سلوى بعلبكي
في أواخر نيسان الماضي، زار نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم لبنان، واكد التزام البنك الدولي حيال هذا البلد عبر مضاعفة استثمارات البنك خلال السنوات الأربع المقبلة، لتصبح بحدود المليارين و300 مليون دولار. لكن يبدو أن هذا “الوعد” لم يصمد طويلاً بدليل الاجراءات الجديدة التي اتخذها البنك حيال لبنان بفعل تعطيل مجلس النواب وإضعاف فعاليّة الحكومة.
اتخذ البنك الدولي أخيراً قرارات جديدة تقضي بعدم التزام مشاريع تنموية جديدة في لبنان قبل الحصول على الموافقة المسبقة عليها من السلطات الرسمية اللبنانية أي الحكومة ومجلس النواب، ومن بينها مشروع حماية بحيرة القرعون بقيمة 55 مليون دولار. وفيما حذّر الخبير الاقتصادي غازي وزني من اقفال باب التشريع بفعل تعطيل مجلس النواب بما قد يسبب خسارة لبنان القروض الدولية الميسّرة والطويلة الاجل، ومنها قروض البنك الدولي التي تناهز قيمتها المليار دولار والمخصصة لقطاع المياه والسدود والجسور، يبدو أن الاتصالات التي أجريت مع المسؤولين في البنك الدولي أفضت الى تمديد فترة القرض المخصص للسد (474 مليون دولار) 180 يوماً أي حتى نهاية الـسنة. وأهمية القرض ان شروطه ميسّرة لمدّة 18 سنة مع فترة سماح لمدّة 5 سنوات. والمشروع الذي تبلغ قيمته 612 مليون دولار يفيد منه أكثر من مليون مواطن في منطقة بيروت الإدارية ومنطقة واسعة من جبل لبنان.
وإذا كانت الاتصالات نجحت مع البنك الدولي في اللحظات الاخيرة قبل انقضاء المهلة الاخيرة لتمويل السدّ في 21 الجاري، إلا أن حظوظ المناطق المحرومة لبناء مدارس فيها كانت سيئة، إذ تمّ الغاء قرض من الوكالة الفرنسية للتنمية ADF بقيمة 25 مليون دولار مخصص لهذه الغاية، بفعل غياب التشريع في مجلس النواب.
الى ذلك، ثمة مشاريع مجمّدة لدى الحكومة ومعرضة للإلغاء مموّلة من البنك الاسلامي، اذا لم تسارع الحكومة الى الاتصال بمسؤولين في البنك لتمديد فترة الافادة منها. ومن هذه المشاريع استكمال اوتوستراد الجنوب بقيمة 140 مليون دولار، ومشروع الصرف الصحي لمدينة بيروت بقيمة 87 مليوناً. اضافة الى ذلك، ثمة مشاريع أخرى مجمّدة لدى مجلس النواب منها مشاريع تتعلّق بالصرف الصحي وتوسيع اوتوستراد كازينو لبنان يموّلها البنك الاوروبي بقيمة 85 مليون دولار.
إذاً، تعطيل مجلس النواب في ظلّ عدم إنتاجية الحكومة يؤثّر على صورة لبنان الخارجية الهشّة حالياً، وخصوصاً لدى مؤسسات التصنيف الدولية، بما قد تؤدّي إلى خفض التصنيف الائتماني للبنان بسبب عدم إقرار موازنات عامة وتزايد الدين العام واستمرار العجز في المالية العامة والانقسامات السياسية والتوترات الأمنية، وفق ما يقول وزني. كما انَّ هذه الصورة تُبعد المستثمرين، إذ لاحظ عدم اهتمام المستثمرين الداخليين والخارجيين بأي استثمار داخلي، وقد ظهر ذلك جلياً في الفترة الأخيرة خصوصاً في القطاع العقاري، بعدما ظهر تراجع ملحوظ في حركة البناء تناهز الـ15%.
هذه الصورة السلبية يُضاف إليها المشهد المقزّز للنفايات في الشوارع، يضعفان الحركة السياحية في أشهر تعدّ أساسية لجذب السيّاح الى لبنان (تموز وآب) وبمثابة ضغوط في الأشهر المقبلة، هي أشهر أعياد (الأضحى، الميلاد). لذا يتوجّب على الحكومة، وفق وزني، المحافظة على الحد الأدنى من النمو الاقتصادي عبر التحضير لمشروع موازنة 2016 الذي يفترض أن يقدم الى مجلس الوزارء في نهاية 2015، كذلك يفترض عليها اتخاذ بعض الاجراءات لتحسين الوضعين المعيشي والاجتماعي للمواطنين اضافة الى المحافظة على الطفيف للنمو الذي سيكون أقل من 1.5%.
وإذ أكد ان القروض التي انتهت فترتها لن يكون بمقدور لبنان تمديد فترة الافادة منها، أشار الى أنه على الحكومة الاتصال بالبنك الدولي والمؤسسات الأخرى للمطالبة بتجديد فترة القروض التي لم تنته مدتها بعد، اشهراً عدة، لضمان عدم خسارتها.
ويخلص وزني الى القول “ان استمرار تعطيل مجلس النواب واضعاف انتاجية الحكومة يدخلان البلاد في ضبابية تامة، تنعكس سلباً على جميع مؤشرات 2015، وعلى صورة لبنان الخارجية، وتالياً الى تريث الصناديق والمصارف الدولية في تقديم الدعم المالي للبنان بملايين الدولارات بما ينعكس مستقبلاً على الانماء في كل المناطق”.