IMLebanon

جنبلاط زبّال لبنان لا نيويورك!

walid-jumblat3

كتب هيثم الموسوي في صحيفة “الأخبار”: هل وضع النائب وليد جنبلاط قطار أزمة النفايات على سكة الحل؟ بعد “تبرّعه” بنقل النفايات من الشوارع إلى سبلين، ها هو يقترح مجدداً على اللجنة الوزارية أمس نقل النفايات إلى كسارات عين دارة. لكن لعبة عض الأصابع بينه وبين سوكلين ومن خلفها آل الحريري لم تنته بعد.

يبدو أن أمنية النائب وليد جنبلاط بالعمل زبالاً في نيويورك تحققت شروطها في لبنان. النائب الشوفي الذي سبّب الأزمة التي أغرقت العاصمة والضواحي وجبل لبنان بالنفايات، “تبرّع” أمس بإيجاد الحل. لكن كالعادة، تنبعث رائحة صفقة سياسية ــ مالية من “كرَم” البيك. بدأ جنبلاط يحيك حبكته يوم 8 تموز الماضي، عندما وَعَد رئيسَ الحكومة تمام سلام بأن مكبّ الناعمة لن يُقفل في وجه شاحنات سوكلين المحمّلة نفايات، إلى حين إيجاد حل للمشكلة ككل، والانتهاء من المناقصات.

لكن جنبلاط أخلّ بوعده، فأقفل مطمر الناعمة يوم 17 تموز. ما جرى بين التاريخين أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اختلف مع رئيس مجلس إدارة شركة أفيردا المالكة لشركة سوكلين، ميسرة سكّر، على تقاسم حصص إدارة ملف النفايات في بيروت والضواحي وجبل لبنان. كان البيك يقول ما معناه: “لا أكسب شيئاً من هذه القصة، إلا وجع الراس، وعداوة أهل المناطق المحيطة بمطمر الناعمة. فلماذا عليّ تحمّل هذا العبء وحيداً، ومجاناً؟”. بدأت معركة عض الأصابع بين جنبلاط وسكّر. الأول يقول: لا حل من دوني، والثاني يكرر المقولة نفسها. في الأيام القليلة الماضية، وبعدما قاربت أزمة النفايات على الانفجار، حصل تطوّر على القضية، إذ اتفق رئيس الحزب الاشتراكي مع شركائه آل الحريري على إبعاد سوكلين عن إدارة الملف، وإدخال “متعهّد الجمهورية”، جهاد العرب، كبديل من ميسرة سكّر. وبناءً على ذلك، “تبرّع” جنبلاط بعقار في سبلين، لنقل نفايات بيروت والضواحي إليها. لم تكفه سموم معمله للترابة التي يتنشقها أهل إقليم الخروب، ولا استحواذه على مرفأ الجية، ولا تحكّمه بشاردة المنطقة وواردتها، فأراد أن يصدّر لمواطني ساحل الشوف، بالتكافل والتضامن مع آل الحريري، نفايات العاصمة والضواحي.

انتفض أهل إقليم الخروب، فأفشلوا الخطة. لكن جنبلاط، المتمسك بـ”منجم النفايات”، عاد أمس ليقترح بديلاً: كسارات عين دارة. اللجنة الوزارية المكلفة إدارة ملف “الزبالة” اجتمعت أمس في السرايا الحكومية، فأتى وزير الزراعة أكرم شهيب حاملاً حل جنبلاط السحري. قال، بحسب مصادر اللجنة، إنه اتفق مع مالكي العقار الذي أقيمت عليه سابقاً كسارات عين دارة، وقبلوا بنقل النفايات إلى الحفرة التي أحدثتها الكسارات. وهذه الحفرة، عاينتها لجنة من مجلس الإنماء والإعمار. جرت التحضيرات، لكن بقيت بعض التفاصيل. تحت عنوان أن يتحمّل كل قضاء في جبل لبنان نفاياته، وجزءاً من نفايات بيروت والضاحيتين، جرى البحث عن مقالع وكسارات في كل واحد من الأقضية، لتُطمر فيها النفايات، في مقابل منح البلديات المعنية حوافز مالية. وعلى ذمة مصادر اللجنة، بدا واضحاً أن جنبلاط يقترح تقسيم نفايات بيروت الكبرى على مكبين: عين دارة، وموقع في المتن الشمالي. طالبت اللجنة عضوها وزير التربية الياس بو صعب بتوفير مكان في المتن. وهنا اختلفت الرواية. تقول مصادر وزارية إن بو صعب وعد بتوفير موقع في المتن، طالباً منحه مهلة إضافية. لكن أبو صعب ينفي ذلك، مؤكداً أن توفير مطمر في المتن يحتاج إلى مواقفة التيار الوطني الحر وحزب الكتائب والقوات اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي والبلديات المعنية. إذاً، الاتفاق لم يكتمل. ومن الصعوبة بمكان تحقيق توافق القوى السياسية المؤثرة في أقضية المتن وكسروان وبعبدا على إيجاد مطامر في هذه المناطق، تستوعب جزءاً من نفايات العاصمة وضاحيتيها. وبناءً على ذلك، تقرّر البعث برسالة “إيجابية” إلى المواطنين (وصفها أحد الوزراء بـ”الخنفشارية”)، تتمثل بجمع نحو 400 طن من النفايات، ووضعها في شاحنات تُركن في الكرنتينا، إلى حين فتح الطرق أمام الشاحنات إلى المطامر، أو إلى عين دارة. لكن مصادر في اللجنة الوزارية ترجّح أن يكون جنبلاط مستعداً لتقديم حل مؤقت للأزمة برمتها، على قاعدة نقل كل نفايات بيروت والضاحيتين إلى عين دارة، لمدة تصل إلى نحو 10 أشهر، يجري خلالها “ترتيب مناقصات” وفق طريقة المحاصصة المعروفة. وخلال هذه الفترة، سيكون الاعتماد على شركة ميسرة سكّر الذي جرى الاتصال به هاتفياً خلال اجتماع اللجنة، وأبدى استعداده لبدء العمل على رفع النفايات. وأصرّ فريق جنبلاط على إدخال جهاد العرب في القضية، من خلال القول إنه مستعد لتشغيل نحو 40 شاحنة لنقل النفايات من بيروت، مجاناً. دخل البلد إذاً مرحلة جديدة من “عض الأصابع”. جنبلاط يريد أن يحجز له مكاناً في إدارة ملف النفايات، تاركاً جزءاً عالقاً لدى “القوى السياسية في جبل لبنان الشمالي” (لتوفير مطامر في المتن وكسروان وبعبدا)، وهو يريد ـ بحسب مصادر وزارية ـ تحسين شروطه في المفاوضات التي يجريها مع آل الحريري، للتوصل إلى تسوية سياسية ــ مالية، سواء أكان المتعهد ــ الشريك للطرفين هو جهاد العرب أم ميسرة سكّر. وهو يدرك أن العونيين والكتائب والقوات يرفضون حمل كرة اللهب، مرددين المثل الشعبي القائل: “يللي طلّع الحمار على الميدنة، ينزّلو”.

جلسة اللجنة الوزارية أمس أقرّت أيضاً البدء بإجراءات عقد مناقصة لإقامة محرقة لنفايات بيروت، وعُقِدت الجلسة على وقع مجموعات من الشبان يجولون الشوارع على دراجات نارية، يحرقون حاويات النفايات. وتجمهر عدد من هؤلاء قرب منزل الرئيس تمام سلام في المصيطبة، مرددين شعارات مناهضة له. وفيما رأى سلام في بداية الجلسة أن هذه التحركات متعمدة بهدف الضغط عليه، أكّد له الوزير علي حسن خليل الوقوف إلى جانبه في مواجهة “الزعران”. أما الوزير حسين الحاج حسن، فاستنكر ما قامت به تلك المجموعات، معبّراً عن “تقديرنا لجهود دولة رئيس الحكومة تمام سلام في معالجة ملف النفايات”.