يكفي أن تمرّ في شارع الحمراء أو أحد شوارع بيروت أو الضاحية الجنوبية أو حتى جبل لبنان حتّى تعرف أنّ النفايات المكدّسة في كل مكان، قضت على الأخضر واليابس في ما كان القطاع السياحي يأمل به في هذا الصيف. ويمكن القول إن تراكم النفايات على طول معظم الطرق في عزّ موسم الصيف، يساوي في تأثيره السلبي على السياحة والحركة التجارية الضربات الأمنية والانفجارات التي حدثت في الأعوام القليلة الماضية، وضربت في طريقها القطاع السياحي والتجاري ضرباتٍ متتالية.فاليوم وبصريح العبارة، الناس يمشون واضعين كمامات على وجوههم، لعلّهم يرحمون أنفسهم من تنشّق كل هذا التلوّث. يقطعون الطرق بأسرع ما يمكن وكأنهم لا يصدّقون كيف ينتهون من أعمالهم وجحيم التنقل بين النفايات حتى يعودوا أدراجهم. وبصريح العبارة أيضاً، حركة المطاعم والملاهي تراجعت بشكلٍ لافت للانتباه في الأيام الماضية، في نسبةٍ يقدّرها بعض أصحاب هذه المؤسسات في بيروت الذين التقتهم «السفير» بين 20 و30 في المئة. والمار بين مقاهي وملاهي الحمراء والشوارع الأخرى يشاهد بأمّ العين كراسي وطاولات بلا روّاد، حيث إنّ الحركة خفيفة ويكتفي البعض بالجلوس داخل المطاعم، لأنّ تناول الدخان أو «النرجيلة» في «القعدة» الخارجية للمطاعم بات شبه مستحيل. فرائحة النفايات المتصاعدة والمنتشرة بين المحال التجارية والمطاعم والفنادق، تمنع المواطنين والسياح من ممارسة حياتهم بشكلٍ اعتياديّ.
إشغال الفنادق يتراجع
يرى نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر أن «الوضع السياحي كان سيئاً أصلاً، ونحن نتحمّل الخسائر والأزمات منذ سنوات، وما كان ينقص القطاع السياحي إلاّ كارثة انتشار النفايات في الشوارع، حتى تخسر المؤسسات السياحية ما تبقى لها من آمال من تحسّن الحركة وارتفاع نسب التشغيل». ويسأل الأشقر عبر «السفير»: «من سيختار لبنان مقصداً سياحياً وهو يعوم في النفايات والروائح الكريهة منتشرة على الطرق؟». ويفيد بأنّ «نسبة الإشغال لا تتعدّى نسبة تتراوح بين 40 و60 في المئة، في حين أنّه كان من المفترض أن تتراوح هذه النسبة بين 90 و95 في المئة كما في السنوات العادية وفي هذا الوقت من السنة، إلاّ أن الأخبار السياسية والأمنية لا تشجّع السياح لزيارة لبنان، وأتى موضوع النفايات ليزيد الطين بلّةً». ويوضح الأشقر أنّ «المشكلة الكبيرة ليست في نسبة الإشغال المتراجعة وحسب، بل بأنّ سعر الغرفة في تراجعٍ مستمرّ سنةً بعد سنة، ما يخفف المردود بالنسبة للمؤسسات السياحية»، مشيراً إلى أنّ «الفنادق تقدّم عروضاً مغرية جداً، إلاّ أن كل هذه المحاولات الحثيثة لا تنفع في اجتذاب السياح كما يجب». ويلفت الانتباه الى أن «الحركة السياحية في هذا الصيف هي نفسها ما كانت عليه في الصيف الماضي تقريباً، أي أنّ التراجع هو نفسه منذ سنتين».
في السياق نفسه، يجزم أصحاب محالّ تجارية لـ «السفير» أنّ «تراكم النفايات على جوانب الطرق بهذا الشكل الفظيع يعيق التسوّق، وقد خفّض الحركة التجارية بشكلٍ واضح في الأسبوع الأخير، علماً أنّ الموسم لم يكن جيداً في الاساس وقد غاب عنه السياح الخليجيون واقتصرت السياحة على عراقيين وأردنيين». ويوضحون أنّ «ملف النفايات انتشر بشكلٍ سريع، وطبعاً وصلت أخباره الى البلدان المجاورة ومن كان يفكّر في المجيء الى لبنان في هذا الصيف، ربّما سيغيّر رأيه بعد انتشار صور النفايات على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، أو أنه سيؤجل سفره في أحسن الأحوال لحين لملمة النفايات من الشوارع بشكلٍ كليّ وإيجاد حل لها».