أطلقت الأنباء عن احتمال استقالة رئيس الحكومة تمام سلام أو اعتكافه عن ممارسة مهماته نتيجة تعطيل مجلس الوزراء وتصاعد الأزمة السياسية، تحركات خارجية دولية وعربية خلال الأيام الماضية، باتجاه رئيس الحكومة لثنيه عن هذه الخيارات، والتضامن معه، وشملت بعض هذه التحركات الأطراف السياسيين المعنيين بالأزمة، مطالبة إياهم بالتهدئة واحتواء التأزم.
وأبرز هذه التحركات كان اتصال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي تمنى على سلام عدم اعتماد خيار الاستقالة، حسبما قالت مصادر مطلعة لصحيفة “الحياة”.
وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، عن “قلق مصر إزاء ما يبدو من تأزم للوضع السياسي في لبنان”، موضحاً أن “هناك ضرورة لدعم عمل الحكومة اللبنانية بصرف النظر عن أي خلافات سياسية أخرى”، داعياً “القوى السياسية اللبنانية الى الحرص على تفعيل العمل الحكومي حفاظاً على المؤسسات الدستورية للدولة اللبنانية، ومنعاً لفراغ يهدد استقرار هذا البلد الشقيق وسط ظروف إقليمية مضطربة تدعو دول المنطقة للعمل على تطويق الأزمات وعدم السماح بزيادتها”.
وأوضح أن وزير الخارجية سامح شكري أجرى اتصالاً مع الرئيس سلام، أكد فيه دعم مصر الكامل للحكومة حرصاً على استقرار لبنان. ويتابع وزير الخارجية الاتصالات حرصاً على تسوية التأزم الأخير على الساحة اللبنانية فضلاً عن إبقاء لبنان في منأى من التأثر بتدهور الوضع الإقليمي. وقال عبد العاطي إن وزير الخارجية دعا اللبنانيين الى التوافق بشأن انتخاب رئيس الجمهورية بأسرع ما يمكن لاستعادة الوضع الطبيعي للمؤسسات اللبنانية، وذلك في إطار التعايش بين القوى والأطياف السياسية والمجتمعية، وهو الأمر الذي يتميز به هذا البلد الشقيق.
وفي معلومات “الحياة”، أن اتصال شكري جزء من جهود كثيفة بدأتها مصر عبر سفارتها في بيروت منذ السبت الماضي، مع كل الأطراف اللبنانيين، كان بعضها محل ترحيب، وشملت إلى الرئيس سلام، زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، رئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” النيابي العماد ميشال عون، رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل، رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وزراء الداخلية نهاد المشنوق، المال علي حسن خليل والصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله) وآخرين، بهدف تأكيد أن “الوضع الإقليمي لا يحتمل انهيار لبنان في ظل الشغور الرئاسي والوضع الدستوري والسياسي الراهن، ولا يجوز أن يدخل البلد في نفق مسدود أكثر مما هو عليه الآن”.
كما علمت “الحياة” أن الجانب المصري يجري اتصالات خارج لبنان أيضا “للمساعدة على حلحلة الموقف ونزع فتيل الأزمة المتصاعدة مع تأكيد وجوب دعم الرئيس سلام وحكومته وعدم جواز حصول المزيد من الفراغ في المؤسسات اللبنانية”.
في سياق متصل ذكرت صحيفة “الشلرق الاوسط” ان باريس تراهن كثيرًا على الزيارة التي سيقوم بها الأربعاء وزير خارجيتها لوران فابيوس إلى طهران، لإقناع الجانب الإيراني باتباع سياسة أكثر إيجابية. وبرز ذلك في البيان الذي صدر عن قصر الإليزيه عقب الاتصال الهاتفي الذي تم يوم 23 تموز الحالي بين الرئيس فرنسوا هولاند ونظيره حسن روحاني، إذ جاء فيه أن فرنسا “تتمنى أن تلعب إيران دورًا إيجابيًا في تسوية أزمات الشرق الأوسط”.
وتريد باريس، كما قالت مصادر دبلوماسية للصحيفة عينها، أن يكون لبنان هو “الاختبار الأول” للمسار الجديد للسياسة الإيرانية في المنطقة بسبب الموقع التقليدي الذي يحتله لبنان لدى فرنسا، وبسبب الجهود السابقة التي بذلتها باريس، ومنها مع إيران من خلال زيارات مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السفير جان فرنسوا جيرو إلى طهران. وعلم في باريس أن هولاند كلف الوزير فابيوس أن يتولى التعاطي بالملف اللبناني، وأن يبحثه مع نظيره محمد جواد ظريف ومع الرئيس روحاني.
وجاء الاتصال الهاتفي بين هولاند ورئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أمس الإثنين، الذي صدر بشأنه بيان عن رئاسة الوزراء اللبنانية، ليبين المخاوف المتزايدة لباريس ليس فقط من استمرار الفراغ على رأس الهرم الدستوري في لبنان، وإنما أيضًا قلقها من أن يصل إلى الحكومة ورئاستها بعد تهديدات سلام المبطنة باللجوء إلى الاستقالة بسبب التعطيل الذي يواجهه وشلل حكومته.
وينبع قلق باريس من شمول الفراغ السلطة التنفيذية بكافة مكوناتها، الأمر الذي يعني استفحال الأزمة السياسية المنعطفة على الأزمة الاجتماعية الاقتصادية، ناهيك بالمخاطر الأمنية. ورغم أن المصادر الفرنسية تمتنع عن القول صراحة إنها طلبت من سلام البقاء في موقعه حتى لا تتهم بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية، فإنها تشير ضمنًا إلى حثها سلام على الاستمرار.
وخلال الأسبوع الماضي، استقبلت باريس وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي أعد له برنامج لقاءات حافل بما في ذلك لقاء مع فابيوس، وكما استقبلت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور.
وبحسب الوزير المشنوق، فإن لبنان يأتي “في المنزلة الأولى” من اهتمامات المسؤولين الفرنسيين، الذين يعملون مع الأطراف المؤثرة على توفير شبكة أمان للبنان وتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. بيد أن الجهود الفرنسية لم تكن كافية حتى الآن، وتتخوف باريس من أن استمرار “التجاذب الإقليمي” كما هو ظاهر من اليمن وحتى سوريا، “لا يساعد كثيرًا” على تحقيق اختراق في الأزمة اللبنانية. وقد خبر جان فرنسوا جيرو ذلك سابقًا، وخلال جولاته المتعددة التي لم تنجح في “فك الارتباط” بين ما يجري في لبنان وما يحصل خارج حدوده.
الى ذلك كشفت صحيفة “النهار” ان الفاتيكان ابلغ عبر قنوات ديبلوماسية رئيس الحكومة أنه ينظر بإستغراب الى الانباء عن عزم الرئيس سلام على الاستقالة.