Site icon IMLebanon

“النفايات” بين فكي السياسة والشارع!

waste

 

 

بدأ جمع النفايات من مواقع عدة في العاصمة ومحيطها، وهي تنقل الى اماكن تجميع ريثما تستكمل اللجنة المكلفة معالجة ملف النفايات مناقشاتها بعد ظهر اليوم وتقرر امكنة الطمر او نقلها الى اماكن خارج البلاد في الاشهر الستة المقبلة، كما أبلغت مصادر وزارية “النهار”، مؤكدة أن لا حلول قريبة والسبب أن من يطرح الحلول هو من يحرّض عليها. وقال الوزير أكرم شهيب ان “لا خيار الا بايجاد حل لأن أي مطمر هو أفضل من إلقاء النفايات في الشارع.

جمع النفايات من الشوارع سيتم في ساحات بعيدة عن البيوت وفي مواقف، على ان يتم الفرز في الكرنتينا والعمروسية، وتوزع لاحقاً على المطامر وفق قدرة كل منها على الاستيعاب. ما يهمنا هو رفع النفايات من الشوارع..”.

اشارت مصادر في اللجنة الوزارية المكلفة بإدارة ملف النفايات لصحيفة “الاخبار”، الى ان الأزمة باتت في طريقها إلى الحل. وربما يبصر هذا الحل النور خلال 48 ساعة، ليبدأ نقل النفايات من بيروت والضواحي وجبل لبنان، إلى عدد من الكسارات، في أعالي الجبال.

ووقع الخيار في جلسة اللجنة الثلثاء على كسارات ضهر البيدر، وعلى كسارات في منطقة التويتة الواقعة بين بلدات جديتا وتعلبانا وسعدنايل وحزرتا وكفرسلوان. وإذا ما جرى الاتفاق على هذا “المخرج”، فإن عملية نقل النفايات إليها ستتم خلال ساعات، بعد اجتماع اللجنة الوزارية مجدداً بعد ظهر اليوم.

صحيفة “السفير” كتبت أن بيروت وضواحيها تحت حصار النفايات لليوم الحادي عشر على التوالي، ولا حلول فعلية بعد، مع اخفاق الدولة حتى الآن في العثور على مطامر مرحلية، خارج العاصمة، بفعل تدحرج الممانعة الأهلية والشعبية من منطقة الى أخرى، وسط عجز القوى الأساسية عن ابتكار مخارج مقبولة، حتى ليل أمس، ما دفع البعض الى التساؤل عما إذا كان مطلوباً التفتيش عن مطمر علماني.. لنفايات الطوائف!

وفي اليوم الحادي عشر للأزمة لم يتم جمع سوى 1800 طن من النفايات المتراكمة في شوارع بيروت والضاحية من أصل ما يقارب 40000 طن، تهدد بمخاطر بيئية وصحية.. وايضا سياسية وأمنية.

وفي إطار الهروب الى الامام ومحاولة شراء الوقت، أرجأت اللجنة الوزارية التي اجتمعت في السرايا الكبيرة برئاسة تمام سلام حسم خياراتها الى اليوم، لاستكمال درس المواقع الجديدة المقترحة لطمر النفايات، بعدما واجهت مقترحات الأمس باعتماد نقاط في ضهر البيدر والمتن وكسروان اعتراضات سياسية وشعبية، خصوصا ان الوزير الياس بو صعب اكد انه لم يتم العثور في المتن وكسروان على أي مطمر صالح، من ضمن المواقع التي عرضتها وزارة البيئة.

وعُلم ان اللجنة تنتظر ردا من احدى الجهات السياسية على امكانية استخدام موقع كسارة في منطقة تقع في الاطراف، لطمر النفايات.

وأكد مصدر وزاري لـ«السفير» أن أي معالجة لأزمة النفايات لن تحصل، ما لم تكن مرفقة بشرطين: الاول، تغطية سياسية حقيقية، والثاني، مواكبة ميدانية من الجيش والقوى الأمنية، لانه لا يجوز الركون لمزاج بعض الاشخاص الذين لا يعجبهم هذا الخيار اوذاك، فإما ان تكون هناك دولة قادرة على تنفيذ قراراتها وإما لا تكون.

وانتقلت عدوى الاحتجاجات من اقليم الخروب الى ضهر البيدر (قضاء عاليه) حيث قطع أهالي عين دارة الطريق الدولية عند مفرق حمانا لبعض الوقت احتجاجا على محاولة نقل النفايات الى منطقتهم، قبل ان ينقلوا تحركهم الى الطريق الفرعية المؤدية الى موقع الكسارات، فيما تداعى رؤساء بلديات ومخاتير في اعالي المتن الشمالي المحيطين بكسارات ابو ميزان الى التحضير لقطع الطرق على مشروع نقل النفايات الى منطقتهم.

ولم تتوقف المفاوضات طيلة نهار امس لاختيار مواقع للمعالجة، فيما تراوحت الخيارات المتداول بها بين اختيار مقالع وكسارات في الجبال، او اختيار مواقع على الشاطئ (الخطة «ب»)، بعدما يتم وضع سنسول للحيلولة دون تسرب النفايات الى البحر.

ويلحظ هذا السيناريو الذي يتحمس بعض الوزراء لاعتماده، إذا لم تُقر المواقع المقترحة من وزارة البيئة، نقل النفايات الى «المنطقة المحروقة» على شاطئ الاوزاعي قرب «الكوستا برافا» حيث رميت ردميات حرب تموز ويصب الصرف الصحي للضاحية الجنوبية هناك، والى «المنطقة المحروقة» في الكرنتينا حيث يصب الصرف الصحي للمتن الشمالي وجزء من المتن الجنوبي وتُرمى مخلفات المسالخ.

لكن هذا الطرح يواجه اعتراضا من الرئيس نبيه بري والنائب طلال ارسلان وحزب الطاشناق، إضافة الى الرفض القاطع من الجمعيات البيئية التي ترفض الطمر في البر والردم في البحر، بسبب مخاطرهما البيئية والصحية، داعية الى اعتماد استراتيجية الفرز من المصدر.

وفي انتظار تكشّف القطب المخفية في أزمة النفايات، تروي أوساط سياسية مقرّبة من أحد الأقطاب الوسطيين، بعض وقائع «الكرّ والفرّ»، بدءا من صباح السبت الماضي حين اتصل وزير البيئة محمد المشنوق بالوزير أكرم شهيب وابلغه انه بصدد تقديم استقالته، وانه يستعد للاعلان عنها من السرايا.

كان شهيب والوزير وائل ابو فاعور في المختارة آنذاك، فسارعا الى ابلاغ جنبلاط بالامر، فيما كانت اتصالات تجري في الوقت ذاته من المختارة مع الوزير علي حسن خليل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا لتدارك الموقف.

في هذه الاثناء، كان الرئيس سعد الحريري يتصل بجنبلاط الذي قال له: «شيخ سعد.. لقد تحملت الكثير في ما خص ملف النفايات نيابة عن كل لبنان على مدى 18 سنة، من خلال مطمر الناعمة، ودفعت ثمنا لذلك في منطقتي.. الآن برمتْ وبرمتْ ثم عادت الازمة لتحط عندي.. انا لم أعد قادرا على تحمل أعباء هذا الملف..»

وامام ضغط الحريري لاقناع جنبلاط بالمضي مؤقتا بخيار سبلين، وافق رئيس «التقدمي» على مضض باعتبار انه يوجد مكب قديم في المنطقة.

لكن حسابات «حقلي» الحريري وجنبلاط لم تنطبق مع «بيدر» الواقع، إذ سرعان ما انتفض أهالي الاقليم على اختيار سبلين موقعا لرمي النفايات، وقطعوا طريق الجنوب.

شعر جنبلاط بأن مجموعة من الاعتبارات اختلطت على أوتوستراد الجنوب، وتلمّس نوعاً من تصفية حسابات بين «الجماعة الاسلامية» والحريري، مستغربا دور رئيس بلدية برجا الذي ساهم في التحرك الاحتجاجي، في حين انه محسوب على احمد الحريري.

سقط حل سبلين تحت ضغط الشارع، وبدأ البحث عن مخرج آخر.

وتفتقت «أعمال التنقيب» عن انتقاء اربعة مواقع حددتها وزارة البيئة، وتأتي في طليعتها كسارات ضهر البيدر التي وافق جنبلاط على اعتمادها كمكب للقسم الاكبر من نفايات الشوف وعاليه والضاحية وبيروت، إضافة الى مواقع في المتن وكسروان.