IMLebanon

خبراء عسكريون لبنانيون: معركة الزبداني مسألة حياة أو موت

 

zabadani

 

 

معركة الزبداني مازالت محتدمة وتتميز بشراسة القتال وكثافة النيران والطابع المصيري. في هذه المعركة يتواجه الجيش السوري (الفرقة الرابعة) وحزب الله مقابل تنظيمات معارضة أبرزها الجيش الحر وأحرار الشام و«جبهة النصرة»… والطرفان يعتبران المعركة مسألة حياة أو موت.

فمن ناحية النظام أولا، لم يبق له سوى شريان واحد يربطه بالعالم الخارجي هو الطريق بين دمشق ولبنان، والزبداني تقع على الأوتوستراد الدولي بينهما وتتحكم في الحركة العسكرية والمدنية عليه، وتتحكم في خطوط الاتصال مع القلمون الغربي وطريق حمص الساحل.

ومن ناحية حزب الله ثانيا، تعتبر الزبداني منطقة شديدة الحساسية، لتحكمها في طريق بيروت دمشق، وحركة دخوله وخروجه الى دمشق ومدن جنوب سورية، والقلمون الغربي، ونقطة الحدود بين الدولتين، وتهدد مواقعه على طول الحدود، بل إن مصادره تقول إن معركة القلمون الغربي ستظل قاصرة عن تحقيق أهدافها بدون السيطرة على الزبداني التي تشكل رمحا في خاصرة النظام وخاصرة لبنان معا:

* العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر (رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات) يرى أن القرار باستعادة الزبداني اتخذ والمعركة ليست سهلة.

فإن لم يجر تفاهم أو حل كما حصل في قرى القلمون حيث انسحب المسلحون، فإن المعركة ستكون قاسية جدا لأن المسلحين الموجودين في الزبداني يعرفون هذه المنطقة جيدا، إذ إن نسبة كبيرة منهم من أبنائها ويعرفون كل زاوية فيها وهم ينتظرون هذه المعركة منذ عامين.

لذا موقع الزبداني استراتيجي ومهم جدا بالنسبة للسوريين لأنه خاصرة دمشق ويهدد الطريق الدولية بين دمشق وبيروت والتي هي الطريق الوحيدة للنظام السوري مع دول الجوار تقريبا غير طريق طرابلس.

بالنسبة للبنان هناك خطورة في نتائج المعركة إذا انسحب المسلحون الى المراكز اللبنانية لأنها تبعد 5 كيلومترات عن لبنان وانضموا الى الجماعات الموجودة في عرسال.

عندها فإن لبنان سيواجه عددا أكبر من المسلحين، هذه الخطورة الوحيدة التي قد تعود على لبنان فقط. أما إذا انسحبوا الى الجنوب السوري فسوف ينسحبون عن طريق دير العشائر الى القنيطرة وحوران. ولكنهم إذا تجمعوا في منطقة دير العشائر فقد يشكلون خطورة على قرى البقاع الأوسط. الآن المدينة محاصرة ولكن الى متى ستصمد، وبرأيي سوف تدمر لأنه يتم اعتماد سياسة الأرض المحروقة.

* العميد المتقاعد وهبة قاطيشة (مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية) يعتبر أن معركة النظام في دمشق، بالمعنى العسكري، يمكن وصفها بـ «الحرب على الخطوط الداخلية».

فعندما يفرض الحصار على الجيوش، تضطر هذه الأخيرة الى القتال على خطوطها الداخلية، أي أنها تتحصن في الداخل (العاصمة في الوضع الحالي للنظام)، وتثبت الطوق المفروض عليها في نقاط عديدة من مواقع الحصار، ومن ثم تباشر باختيار الأهداف المحيطة بها لفك الحصار، بدءا بالأهداف السهلة.

فالنظام المطوق في دمشق، من ضواحي العاصمة والغوطة ودرعا والجولان والزبداني… يحاول فك الطوق عبر الهدف الأسهل، كما يعتقد، مدينة الزبداني.

فالحرب على الزبداني يصورها النظام ظاهريا وكأنها قرار بتوسيع سيطرته على سورية، انطلاقا من العاصمة الحصينة دمشق، لكن حقيقة المعركة أن هذا النظام عجز منذ بدء الثورة عن السيطرة حتى على الضواحي القريبة للعاصمة، وبات يشعر بأن الأخطار العسكرية بدأت تدق أبواب دمشق.

والمواقف السياسية لبعض حلفائه تنبئ بأن نظامه قد يكون موضوع مقايضة، فبادر الى تجميع جهده في العاصمة وحولها في عملية لتثبيت القوى التي عجز عن دحرها في الغوطتين وعلى أطراف العاصمة.

ولكن لماذا الزبداني؟ لأن الزبداني، بموقعها غربي دمشق، على مقربة من الحدود اللبنانية، وتمتلك إمكانية أن تتحكم بمحور بيروت دمشق من الجهة الشمالية لهذا المحور (10 كلم عن المحور)، خصوصا إذا نجحت القوات المعارضة فيها في تأمين التواصل مع تلك المعارضة التي تتحكم بالجانب الآخر من محور بيروت دمشق من جهة الجنوب الملاصقة لمنطقة الجولان.

فيصبح هذا المحور بين فكي كماشة الزبداني من الشمال والمعارضة من الجنوب، ما يقطع طريق دمشق بيروت على النظام ويزيد في حصار العاصمة ودمشق وعزلتها، كما يمنع التواصل العسكري واللوجستي بين حزب الله والنظام على هذا المحور الأساسي الذي لا يمكن التعويض عنه بمحاور تستخدم في الأساس للتهريب، لتلبية الحاجات المتبادلة بين قوى النظام وحليفه حزب الله في لبنان.

ويصبح هذا النظام معزولا عن العالم، باستثناء محور دمشق حمص الساحل السوري، غير المتماسك أصلا، والذي قد تطرأ عليه بسرعة بعض الظروف الإيجابية للمعارضة، فتنقض عليه هذه الأخيرة وتقفله، وتضع النظام في عزلة كاملة عن العالم.

هذا هو الهدف الأساسي لمعركة الزبداني، استباق تطور الأحداث نحو عزلة دمشق، وبالتالي الحفاظ على سلامة محور التواصل بين دمشق وحزب الله.

المعركة في الزبداني، وبالرغم من وصفها من قبل النظام وحلفائه بأنها شوكة في خاصرة دمشق تظل صعبة ومكلفة.

قد ينجح النظام في الدخول إليها، إلا أنه يستحيل عليه السيطرة عليها.