Site icon IMLebanon

النفايات في زواريب الحلول الطائفية؟!

 

 

رأت صحيفة “النهار” أنه لم تعد أزمة النفايات التي وصفها رئيس الوزراء تمام سلام قبل أيام بأنها كارثة وطنية تقتصر على استشراء تصاعدي لاضرارها وأخطارها البيئية والصحية والاجتماعية والسياحية فحسب، بل بدت مع اقترابها من أسبوعها الثالث كأنها “تطمر” الحكومة في عجزها ودوامة بحثها العبثي عن المطامر.

وإذا كانت الأوساط الاعلامية والشعبية تضج بفضائح هذه الكارثة وما يتنامى يوماً بعد يوم من شائعات أو حقائق أو معطيات عن صراعات خفية لتقاسم “تركة” الفضيحة قبل الاطلالة على العلاجات الناجعة التي لا تزال هائمة بين الاجتماعات المتعاقبة للجنة الوزارية لملف النفايات الصلبة دونما نجاح، فإن الوقائع التي باتت تتكشف عنها هذه الدوامة تثبت ان ظاهرة أخرى حاصرت الحكومة وهي تتمثل في العجز والازدواجية اللذين يطبعان سلوكيات ومواقف معظم القوى السياسية المشاركة في الحكومة والممثلة في اللجنة.

هذه الازدواجية برزت منذ منتصف ليل السبت الماضي، حين أصدر الرئيس سلام بياناً أعلن فيه التوصل الى حل مرحلي موقت لأزمة النفايات، متكئاً على مروحة واسعة من المشاورات السياسية التي كان يفترض ان تشكل غطاء كافيا للشروع في تنفيذ هذا الحل.

ولكن سرعان ما انكشفت مع صباح اليوم التالي معالم العجز عن نقل النفايات من بيروت الى مناطق أخرى ثم كرّت سلسلة “التمرد” المناطقي على القرارات الوزراية تباعاً، ووقعت اللجنة في حفرة عجز بعض القوى عن الوفاء بالتزاماتها وازدواجية قوى أخرى استطابت توظيف مأزق خصومها العاجزين من جهة اخرى. ومنذ الاثنين الماضي واللجنة تدور على نفسها في المأزق وأطنان النفايات تتراكم في بيروت والمناطق من دون أي افق واضح بعد لنهاية النفق.

وفي اجتماعها الأخير أمس تركت اللجنة اجتماعاتها مفتوحة ولم تتوصل الى نتيجة بايجاد المطامر، في ظل عدم قبول “التيار الوطني الحر” بالتدخل لإيجاد مطامر في المتن وكسروان، وفي ظل رفض القوى السياسية الاخرى التدخل لإيجاد مطامر في مناطق اخرى ما لم تأخذ منطقتا المتن وكسروان حصة من النفايات عملاً بقرار توزيع نفايات العاصمة بالتوازن على سائر المناطق.
وفي رأي وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار، أن الحل هو بتحويل كسارات مخالفة قضمت الجبال وشوهتها الى مطامر وهي في أماكن بعيدة عن الأماكن السكنية، وبأن توزع المطامر على كل المناطق لا أن تحصر بمنطقة واحدة، مع إعطاء حوافز مالية للبلديات.

وعلم ان وزارة البيئة اقترحت اماكن في كسروان وجبيل كانت كسارات مخالفة ومشوّهة للطبيعة وفي أماكن بعيدة عن السكن ولا تضرّ بالمزروعات وهي: كسارات ابو ميزان ومجدل ترشيش والمنطقة الجردية بين كسروان وجبيل.

وأثيرت خلال اجتماع اللجنة معلومات عن ابلاغ ست شركات للطيران السلطات اللبنانية انها ستوقف رحلاتها الى مطار بيروت اذا استمر جمع النفايات قرب المطار، وان منطقة الضاحية أوقفت جمع نفاياتها قرب المطار مما يهدد باغراقها بنفاياتها.

لكن وزير النقل غازي زعيتر نفى علمه بهذه المعلومات، واعتبر انه بدل تداولها ربما للضغط على اللجنة الوزارية، كان يفترض منع شاحنات “سوكلين” من نقل النفايات الى قرب المطار.

وعلم أيضاً من مصادر اللجنة ان نفايات بيروت تجمع في عقارات تابعة لبلدية بيروت مثل الكرنتينا وغيرها، وليس معروفاً كم يمكنها ان تستوعب، والى متى، كما ان “سوكلين” جمعت في مستودعاتها ٢٢ الف طن وهذه المستوعبات لم تعد قادرة على الاستيعاب.

كما أبلغت اللجنة اجتماع رؤساء بلديات كسروان للبحث في حل لنفايات هذا القضاء والمقدرة بـ٣٢٠ طنا يومياً. وشكلت في هذا الاجتماع لجنة من سبع بلديات للكشف على اماكن للمطامر وتحديدها في أقرب وقت.

“السفير” قالت: “لأهل بيروت أن يتنفسوا الصعداء اليوم إذا صحّت آخر وعود حكومتهم بإخراج عشرات آلاف أطنان النفايات من شوارع مدينتهم، وجمعها في عدد من الأمكنة بصورة مؤقتة، إلى حين التوافق سياسيا وتقنيا على قضية المطامر، ثم المحارق، خصوصا أن وزير الداخلية نهاد المشنوق كان جازما بقوله لـ«السفير» ليل أمس “لا نفايات في كل العاصمة بيروت مساء هذا اليوم”.
ولمجلس الوزراء في جلسته المقررة اليوم أن يناقش الخيارات المتاحة في ضوء اقتراحات اللجنة الوزارية، وأن يقتدي بمحافظ بيروت زياد شبيب بإعلان حالة طوارئ بيئية، لأجل عدم تكرار ما حصل على مدى 12 يوما من العجز واللامسؤولية في إدارة ملف حيوي وحساس.

 

صحيفة “الأخبار” كتبت انه لم يظهر بعد في الأفق أي حل لأزمة النفايات، ما ينذر بكارثة أخطر مما شهدته شوارع العاصمة والضواحي وجبل لبنان على مدى الأيام الماضية، إذا لم يجرِ التوصل إلى حل قبل بداية الأسبوع المقبل. النائب وليد جنبلاط لا يزال يطرح حل الطمر في كسارات ضهر البيدر، مطالباً بأن يتحمل المسيحيون جزءاً من المسؤولية في المتن وكسروان.

وقالت “الأخبار”: “لم تتوصل اللجنة الوزارية إلى أي قرار يحل أزمة النفايات. واللاقرار يعني أن مناطق بيروت والضواحي وجبل لبنان مقبلة على أزمة نفايات أقسى مما شهدته طوال الأيام الماضية. فنفايات الضاحية الجنوبية تُجمع من الشوارع، وتوضع في حفرة استُحدِثت في عقار تابع لبلدية المريجة قرب حائط مطار بيروت. وهذه الحفرة لن تستوعب نفايات المنطقة إلا لأيام معدودة. وفي بيروت، المشكلة لن تكون أسهل.

محافظ المدينة زياد شبيب أعلن أمس بدء رفع النفايات من الشارع. ويجري تجميعها في عدد من المواقع، أبرزها في الكرنتينا وقرب المرفأ وفي «مقبرة الباصات» عند حدود سن الفيل. وهذه المواقع لن تحتمل تكديس النفايات إلى ما لا نهاية. طاقتها الاستيعابية محدودة زمنياً بأيام أيضاً لا بأسابيع. وهنا تكمن الخطورة: ستتكدّس النفايات في بيروت والضواحي بصورة أبشع من ذي قبل، مع مجموعات تتحرك لإشعال النار في المستوعبات وما تجمّع حولها. والحل؟ غالبية أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة إدارة ملف النفايات يُظهرون عجزاً عن إيجاد حلول.

ما جرى بحثه أول من أمس عن إمكان نقل النفايات إلى كسارات ضهر البيدر وكسارات التوَيتة (قضاء زحلة) لم يجرِ التوافق عليه أمس. خيار التويتة سقط باعتراض مواطني القرى المجاورة، وبلدية مدينة زحلة القريبة من الموقع.

هذه الأسباب لم تقنع جميع أعضاء اللجنة، فعبّر الوزير نهاد المشنوق عن استغرابه للقبول بوجود كسارات حفرت في الجبل حتى وصل ارتفاع الجدار الصخري «المنهوش إلى 120 متراً، أو ما يعادل مبنى من 40 طابقاً، فيما يُمنع استخدام هذه المنطقة الموبوءة لطمر النفايات وحل أزمة وطنية».

خيار ضهر البيدر لا يزال متاحاً. رغم اعتراض أهالي عين دارة وعدد من البلدات الأخرى، أكّد وزير الزراعة أكرم شهيب أن النائب وليد جنبلاط متمسك بحل الطمر في كسارات ضهر البيدر، شرط وجود «شراكة» في مناطق أخرى.

وبحسب مصدر في اللجنة، فإن جنبلاط مستعد لتحمل 2000 طن يومياً في ضهر البيدر، من أصل 2500 طن (يُجمع من بيروت والضواحي وأقضية الشوف وعاليه وبعبدا وكسروان والمتن نحو 3 آلاف طن يومياً، تعالج شركة سوكلين نحو 500 طن منها، فيما يُطمَر الباقي)، على أن يتحمّل قضاءا المتن وكسروان الكمية الباقية (500 طن).

يوضح المصدر كلامه بالقول: «جنبلاط يضمن نقل نفايات بيروت والضواحي وجبل لبنان الجنوبي إلى عين دارة، على أن تتحمل «القوى المسيحية» مسؤوليتها بتوفير مطمر لنفايات المتن وكسروان في المتن وكسروان. بكلام آخر، جنبلاط يبدي استعداده لتحمل نفايات المسلمين، على أن يتحمّل مسيحيو جبل لبنان الشمالي نفاياتهم».

عضو اللجنة الوزير الياس بو صعب لا يزال يؤكد صعوبة توفير مطمر في كسروان أو المتن، لكنه ـ بحسب أعضاء في اللجنة ـ يعطي إشارات إيجابية. أما على الأرض، فقرر بوصعب العودة لارتداء قبّعة رئيس البلدية، إذ باشر مع رؤساء بلديات الاصطياف في المتن البحث عن حلول موضعية، تؤمن جمع النفايات وإمكان حرقها وجمع الرماد في أماكن مؤقتة.

وبانتظار إيجاد حل لم يظهر في الأفق بعد، يراهن بعض أعضاء اللجنة على اجتماعها اليوم، في محاولة لإيجاد حل يجنّب البلاد أزمة أخطر.