بينما الدولة تتفكّك والمعطلون ينتشون ابتهاجاً بما اقترفت أيديهم تقطيعاً في أوصال البنية المؤسساتية للجمهورية، بدأت تتجسد باكورة انعكاسات الممارسات التعطيلية التكبيلية لمجلس الوزراء على المصلحة الوطنية العليا بمؤشرات تشي بنفاد صبر الجهات الدولية المانحة جراء تعذر قيام الدولة اللبنانية بالمهام المطلوبة منها حيال اتفاقيات التمويل والمنح المقدمة لها، وهو ما عكسه القرار الصادر عن الوكالة الفرنسية للتنمية (afd) بإلغاء عرضين ماليين لتمويل دعم القطاع التربوي الرسمي اللبناني هما عبارة عن تمويل ميسّر بقيمة 45 مليون يورو ومنحة بقيمة 1,5 مليون يورو. وفي الأثناء، لا يزال التعطيل على حاله مستفحلاً ومستأثراً بالبلد على كافة الصعد والمستويات، فارضاً على رئيس الحكومة تمام سلام إبقاء خياراته “مفتوحة” في حال عدم إيجاد مخارج وحلول جدية لاستمرار عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، كما صارح أعضاء المجلس خلال جلسة الأمس.
إذاً، مشهد الأزمة الوطنية السوداوي يزداد قتامةً تحت وطأة النهج التعطيلي التكبيلي لمؤسسات الدولة، وقد حذر سلام في استهلاليته السياسية أمام مجلس الوزراء الخميس من مغبة استمرار هذا النهج لا سيما وأنّ “هناك مجموعة اتفاقيات تتعلق بهبات وقروض معلقة مقدمة إلى لبنان تبلغ قيمتها أكثر من 743 مليون دولار، منبّهاً في الوقت عينه إلى وجود استحقاقات مالية داهمة يشكل عدم الالتزام بها “خطراً على لبنان: سواءً في ما يتعلق بموضوع إصدار واستبدال سندات خزينة أو في ما يتعلق بتأمين الرواتب، ونقلت مصادر وزارية لصحيفة “المستقبل” عن سلام إشارته إلى أنّ استمرار الوضع على حاله سيؤدي إلى وقف الرواتب في شهر أيلول المقبل.