Site icon IMLebanon

العدّ الحكومي بدأ..ومخاوف على الاستقرار؟

Serail-Ministerial-Council.

 

ينعقد مجلس الوزراء اليوم في جلسته المرجأة من الثلثاء الماضي بلا اي افق ايضا لاي انفراج محتمل في الازمة الحكومية. غير أن المعطيات المتوافرة عشية الجلسة اشارت الى استبعاد اقدام الرئيس تمام سلام على الاستقالة او الاعتكاف لادراكه ان أياً من هذين الخيارين سيزيد الوضع تأزماً، خصوصاً ان سلام بلغ مرحلة من الاقتناع بأن ما يحصل لم يعد نتيجة تمسك بمطلب أو بحق بل هو يرمي الى زعزعة الاوضاع، وتالياً سيستمر في ممارسة صلاحياته ويعود اليه ان يقرر الدعوة الى جلسة أخرى أم لا.

وقالت مصادر وزارية لـ”النهار” إن الجلسة ستكون اليوم أمام سؤال عن كيفية نهايتها من حيث القرار الذي سيتخذه الرئيس سلام في ختامها؟ فهل يرفع الجلسة الى موعدها الدوري الخميس المقبل، أم يرفعها من دون تحديد موعد لجلسة جديدة حتى إشعار آخر؟.

وفي رأي المصادر انه من الاجدى أن يقترن رفع الجلسة بموعد الخميس المقبل حيث سيبت المجلس موضوع تعيين رئيس جديد لإركان الجيش فلا يقال إن عدم تحديد موعد الجلسة هو لتمرير تمديد ولاية رئيس الاركان الحالي.

وأشارت الى ان المواقف المعلنة قبل جلسة اليوم تفيد أن وزراء “التيار الوطني الحر” بتأييد من وزيريّ “حزب الله” سيواصلون التصعيد الذي مارسوه في الجلسات السابقة على خلفية موضوعيّ الالية والتعيينات.
صحيفة “السفير” قالت: “للبنانيين أن يتفحّصوا عداد فراغهم الرئاسي والتشريعي وساعات تقنين المياه والكهرباء المتزايدة، وأيام تراكم النفايات وقطع الطرق ورواتبهم المهددة بعد أقل من شهرين، وضباطهم المتخرجين من الكلية الحربية للسنة الثانية على التوالي بلا احتفال وهذه المرة بلا نجوم…

كل هذه العناوين وغيرها إن دلّت على شيء انما على الافتقاد للدولة أولا وللإدارة السياسية ثانيا والشجاعة والمبادرة ثالثا.

للبنانيين أن يواكبوا بدءا من هذا اليوم، كيف يبدأ العد العكسي لآخر أيام حكومتهم، بوصفها آخر المؤسسات الدستورية الحية.

لهم أيضا أن يترقبوا، وبفعل الإقحام القسري للبنان في الاشتباك الإقليمي المتصاعد، كيف تتوالد ديناميات أخذ البلد من فشل إلى فشل ومن مجهول الى مجهول.. فهل صار يحق طرح سؤال ما اذا كنا نقترب شيئا فشيئا من لحظة المحظور.. والخطر الكبير؟.

بلغة المبالغات اللبنانية، صار التكفيري الانتحاري وقاطع الطريق والخاطف للفدية والقاتل المأجور واللص.. كل هؤلاء يستطيعون أن يؤدوا «وظائفهم» وهم «مطمئنون» الى أن لبنان محمي بمظلة أمان اقليمية ودولية!

غير أن التدقيق في ما يمكن أن يرتسم من سيناريوهات في الآتي من الأيام قد يعطي أجوبة مغايرة. يكفي أن رئيس الحكومة تمام سلام عندما كاد يقدم استقالته، قبل ايام قليلة ببيان يذيعه من السرايا الكبيرة، همس في آذان المحيطين به أنه يخشى أن تكون المظلة التي جعلت الحكومة تصمد لسنة ونيف لم تعد موجودة اليوم.

واذا كان الجواب النظري الأسهل عند معظم السفراء وأهل السياسة أن الانفجار في لبنان ممنوع، وأن الحكومة ومعها الاستقرار «أقوى من قدرة أي طرف محلي على المسّ بهما أو تعريضهما للاهتزاز»، فإن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، عبّر للمرة الأولى منذ سنوات الأزمة السورية، عن خشيته من أن مظلة الاستقرار بدأت تتلاشى، وقال لـ«السفير» إنه بات يخشى على مستقبل الحكومة، وهو سيجري مشاورات سياسية مكثّفة سيدشّنها مع عين التينة في الساعات المقبلة.

ورأى أن حكومة الرئيس تمام سلام «تمثّل آخر صمامات الأمان الداخلية»، وشدد على وجوب التمسك بها، مشيرا إلى أنها ضرورة للجميع، منبها إلى أن انهيارها ينطوي على مغامرة متهورة، خصوصا ان الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة، باعتبار أن التفاهم على رئيس توافقي ليس ممكنا في المدى المنظور.

وأضافت “السفير”: “قد لا تكون مقاربة جنبلاط في محلها، وهو لا يدعي ذلك، لكن التجارب التاريخية في لبنان، كما في غيره من البلدان، تشي بأن التراكمات قد تجعل المحظور من أي نوع كان مسارا متدحرجا وليس بالضرورة قرارا تم تحديد ساعته الصفر.

ولعل التراكمات كثيرة. فمن يملك تفسيرا لكل ما جرى ويجري منذ تعميم شريط تعذيب سجناء روميه مرورا بالتعيينات الأمنية وآلية مجلس الوزراء وصولا إلى النفايات ـ الفضيحة؟

من يفسر هذا النزول العشوائي المتكرر إلى الشارع بعناوين سياسية ودستورية وبيئية وطائفية؟

من يفسر حرص الداخل والخارج، من دون استثناء على هذه الحكومة، وعدم استعداد أحد لتقديم مبادرة تنزع الألغام والقنابل التي ترمى بوجهها؟

من الواضح أن الكل يشد أحزمته في المنطقة، وخصوصا السعودية المتوترة أكثر من أي وقت مضى، غداة التفاهم النووي، ولا أحد في الخارج القريب يملك ترف الإقدام على أية خطوة قد تفسر تنازلا من هنا أو هناك، بل لعل المطلوب من اللاعبين المحليين رفع مستوى جهوزيتهم واستنفارهم لمواكبة اللاعبين الكبار، وخصوصا من يكابر منهم ويحاول أن يعاند التطورات المتسارعة في المنطقة الى حد تدفيع لبنان ثمن التوتر الاقليمي.

وليس خافيا على أحد أن استمرار غياب زعيم «تيار المستقبل» عن بلده وجمهوره، لا يبدو أنه قراره الشخصي بدليل أنه بات يستدرج فراغا ويفسح المجال أمام ولادة ظواهر تتمرد على خياراته، من مسقط رأسه صيدا إلى أقصى عكار مرورا بالعاصمة وإقليم الخروب والبقاع، والأمثلة أكثر من أن تحصى وتعد.

حتى أن فسحة الحوار التي كانت مفاعيلها النفسية ايجابية أكثر من ترجماتها العملية، تبدو أيضا في خضم الأسئلة من هنا وهناك الى حد المغامرة في طرح السؤال: هل أن جولة الحوار المقررة الأربعاء المقبل في عين التينة قد تكون آخر الجلسات الحوارية بدليل الهمس المتصاعد ضمن «تيار المستقبل» حول جدوى استمرار حواره مع «حزب الله»، وبدليل القناعة شبه الراسخة لدى «حزب الله» أنه لم يعد قادرا على تقبل لعبة المزاوجة بين مقتضيات خطاب عين التينة «الهادئ» وبين ضرورات مسايرة الجمهور بخطاب ناري عالي السقف.
ولذلك، ثمة من أسرَّ في أذن راعي الحوار الرئيس نبيه بري بأن الأمور ليست على ما يرام ولا بد من إعادة نظر وتقييم لئلا يتحول الحوار إلى عبء على طرفيه، فلا يكون أمامهما سوى تركه والذهاب إلى ساحات الاشتباك.. وصولا الى ادخال لبنان في خضم المحظور.

وليست «الحركات» التي يقوم بها وزير الدفاع سمير مقبل، عشية التمديد الحتمي لرئيس الأركان اللواء وليد سلمان، والتي قادته إلى الرابية وكليمنصو تحديدا، سوى محاولة تجميل لواقع لن يكون بمقدور أحد ترميمه عندما تتخذ الأمور منحى دراماتيكيا.

من جهتها، قالت صحيفة “الأخبار” إنه رغم ما أشيع عن نية الرئيس سلام إعلان التوقف عن العمل الحكومي اليوم، أكد وزراء من مختلف الكتل السياسية أن جلسة مجلس الوزراء ستُعقد اليوم، وستكون هادئة، وستبحث في آلية العمل الحكومي. وتوقعت المصادر أن يرجئ سلام البحث في نهايتها إلى الأسبوع المقبل. وسيناقش المجلس أزمة النفايات، لكن من دون اتخاذ أي قرار.

وأضافت الأخبار”: “في المناقشات المقفلة التي يجريها حزب الله دوريا مع حلفائه الاقربين، لتقويم الاحداث والمواقف وتحديد خياراته واياهم منها، خلص الى ان لا فائدة من استقالة حكومة الرئيس تمام سلام، من دون ان يبدو أنه يعوّل عليها”.

وقالت: “ما هو جلي امام حزب الله انه لا يريد تحميله وزر انهيار حكومة الرئيس تمام سلام، ولا اتهامه بتداعيات استقالتها اذا عزم عليها رئيسها، فيما هو منشغل بما يتقدم بالنسبة اليه كل الاستحقاقات المحلية: الحرب السورية ونظام الرئيس بشار الاسد.

في خلاصة مداولات الاجتماع الدوري للحزب مع حلفائه الاقربين، لبضعة ايام خلت، ان لا استقالة لحكومة سلام ولا اعتكاف. لكن في المقابل، لا عمل محتملاً لها دونما الأخذ في الاعتبار مطالب حليفه الرئيس ميشال عون”.

وتابعت: “في الخطاب ما قبل الاخير للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، قبل اسبوعين، اشارتان مهمتان من شأنهما رسم خطة حزب الله في مقاربة استحقاقات المرحلة المقبلة، انطلاقا من اعتقاده بأن حقبة ما بعد اتفاق فيينا بين ايران والغرب لن تبدّل كثيرا في معطيات الواقع اللبناني، وقد لا يبدّل الاتفاق نفسه شيئا منها في المدى القريب.

اولى الاشارتين ان لا انتخاب لرئيس الجمهورية في وقت منظور، ولن يكون في اي حال ثمرة التقارب الايراني ــــ الغربي الناتج عن اتفاق فيينا، لأن اياً منهما ــــ وخصوصاً طهران وواشنطن ــــ ليس في وارد تقديم تنازلات متبادلة وتقاسم حصص في المنطقة في المرحلة القريبة. الا ان تطورا في العلاقات الايرانية ــــ السعودية من شأنه، ربما، فتح باب الآمال على الاستحقاق الرئاسي. مع ذلك، فإن التكهن بتطور مستعجل كهذا هو ضرب من الوهم، في موازاة اعلان فريقي الاتفاق تمسكهما به تحت سقف الإصرار على شروط متصلبة. لا يبصر حزب الله نفسه أمام مرحلة مختلفة تماماً مكلفة وثقيلة الوطأة عليه، وإن بدت جديدة فعلا في علاقة الجمهورية الاسلامية بالغرب.

ثانيتهما، عندما ناقشت الاجتماعات الدورية للحزب وحلفائه، مرتين على التوالي، احتمال استقالة الحكومة، أخذ في الحسبان تحديد الخيار الأفضل: تنحيها أو استمرارها. واقع الامر، بالنسبة اليه، ان مرحلة ما بعد استقالتها ستشبه كثيرا حالها اليوم: لا تتفق على جدول اعمال مجلس الوزراء. لا تجتمع. اذا اجتمعت لا تتخذ قرارا. اذا اتخذته لا تستطيع اصداره لتنفيذه في ظل انقسام افرقائها. فاذا هي اقرب ما تكون الى حكومة تصريف اعمال سياسي اكثر منه قانونيا. ناهيك بتيقنها من ان ما يوازن تريثها في استقالتها، ان ليس في وسعها تجاهل مكوّنين رئيسيين في صفوفها يقفان على طرف نقيض من رئيسها ومن تيار المستقبل، هما تكتل التغيير والاصلاح وحزب الله. بذلك تتفادى حكومة سلام الوقوع في محظور الفراغ، لكنها في المقابل معلقة على عدم ممارسة الحكم والصلاحيات.

بالتأكيد تبرّر إستقالة حكومة سلام تجاوز موضوع التعيينات العسكرية والامنية، وتطلق يد وزير الدفاع سمير مقبل في تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي للمرة الثانية بحجة مزدوجة، هي عدم التئام مجلس الوزراء ومن ثمّ تفاهمه على قائد خلف، ومنعا لشغور منصب القيادة. على ان بقاء الحكومة لا يعفي وزير الدفاع من المضي في قرار تأجيل التسريح، ما دام المقصود به استمرار المواجهة مع عون والحؤول دون تحقيقه اياً من مطالبه في المؤسّسة العسكرية وخارجها.

في اجتماعات حواره مع تيار المستقبل في عين التينة، قال حزب الله مرارا للفريق الآخر انه ليس وسيطا بينه وعون، ولا يريد ان يضطلع بدور كهذا، وإن مال احياناً الى التدخل في العلاقة المتوترة بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح ورئيس مجلس النواب نبيه بري. في بضع مرات، لم يتردد الحزب في مخاطبة محاوريه في تيار المستقبل قائلا: ألّفتم معه الحكومة وأصدرتم واياه تعيينات شملت عشرات المديرين العامين. ما ان اختلفتم معه عُزي السبب الى اننا نحن مَن يحرّضه. لم نكن معكم يوم اتفقتم على ذلك كله، ولم نجلس الى طاولة الحوار بينكما طيلة ذلك الوقت، ولم نُدعَ الى عشاء عيد ميلاده وقطع قالب الحلوى. كلانا موافق على شامل روكز قائداً للجيش. انتم تقولون انكم تؤيدونه، ونحن نؤيده اساساً. الا انكم تطلبون ثمناً سياسياً. الثمن الذي تطلبون هو رئاسة الجمهورية وتخلي الجنرال عنها. ليس هو، ولا نحن، نستطيع إعطاءها. ولستم انتم ايضا قادرين على حرمانه منها. إذا أيّده الاميركيون والايرانيون والسعوديون، لن يسعكم القول لهم لا. إذا مشيتم به رئيساً ولم يكن هذا موقف السعوديين والاميركيين هل يأتي؟ إذهبوا واحكوا معه. من دونه لن ينتظم أمر.

لم يكن الكلام الذي صارح به الحزب حليفه المسيحي الرئيسي، مرارا وجها لوجه بينه ونصرالله او في لقاءات مع معاونيه والمحيطين به، أقل نبرة: نحن قربك، لكنك محوط بالاعداء في كل جانب.