IMLebanon

مُزارعو القمح يُهددون بقطع الطرقات !

WheatAkkar
هاجر كنيعو
بعدما كان سهل البقاع يطلق عليه في الماضي »اهراءات روما في القمح» فهو اليوم يشهد تراجعاً كبيراً في الانتاج بسبب موجات الصقيع التي ضربت سنابل القمح في أوائل آيار الفائت، مما أدى الى وقوع أضرار كبيرة في حبيبات الحنطة قبل إكتمال نضوجها. فالمعروف أن البقاع يزرع سنوياً حوالى 95 ألف دونم من أصل 125 ألف دونم (إجمالي المساحة المزروعة في لبنان) ، ليعطي إنتاج ما بين 60 ألف و70 ألف طن من القمح في المواسم الطبيعية، في وقت لم تتجاوز إنتاجية هذا الموسم 30 في المئة أيّ ما يعادل 25 ألف طن. علماً أن إجمالي إنتاج القمح في بعلبك- الهرمل، البقاع، عكار، ومرجعيون في المواسم الطبيعية لا يغطي أكثر من 10% من حاجة السوق اللبنانية المقدرة ب 440 ألف طن سنوياً ، في حين يتم الإعتماد بشكل أساسي على إستيراد القمح من روسيا، أستراليا، أميركا وغيرها من البلدان.
أمس، زار وفد من مزارعي القمح في البقاع قصر المختارة للبحث في أزمة القمح مع تيمور جنبلاط، بحضور الوزيرين أبو فاعور وشهيب،وناشدوا رئيس الحكومة تمام سلام بطرح قضايا المزارعين على طاولة مجلس الوزراء وإدارج مطالبهم «المحقة» على جدول أعمال المجلس لناحية التعويض على خسائرهم والإسراع في تسلّم كميات القمح بسعر ينصف المزارعين ، «وإلا نحن قادمون على كارثة زارعية تطال شريحة كبيرة من أبناء البقاع ، لا سيما أن 40% من سكانها يعتاشون من المواسم الزراعية». وهددوا في حديث لـ «الديار» بإقفال الطرقات الرئيسية والدولية في حال عدم الإستجابة لمطالبهم، فهناك مئات العائلات سترزح تحت ديون البنوك ، هذا إلى جانب التكاليف المترتبة على المزارع من أجرة اليد العاملة وثمن «الشوالات» لجني المحصول..
يشير نقيب مزارعي القمح خالد شومان لـ«الديار» أن كلفة الدونم من القمح تصل إلى 450 ألف ليرة ، وهذه المساحة تنتج حوالى 600 إلى 700 كيلوغرام من القمح في المواسم الطبيعية. والمفارقة هنا، أن الدولة تشتري الدونم ب 295 ألف ليرة ، في حين يبيع المزارع التبن الناتج من الدونم ب 100 ألف ليرة ما يعني أن مجموع إيرادات المزارع هي 395 ألف ليرة أي أقل من كلفة الإنتاج محققاً خسارة ب 55 ألف ليرة.
هذه الحسابات تقاس في المواسم الطبيعية، أمّا اليوم، وعلى أثر التقلبات المناخية الأخيرة، لم تتعد إنتاجية الدونم 300 كيلوغرام من القمح وفق ما يقول شومان، ما يعني أن الخسارة المحققة تجاوزت ضعفي الخسارة السابقة لتتخطى عتبة 100 دولار/دونم. علماً أن المزارع يعاني أصلاً إرتفاع كلفة الإنتاج في ضمان الأرض المرتبطة بارتفاع اسعار القمح، وكلفة الريّ…
هذه المشكلة تضاف إلى معاناة المزراعين المتواصلة منذ 3 سنوات حتى اليوم، الناتجة عن تباطؤ وزارة الإقتصاد والتجارة بتسلّم المحاصيل، ما يدفع المزارعون في كثير من الأحيان إلى بيع إنتاجهم للتجار بأسعار بخسة أيّ بأقل من السعر المدعوم (200 ألف ليرة /طن عوضاً عن 590 ألف ليرة/طن) خوفاً من تلف المحاصيل.
يوضح شومان أنه جرت العادة منذ عهد الرئيس الحريري على بدء عملية تسلم القمح في 15 تموز أيّ بعد مرور شهر على بدء موسم الحصاد ، على أن تقوم الدولة بتسديد الأموال المترتبة عليها للمزارعين خلال مهلة 30 يوماً من تسلم المحصول، غير أن العام الماضي تفاجأ المزارعون بتأخير التسلّم إلى 20 تشرين الأول ، ما ألحق الضرر في محصول القمح على أثر هطول الأمطار.
هذه المشكلات الرئيسية لا تخفي الثغرات الأخرى التي تواجه مزارعي القمح، خصوصاً في ما يتعلق بتصنيق الكميات على اساس الجودة، إذ أن سعر النخب الأول يبلغ سعره المدعوم 590 ألف ليرة/طن ، أمّا النخب الثاني فهو بحدود 585 ألف ليرة /طن ،في حين يبلغ سعر النخب الثالث 580 ألف ليرة/طن. وتتولى عملية التصنيف لجنة الإستلام في وزارة الإقتصاد والتجارة بعد إخضاع كميات القمح إلى فحص مخبري في مصلة الأبحاث العلمية الزراعية في تل عمارة.
هذه الكارثة الزراعية تضاف إلى مسلسل الأزمات ليكتمل المشهد المأساوي : إنقطاع التيار الكهربائي ، إنقطاع المياه، شلل الحركة التجارية، إنعدام السياحة ، وأخيراً تزيين شوارع بيروت وضاحيتها بـ«الزبالة» ، هذا إلى جانب الملفات الأمنية والقضايا السيادية …. فهل ستستيقظ ضمائر الطبقة الحاكمة التي باتت تفوح منها رائحة الفساد أم المطلوب «تهشيل» ما تبقى من اللبنانيين؟؟