا البعد الوجوديّ ما هو إلاّ مسارٌ تراجعيٌّ إنهزاميٌّ يخرجنا من الجغرافيا ويجعلنا ذكرى في غياهب التاريخ. نحن لسنا انهزاميين بل نتفاعل مع الجغرافيا، نفعل في التاريخ والحاضر والمستقبل ، نعلي مداميك الحضارة، ننشر العلم والنّور والثّقافة، ونتمدّد كالشّعاع في ارجاء الوطن. لن نخرج من الجغرافيا ولن نرحل إلى غياهب التّاريخ، وإنّما سنفتح أمامنا أكثر فأكثر أفق المستقبل. أرضي مش للبيع، بعبدا مش للبيع. حافظوا على ارض آبائكم وأجدادكم محافظة شهداء الفياضية وجميع أبطال بعبدا على تراب لبنان حتّى الاستشهاد. “

وتوجّه جعجع الى اللبنانيين بالقول:” لقد دفعت المقاومة اللبنانيّة غالياً ثمن المحافظة على الشّرعيّة وبقائها في بعبدا، وهي لن تفرّط بإرثها وتضحياتها وعلة وجودها، وبالتالي فإنّ إفراغ القصر الرئاسيّ من رئيسه هو إخراجٌ للشرعيّة من بعبدا، وإدخالٌ لشريعة السّلاح والفوضى إلى ربوعها، وهو تكريسٌ لمسار التّهميش المسيحيّ. هنا البكاء وصريف الأسنان.”

وأكّد “انّ الخطوة الأولى والأساسيّة والمنطقيّة لإزالة التهميش الذي أوجده النّظام الأسدي تبدأ بانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. لن يأتينا تعطيل الانتخابات برئيسٍ، لا قويٍّ ولا ضعيف، إنّ طريق فلسطين لا تمرّ بقصر بعبدا، أمّا طريق إزالة التّهميش فلا تمرّ إلاّ من قصر بعبدا بالتّحديد.”

وعلّق جعجع على أزمة النفايات التي يُعاني منها البلد بالقول: “إنّ ما نشهده اليوم على صعيد موضوع النفايات هو فضيحةٌ كبرى، له انعكاساتٌ خطيرةٌ على الأمن البيئيّ والصّحّيّ والحياتيّ للبنانيين، ولكن الأهم انعكاسه على الثقة بالدولة في لبنان. قولوا لي بربّكم: ألم تتّخذ الحكومة قبل نحو أربعة اشهرٍ قراراً بمعالجة مسألة النّفايات وفق خطةٍ محدّدة؟ فكيف وصلنا اليوم الى ما وصلنا إليه؟ ومن يتحمّل مسؤوليّة عدم تنفيذ خطّة الحكومة وهذا الإهمال والاستهتار والتّلكّوء؟ قولوا لي بربّكم ماذا يصح القول في أمر كهذا؟ إنّ مسألة النفايات وسواها، تثبت صحّة وجهة نظرنا بأن حكومة جمع السّلبيّات لا يمكن أن تبني وطناً، ولا أن تتّخذ قراراً مهمّاً ولا حتّى على مستوى جمع النفايات. لنا مبدئيّتنا في العمل السياسيّ، ولكم مساوماتكم.

ورأى جعجع “أنّ التشريع هو قاعدةٌ أساسيّةٌ من قواعد الأنظمة الدّيموقراطيّة، ولكنّها قاعدةٌ لا تعمل بشكلها الطبيعيّ والمتوازن إلاّ بوجود حياةٍ سياسيّةٍ ودستوريّةٍ طبيعيّة، فإنّ تباكي البعض على عدم عقد جلساتٍ تشريعيّةٍ هو تجهيلٌ لحقيقة تعطيل انتخابات الرئاسة، وهو تطبيعٌ مع الفراغ، وتمديدٌ له، وهو تخفيفٌ لجرم التعطيل، لكنّنا، انطلاقاً من ضرورة الحفاظ على المؤسّسات في كل الظروف وعدم تعطيل مصالح المواطنين، اتّفقنا على تشريع الضرورة.”

واشار الى انه “صحيحٌ أنّ لتشريع الضّرورة محاذير سياسيّةً ودستوريّةً كبيرةً في ظلّ الفراغ الذي يعتري موقع الرّئاسة، إلاّ أنّ حرصنا على عدم سقوط المؤسسات بالكامل قد حدا بنا إلى القبول به. لكنّنا فوجئنا بعدها باستبعاد موضوعين أساسيّين عن جداول الأعمال المقترحة لتشريع الضّرورة: مشروع قانون الانتخابات الجديد، ومشروع قانون استعادة الجنسيّة اللذان هما من صلب اهتمام اللبنانيين لكونهما ميثاقيّين بامتيازٍ ومرتبطين مباشرةً بالمناخ العام وبالوحدة الوطنيّة في لبنان”.

وشدد على أنه “إذا كانت القروض والمنح وغيرها من المسائل ذات الطابع الماليّ والاقتصاديّ ضروريّةً ، فإنّ مشروع قانون استعادة الجنسية للمغتربين من اصلٍ لبنانيٍّ وقانون الانتخابات الجديد الذي أشبع درساً في اللّجان المختلفة لمدّة خمس سنوات متتاليةٍ ووعدت به كلّ الحكومات على أنواعها منذ العام 2009 ولكن من دون أن تفعل شيئاً باتّجاهه، هما أكثر من ضرورةٍ ترتبط مباشرةً باحتياجات الوحدة الوطنيّة والميثاق الوطنيّ وحسن تطبيق اتّفاق الطائف. ومن هنا إصرارنا على إدراج هذين المشروعين ضمن جدول أعمال أيّ جلسةٍ تشريعيّةٍ لمجلس النّواب. وبعد هذا كله يبقى أن خيارنا الأوّل والأساس هو التشريع الطبيعيّ في ظلّ وجود رئيسٍ للجمهوريّة وليس الترقيع التشريعيّ غير الطبيعيّ في ظلّ الشّغور الرّئاسيّ”.

وتناول رئيس القوات الوضع الأمني، فقال:”كثُرت في الآونة الأخيرة جرائم القتل المتنقلة، من بعلبك الى قبرشمون فالجميزة، ولعلّ الجريمة الأخيرة هي اكثرها بشاعةً بالنّظر إلى الطّريقة الوحشيّة في ارتكابها. صحيحٌ أنّ الدولة اللبنانيّة هي المسؤولة عن أمن وحماية مواطنيها، وهي مدعوّةٌ الى محاسبة المرتكبين بأقسى ما يمكن، إلاّ أنّ بعض الحالات الطارئة والاستثنائيّة والمشهودة، كما في جريمة الجمّيزة، تفترض بنا جميعاً التحرّك بروحٍ من الأخلاقيّة والرّجولة والنّخوة اللّبنانيّة، والاندفاع لنصرة المظلوم ونجدته، لا الاكتفاء بمشاهدة الضحيّة تتعرّض للاعتداء حتى الموت، إنّ مقولة “حايدة عن ضهري بسيطة” و”الهريبة تلتين المراجل”، لا تنسجم مع اخلاقيّاتنا ولا مع قيمنا ومروءتنا، ولا مع تاريخ ابائنا واجدادنا في هذه الأرض. صحيحٌ أنّ الدولة مسؤولةٌ عن كثيرٍ من الأمور، ولكنّ الصحيح أيضاً أنّ علينا كمواطنين مسؤوليّةً معيّنةً في أمورٍ أخرى. مجتمعٌ ماتت فيه النّخوة والمروءة وحس الجماعة، مجتمعٌ غير قابلٍ للحياة. فلنتمسّك بهذه الصفات التي عرف بها مجتمعنا منذ قديم الأيّام، لأنّها كنزٌ لا يفنى خصوصاً في أيّامنا هذه.”

وحذر جعجع من أنه “لا يمكن في ظلّ كلّ ما يحصل من تحوّلاتٍ خطيرةٍ حولنا، وفي ظلّ ما تفرضه الوقائع المستجدّة من تحدّياتٍ وجوديّةٍ، ان يبقى جزءٌ من شعبنا غير مبالٍ وكأنّ كلّ ما يجري من حوله لا يعنيه، إنّ هذا السلوك اللامبالي الذي ينصرف عن الهمّ الوطنيّ الأساس، إلى أمورٍ شكليّةٍ وتفصيليّةٍ لا أهميّة لها، هو بداية مسارٍ ينتهي بصاحبه دوماً إلى الغياب والاندثار، إنّ الالتزام الوطنيّ والقيميّ، والانخراط في المسيرة الحزبيّة، هو الضامن لحضورنا السياسيّ، والكفيل بإبعاد خطر الفوضى والتّبعيّة والتّهميش عن شعبنا.”

واعتبر “انّ كلّ بطاقة انتسابٍ إضافيّة هي مسمارٌ في نعش الإحباط. إنّ كلّ شابٍ ينضوي في المسيرة الحزبيّة، يوصد بيده باباً للهجرة امام شابٍ آخرٍ مثله، ويثبّت مواطناً ثانياً في ارضه، ويعطي أملاً لمواطنٍ ثالثٍ بمستقبله، ويغلق ثغرةً تتسرّب منها المخدّرات والآفات بوجه شابٍ رابع. إنّ الحياة الحزبيّة هي من الضرورات التي لا تبيح المحظورات وإنّما تحرّمها وتمنعها وتقضي عليها بالكامل”، مشيراً الى “انّ الالتزام في حزبٍ نضاليٍّ مبدئيٍّ ديموقراطيٍّ كالقوات اللبنانيّة يحصّن الفرد اخلاقياً، ويعلّمه معنى التّضامن والعطاء، ويوجد له سنداً سياسيّاً ومعنويّاً يمكنه الاتّكاء عليه ايّام الشدائد، ويحول دون انتهاك حقوقه أو تهميشه أو استبعاده بغير وجه حقٍّ، ويجعل منه جزءاً لا يتجزّأ من جماعةٍ حزبيةٍ منظّمةٍ أوسع وأقوى وأصلب، تحرص على نموّ شخصيّته وعلى تحقيق المصالح الوطنيّة والعامّة، وتحفظ له كرامته وحريّته ووجوده. إنتسبوا الى القوات، حتّى تزدادوا بها قوةً، وتزداد بكم طاقات.”

وأضاف:”تنتسبون الى حزبٍ ديموقراطيٍّ يطمح الى لمّ الشّمل، شعاره “انا وانت وهو”. في زمنٍ صارت فيه الوعود مجرّد شعاراتٍ، والمبادىء مجرّد أشعارٍ، والأشعار مجرّد تزلّفٍ وأبياتٍ . تنتسبون الى حزبٍ إذا وعد وفى، وإذا قال صدق، مبادؤه أحجارٌ كريمةٌ مسكوبةٌ من دماء الشّهداء، وكلمته كلمةٌ مسموعةٌ مسبوكةٌ من ذهب الوفاء، صاحب الحقّ فيه سلطان وماسح الجوخ فيه خسران، حزبٌ إذا قال “لا” تمسّك بها الى أبعد حدود المبدئيّة، وإذا قال “نعم” إلتزم بها حتّى أقصى حدود التّضحية، وإذا أحجم عن اتّخاذ موقفٍ لأيّ سببٍ، إستحال اللاموقف معه هو الموقف بحدّ ذاته، إذا كان شعبنا يتنعّم بالديموقراطيّة والحريّة في العمل السّياسيّ والتّعبير والتّظاهر اليوم، فذلك لأنّ ابطال القوات اللبنانيّة في قرى وبلدات قضاء بعبدا ولبنان، غادروا دفء منازلهم وتركوا اولادهم وعائلاتهم، ووضعوا حياتهم على أكفّهم، وساروا إلى ساحات الشّرف والبطولة والمجد مرفوعي الرأس لا ترهبهم شدّةٌ ولا ينال من عزيمتهم خطر.”

وختم جعجع:”إنّ نضالكم وصمودكم وإيمانكم وثباتكم في خطّكم السياسيّ قد خوّلكم الحصول على بطاقة انتسابٍ فعليّةٍ للقوات، قبل أن تحصلوا اليوم على بطاقتكم الحزبيّة الإداريّة. إنّ البطاقة التي تتسلّمون اليوم هي انتصارٌ للبنانكم، للقضيّة، للحرّيّة، لكلّ القيم والمبادىء التي استشهد رفاقنا من أجلها. فاجعلوها بطاقة مرورٍ خضراء الى قلوب اللّبنانيين، وبطاقة وقوفٍ حمراء بوجه الفساد، والشّواذ، والتّخاذل، والرّماديّة، والمحسوبيّة، والزّبائنيّة، والإقطاعيّة والعشائريّة. إنّ التاريخ لا يسير إلاّ في الاتّجاه الصّحيح، فانتسبوا الى القوات، وسارعوا الى تسجيل أسمائكم في سجلاّت الشّرف والبطولة والمجد، ولا تدعوا التّاريخ ينتظركم طويلاً.”