لا يشبه أفق تسويات الازمة الحكومية المزدوجة (آلية العمل والنفايات) المقفل داخليا الذي دفع الرئيس تمام سلام نحو الاشمئزاز والتفكير جديا بالاستقالة كي لا يصبح شاهد زور على اداء المؤسسة الدستورية المعَطلة والمشلولة خلافا للمطلوب منها في هذه المرحلة، واقع حال النظرة الاقليمية والدولية للوضع اللبناني، فالمعنيون والمهتمون بمآل الشؤون اللبنانية الذين كثفوا في الساعات الاخيرة اتصالاتهم بالسراي الحكومي لحث الرئيس سلام على عدم انتهاج الخيار الصعب، يؤكدون ان استقالة الحكومة اليوم من شأنها ان تمس بالخط الاحمر المرسوم دوليا للاستقرارالداخلي وغير جائز تخطيه تحت اي ظرف.
وتقول مصادر سياسية اطلعت على طبيعة الاتصالات الجارية بالرئيس سلام من عدد واسع من المسؤولين الاجانب متمنية عليه التريث، ان جوهر هذه الاتصالات ركز على منح المزيد من الوقت للحكومة ولئن كانت على حافة الانهيار، لان الحراك الخارجي بعد الاتفاق النووي الايراني من شأنه ان يرسي الحل المنشود لازمات لبنان عموما وليس للوضع الحكومي فحسب، باعتبارها الاقل تعقيدا مقارنة بسائر ازمات المنطقة المفترض ارساء التسويات لها بعد “النووي”. وتشير في هذا المجال الى جولة وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف الخليجية، حيث حط في الكويت على ان يزور بعدها قطر وعمان شارحا وجهة نظر بلاده من الاتفاق النووي واستعدادها للتعاون والانفتاح على دول الخليج. وينقل ظريف رسائل من الرئيس الايراني حسن روحاني تؤكد التوجه المشار اليه. وتوازيا، يقوم وزير الخارجية الاميركي جون كيري بزيارة الى الدوحة في 3 آب المقبل للاجتماع بنظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر، في محاولة “لإقناعهم، أنّهم سيكونون أكثر قوة مستقبلاً من خلال صدنا (إيران) بطريقة أكثر كفاءة”، على حد تعبيره. واذا كانت اهداف جولتي ظريف وكيري تمهد الارضية الصالحة لاعادة نسج خطوط الاتصال الايرانية- الخليجية على امل ان تعيد وصل ما انقطع بين ايران والمملكة العربية السعودية بحيث يحصد لبنان نتائجها الايجابية انفراجا في ازماته، فان زيارة وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الى طهران بعد غد تختص في جزء اساسي منها بالملف اللبناني وضرورة تسهيل المسؤولين الايرانيين الحلول من خلال حلفائهم اللبنانيين، في ما تعتبره فرنسا اختبار نيات ايرانية لمدى الاستعداد للتعاون بعد توقيع النووي.
وتبعا لذلك، توضح المصادر ان اكثر من مسؤول غربي اتصل بسلام اخيرا ناصحا بالتريث لفترة لن تكون طويلة تتظهر خلالها نتيجة الحراك الايراني والاميركي –الخليجي والفرنسي – الايراني وتتظهر في ضوئه اتجاهات الرياح التي ستلفح اولا لبنان، وتوجب ان يكون مستقرا سياسيا وامنيا ليحصد النتيجة والا فانه يضيّع أهم فرصة للحل ينتظرها منذ اكثر من عام ونيف.
وعلى اهمية الاتصالات، تشير مصادر السراي الحكومي لـ”المركزية” الى ان الرئيس سلام الذي صبر اكثر من 11 شهرا لتشكيل حكومته مدرك تمام لحجم المخاطر المترتبة على البلاد ولاهمية موقعه ودوره في ظل الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، لكنه مدرك ايضا واقع ان انتاج حكومته تدنى الى ما دون الصفر وحتى ما دون فاعلية حكومة تصريف الاعمال ولا يمكن ان يبقى في موقع المسؤولية مكبلا بمحاولات تكبيله بالشروط السياسية وعاجزا عن اتخاذ قرار.