أشارت مصادر لصحيفة “النهار” الى ان تهديد الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله لا ينطلق من حرص على الرئيس تمام سلام بل من تخوف من مرحلة تصريف الاعمال حيث لا يجتمع مجلس النواب من دون حكومة، ولا اجتماع لمجلس الوزراء، وتالياً لا معطل ولا تعطيل امام ما يريده سلام.
وعشية جلسة مجلس الوزراء غداً الثلاثاء، صرّحت مصادر وزارية لـ”النهار” بأن الجلسة التي ستنصرف الى البحث في الآلية الحكومية والنفايات محكومة بالدوران في الحلقة المفرغة وفق المعطيات المتوافرة، كما ان الاتصالات الداخلية والعربية والدولية التي تلقاها سلام لثنيه عن فكرة الاستقالة لم يواكبها تقديم حلول من أقصى 8 آذار الى أقصى 14 آذار في شأن الآلية والنفايات. واعتبرت أن علامة الاستفهام الكبرى ستكون بشأن موقف سلام غدا، فإذا اقتنع بصرف النظر عن الاستقالة فهل يتجه الى الاعتكاف؟ علما أن الاعكتاف ليس الاول من نوعه لرئيس حكومة، لكنه سيكون الاول من نوعه في غياب رئيس الجمهورية الذي يتولى عادة إدارة الامور في هذه الحال.
وفي هذا السياق صرّح وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار” أن البعض يريد أن يحوّل النفايات ضد الرئيس سلام مثلما جرى تحويل الدواليب المحروقة عام 1992 ضد الرئيس عمر كرامي، لكن الرئيس سلام لن يقبل بهذا الامر وهو مستعد لقلب الطاولة في وجه الجميع”.
من جهتها، ذكرت مصادر معنية بالأزمة الحكومية لصحيفة “الجمهورية” إنّ توَجّه سلام إلى الاستقالة أو الاعتكاف جدّي، لكنّه يتعرّض لضغوط كثيرة مصدرُها مرجعيات دولية رفيعة من مستوى رؤساء وديبلوماسيّين وأمَم متّحدة، لثَنيِه عن هذه الخطوة، لأنّ الوضع لا يتحمّل استقالة الحكومة في هذه المرحلة، ليس فقط بسبب الشغور الرئاسي، وإنّما أيضاً لأنّ البلاد مقبلة على تطوّرات تفرض أن يكون حضور لبنان فاعلاً، ولو بالحدّ الأدنى، لمواكبة التطوّرات الإليمية، لكي لا تأتي أيّ حلول على حسابه، على خلفية الاتفاق النووي بين إيران والدوَل الغربية.
وتحدّثَت المصادر عن أنّ كلّ هذه التحرّكات الهادفة لإنهاء الأزمة الحكومية لا تزال بلا بركة، ما يَعني أنّ ملفَّي آليّة اتّخاذ القرار في مجلس الوزراء والتعيينات الأمنية والعسكرية ما زالا جامدَين بسبَب تمسّك الأفرقاء المعنيين كلٌّ بموقفه ولم يتزحزح قيدَ أنملة عنه.
ولفتَت المصادر إلى أنّ الرئيس سعد الحريري ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط دخلا بقوّة على خط الأزمة وأجرَيا اتّصالات عدّة بسلام، في الوقت الذي فهمَ الجميع ما بات عليه موقف رئيس تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون مِن خلال ما عبَّر عنه نصر الله في دعوته تيّار “المستقبل” إلى النزول “من برجه العاجي” والتحاور مع “التيّار الوطني الحر”.
ونقل زوار سلام لصحيفة “الأنباء” الكويتية قوله ردا على نصرالله دون ان يسميه ان التواصل قائم مع عون، وان القوى السياسية في مجلس الوزراء والتواصل دائم ضمن اطار المجلس.
واضاف سلام امام زواره انه حريص على عدم الدخول في سجال سياسي، او تعليق سياسي على مواقف أي قيادي او مرجعية وهو حريص على القيام بما هو عليه ومستمر في هذا المنحى.
وقال ان مجلس الوزراء ليس معنيا بحل الخلافات بين السياسيين بل ادارة شؤون الناس وقال ان المشكلة الآن هي في اداء مجلس الوزراء وفي محاولة تعطيله.
واشارت مصادر وزارية لصحيفة “المستقبل” الى أن سلام تلقى مزيداً من الاتصالات والرسائل العربية والدولية الساعية الى ثنيه عن الاستقالة، موضحة أن مجمل هذه الرسائل تسعى الى تجنّب اتساع مساحة الفراغ في الدولة، علماً أنها تجمع على تحميل مسؤولية هذا الوضع الى فريق 8 آذار.
ولفت الزوّار الى أن سلام لم يعرف بالتهوّر أو التسرّع، وبالتالي فإن تمسك اللبنانيين بعدم استقالته هو لأنهم يشعرون بالمخاطر التي تواجه البلد، وبالتالي فهو لا يزال يفسح في المجال لتوفير مستلزمات عمل مجلس الوزراء الى هذه اللحظة إلا أنه لم يلمس أي إنفراج حتى الآن.
ورفض سلام الردّ على موقف نصرالله، مكتفياً بالقول: “حرصت دائماً أن لا أخوض في سجال سياسي مع أي قيادي، فأنا أقوم بعملي كما يجب”.
صحيفة “الأخبار” قالت: “إنه بين تلويح رئيس الحكومة تمام سلام بورقة الاستقالة وأزمة النفايات التي تفيض بها الشوارع، ينتظر أن تتكثف الاتصالات بدءاً من اليوم، مع عودة رئيس مجلس النواب نبيه برّي من إجازته، مع «فشل الاتصالات المفتوحة مع الرئيس سلام والتي لم تسفر حتى الساعة عن أي تقدم»، بحسب مصادر وزارية بارزة.”
وقالت مصادر مطلعة إن سلام كان قد تقدم أكثر صوب الاستقالة بعد تبلغه أن تيار «المستقبل» ليس في وارد التفاوض مع التيار الوطني الحر حول آلية العمل الحكومي.
لكن خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وتحذيره من الاستقالة والفراغ جعلاه في حالة ارتباك. ووصفت المصادر موقف سلام بأنه «في حالة ارتباك، فهو يريد تفعيل الحكومة، وما دام لم يلق أي تجاوب، فهو يريد الاستقالة، لكنه يأخذ تصريحات نصرالله في الاعتبار، لأنه لا يريد أي مشكلة، وفي حال امتنع عن الاستقالة، فهو يريد حلاً لأنه لا يريد أن يظهر كمن خضع لكلام نصرالله”.
ولفتت المصادر الى أن سلام يواصل المشاورات، وهو يستعين بالنائب وليد جنبلاط للوصول الى حل يسمح للحكومة بالعمل واتخاذ القرارات، خصوصاً أن فريق 8 آذار لن يتراجع عن دعم موقف العماد ميشال عون، بينما يرفض المستقبل أي حوار حول هذا الموضوع.
وفيما ترتفع المتاريس السياسية بين مكونات الحكومة، كشفت المصادر عن «قلق عربي ودولي نقله سفراء الى رئيس الحكومة، أبرزهم الأميركي والفرنسي والمصري. وقد دعاه هؤلاء الى تجنّب هذا الخيار، مؤكدين له أن هناك ملامح حلول وتسوية في المنطقة يجب أن يستعد لها لبنان، وهي التسوية التي تنتظرها جميع الأطراف، فإما أن يكون الوضع الداخلي ممسوكاً فيستفيد لبنان من التسوية، وإلا فسيكون لتفجير الساحة الداخلية أثر سلبي سيدفع لبنان ثمنه». وشدّد السفراء على «ضرورة أن تحافظ المكونات جميعها على الوضع وإبقائه على ما هو عليه في الفترة المقبلة»، محذرين سلام من “القيام بأي خطوة لا تُحمد عقباها، ويمكن أن تؤدي إلى فلتان الشارع”.
المصادر أكّدت أن «سلام الذي سيواصل لقاءاته اليوم كان عازماً فعلاً على رمي الاستقالة في وجه المكوّنات الحكومية منذ يومين»، رغم نفي مكتبه الإعلامي في بيان «الأنباء التي جرى تداولها عن تقديم استقالته». وأوضحت أن «النائب وليد جنبلاط هو الطرف الأكثر فعالية على خط الاتصالات مع رئيس الحكومة لثنيه عن اتخاذ قرار يدخل البلاد في المجهول».
وأشار وزراء التقوا سلام أمس إلى «اتصالات تلقاها رئيس الحكومة، أول من أمس، من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والنائب فؤاد السنيورة لبحث أزمة ملف النفايات والحلول المتاحة»، مؤكدين دعمهما له في وجه الحملة التي يتعّرض لها، والضغط عليه للتراجع عما كان قد لوّح به من خيارات، وفي مقدّمتها الاستقالة، لأن لا مصلحة لأحد في تفجير الحكومة.
وفيما وصفت مصادر سلام «الوضع الميداني والحكومي بالسيّئ جداً»، أكدت أن «رئيس الحكومة الذي يتعرّض لضغوط مكثّفة لا يخضع لتأثيرات من هنا وهناك، لكن لديه من الحنكة ما يجعله يحسبها صح». وهو قال لمن التقاهم أمس إنه «في جلسة الحكومة المقبلة سيضع النقاط على الحروف ويسمّي الأشياء بأسمائها، ويدفع بالمسؤولية على الجميع بدلاً من أن يحملها وحده، لأنه ليس في وارد التكيف مع الحالة الشاذة التي يحاول طرف فرضها عليه، ولن يكون أسير إملاءات، فصلاحياته الدستورية واضحة، ويملك مروحة قرارات سيعلن عنها يوم الثلاثاء، ومن هذه القرارات التوقف عن دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، والذهاب نحو عقد جلسات وزارية مختصة، بمعنى تحديد بنود ملحّة ودعوة الوزراء المعنيين بها إلى معالجتها.