رأت صحيفة “السفير” انه يخطئ من يعتقد أن الوضع الامني في عين الحلوة قد يهدأ أو يعرف الاستقرار في القريب المنظور، بعد أن تحول إلى بؤرة أمنية مفتوحة على كل احتمالات الامن المفقود والاشتباكات والاغتيالات والقتل العمد بين «فتح» من جهة والسلفيين المتشددين من جهة ثانية.
وتصف مصادر فلسطينية مسؤولة الوضع في اكبر مخيمات الشتات بأنه يشبه كرة النار المتدحرجة، كون الاسلاميين المتشددين يحملون مشروعا سياسيا للسيطرة على المخيم عن طريق القضم التدريجي بالنار والاغتيالات والاشتباكات تمهيدا لطرد “فتح” وإعلان ما يشبه المنصة السياسية، أو ربما الوصول إلى مرحلة “الامارة”.
وما الاغتيال الاخير لقائد «كتيبة شهداء شاتيلا» العميد طلال الاردني، وتحت أشعة الشمس، من قبل أربعة أشخاص غير مقنّعين يمثلون العصب المحرك لبعض مجموعات «القوة السلفية»، إلا رسالة مباشرة من الاسلاميين لحركة “فتح” مفادها “الامرة العسكرية في المخيم هي لنا من الآن فصاعدا..”
وتؤكد المصادر الفلسطينية في عين الحلوة أن «فتح» تلقت الرسالة وفهمت مضمونها جيداً، وردت عليها وأبلغت الجميع في المخيم من فصائل وقوى اسلامية ووطنية بلغة حاسمة وحازمة ان «زمن ضمور فتح وعدُ القتلى والعض على الاصابع قد انتهى إلى غير رجعة، والحركة لن تقيم أي مراسم عزاء، إلا بعد اعتقال المتهمين والمتورطين باغتيال الاردني وعدد من الفتحاويين.. وان لائحة المتهمين طويلة، وفي طليعتهم السلفي المتشد بلال بدر وأربعة آخرون معه”.
وكشفت المصادر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد لزوجة الأردني خلال اتصاله بها معزياً، أنه طلب من قيادة «فتح» في المخيم اعتقال المتهمين الاربعة وتسليمهم الى القضاء اللبناني.
وتؤكد المصادر أن الحركة شددت أمام الجميع في المخيم بأنها في حل من أي اتفاق ولن ترضخ لأي تمنيات ولن تقيم أي صلات سياسية مع أحد، إلا بعد الاستجابة لهذه المقررات وتسليم القتلة إلى القضاء اللبناني. وهو ما كررته في الاجتماع الذي عقد في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت، أمس. وقد أبلغت قيادات الفصائل الاسلامية والوطنية بأنها تعتبر أي عنصر من «جند الشام» مطلوباً وستطلق النار عليه في اي مكان تجده فيه، إلا إذا بادر إلى تسليم نفسه الى القضاء اللبناني.. فـ”الكيل قد طفح.. وانتهى الامر”.
وتشدد المصادر على ان اغتيال الاردني قرّب المسافات بين قيادة “فتح – اللجنة المركزية” في عين الحلوة وبين المحسوبين على “التيار الاصلاحي” الذي يقوده العميد محمد عبد الحميد عيسى «اللينو»، حيث تردد أن الطرفين عقدا اجتماعات بعيدة عن الأضواء تم خلالها الاتفاق على سلسلة من المقررات التي بقيت طي الكتمان.
وتلفت المصادر الى ان كل هذا يحصل بعيدا عن معرفة قائد القوة الامنية الفلسطينية في لبنان اللواء منير المقدح، الذي قتل ابن عمه طلال المقدح المحسوب عليه والمنتمي عسكريا له، ولم تحرك القوة الامنية التي يتزعمها اي ساكن ولم تقم باي ردة فعل على مقتله، رغم ان عديدها يصل إلى 350 عنصرا. حتى أن هنالك من يتحدث في المخيم عن أن طلال المقدح لم يكن يحمل سلاحا خلال المعركة ليل امس الاول وان مقتله كان أقرب الى الاغتيال.
وتشير المصادر إلى أن “حركة فتح” ومعها “اللين” قد ترجمت القول بالفعل من خلال “رسالة النار” التي وجهتها، ليل امس الاول، في الاشتباك الذي اندلع في المخيم بينها وبين عناصر “جند الشام” وانتهى بسيطرة “فتح” على “مصلى المقدسي”، حيث أدى عناصرها الصلاة فيه ورفعوا الشعارات الفتحاوية. كما أخرجوا جميع السلفيين من حي طيطبا وباتت “فتح” تتواجد في كل ارجاء الحي.
وتخلص المصادر الى القول ان فتح، ومعها “اللينو”، قررت الرد على “جند الشام”، وما رسالة ليل امس الاول الا البداية.. علماً أن رسالة أخرى تلتها أمس وتمثلت بقيام عناصر من “قوات الامن الفلسطيني” باعتقال ناشطين في مجموعة المقدسي هما صالح م. ومحمد ش. في حي طيطبا، سلمتهما مباشرة إلى مخابرات الجيش اللبناني عند حاجز مستشفى صيدا الحكومي.
وأصدرت قيادة إقليم “فتح” في لبنان، بياناً، أعلنت فيه ان جريمة اغتيال طلال الاردني هي “بمثابة إعلان حرب امنية وسياسية وإشعال لنار الفتنة، خدمة لمشروع جهنمي يريد تحويل المخيم إلى ساحة حرب وتقاتل على طريقة داعش وغيرها”.
ووضعت فتح في بيانها “جميع الأطراف على المحك فالقتلة معروفون، وهم تحدوا جميع الفصائل والقوى واللجنة الامنية، والمطلوب إجابات عملية واضحة من قيادة الفصائل ومن اللجنة الامنية وقيادتها”. وأكدت “الحركة” أن “الجريمة لن تمر من دون محاسبة واضحة، ومن دون حسم، لأن حركة فتح لن تبقى تعد الشهداء من ضباطها وكوادرها”.
«
اللينو»: لن نقف مكتوفي الأيدي
من جهته، أكد العميد محمود عبد الحميد عيسى («اللينو»)، بعد لقائه وفد «الحراك الشعبي» في المخيم، أن «بلال بدر هدف لنا لأنه قاتل وكل من يحميه هدف لنا». وشدد على أن «الاعتقاد بأن استهدافنا سوف يجعلنا مكتوفي الأيدي هو سراب، ومن اليوم كل شخص استهدفنا أو يفكر أن يستهدفنا سوف يكون ردنا عليه عنيفا، ولديــنا الكثير من وسائل القوة لم نستخدمها بعد». وقال إن «كل قاتل ليس له أمان في المخيم»، مؤكداً أن «على القوة الامنية مسؤوليات كبيرة ويجب أن تأخذ دورها والا فلتذهب». كما دعا القيادة الفلسطينية في بيروت الى النزول إلى المخيم لتحمل مسؤولياتها «لانه يجب محاسبة كل من يسيء للمخيم واهله مهما كان حجمه».