Site icon IMLebanon

الإنفاق على الحروب يثقل كاهل الميزانية الأميركية

usa-army
عدد الجنود الأميركيين المنتشرين في مناطق الحرب في أدنى مستوياته منذ ما قبل غزو العراق عام 2003 .. ومع هذا أجاز الكونغرس زيادة بنسبة 38 في المئة في ميزانية الحرب خلال العام 2014.

وما يبدو من تعارض هو إرث صندوق طارئ لتمويل الحرب أنشيء بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وأصبح وسيلة واشنطن المثلى لتجاوز القيود على الإنفاق العسكري.

ويقول مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون ومحللون كما تشير وثائق الموازنات إلى أن صندوق عمليات الطوارئ في الخارج (سي.أو.سي) استخدم في ضخ عشرات المليارات من الدولارات في برامج مثار تساؤلات أو لا علاقة لها بالحرب.

ولطالما غض الجمهوريون والديمقراطيون الطرف عن انحراف تمويل الصندوق عن غرضه الأصلي لكن دور الصندوق الأساسي في مواجهة وشيكة تتعلق بالموازنة الأميركية العامة ألقى الضوء من جديد على تمويل الحرب الذي لا يعرف عنه الكثير خارج واشنطن.

وهذا الربيع لم يلجأ الجمهوريون في الكونغرس لأي ذريعة باستخدام صندوق (سي.أو.سي) في الغرض المنصوص عليه وهو حربا العراق وأفغانستان والعمليات المتصلة بهما. وفي مناورة لزيادة الإنفاق الدفاعي أقروا إضافة 38 مليار دولار للحساب من خلال إنفاق آخر للبنتاغون لا يتعلق بالحرب ليصل الإجمالي إلى 89 مليار دولار.

وكأن المشرعين فتحوا بابا مسحورا أمام ميزانية (أو.سي.أو). فهو كصندوق للطوارئ لا يفسد سقف الموازنة فيما يتعلق بالإنفاق الدفاعي وغير الدفاعي الذي فرض في 2011.

وأقر السناتور جون مكين بأن الخطوة “تتعارض مع المفهوم المفترض أن صندوق (أو.سي.أو) قام عليه قبل سنوات طويلة.. عندما أنشأناه نتيجة أحداث أفغانستان والعراق”.

وتريد الإدارة إسقاط سقف الميزانية عن الإنفاق الدفاعي والمحلي. وهذه إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في صراع على الميزانية في واشنطن يمكن أن يترك جانبا من الحكومة الأميركية أو يتركها كلها بلا تمويل بعد 30 سبتمبر/أيلول.

ويقول مسؤولون ومحللون إن الأمر ليس مجرد نزاع بين خبراء المحاسبة على كيفية توزيع الأموال على البنود المختلفة.

وقال جوردون أدامز المسؤول السابق بمكتب الإدارة والموازنة بالبيت الأبيض “هذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث بقواعد الموازنة”.

ويحذر مسؤولو البنتاغون من أن الشكوك التي تكتنف الموازنة ستقوض عملية التخطيط في وقت تواجه فيه واشنطن تحديات متعددة بدءا من تنظيم الدولة الإسلامية وانتهاء بتوسع الصين في بحر الصين الجنوبي.

وفي حملته لخوض انتخابات الرئاسة عام 2008 وعد أوباما بإنهاء ما وصفه “بإساءة استخدام” الرئيس جورج بوش للموازنات التكميلية لتمويل الحروب. وتمكن بدرجة ما من كبح جماح إنفاق (أو.سي.أو) الذي بلغ ذروته عام 2008 عندما وصل إلى 187 مليار دولار.

وقال مسؤول سابق بالبيت الأبيض “الصعوبة هي أن تعيد الجن إلى المصباح” وخاصة بعد سقف الميزانية الذي فرض عام 2011.

واقترح أوباما تخصيص 51 مليار دولار لصندوق (أو.سي.أو) للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول إضافة إلى 534 مليار دولار معتاد تخصيصها لميزانية الدفاع.

لكن تبين من خلال مسؤولين أمريكيين أن حوالي 25 مليار دولار فقط ستتوجه مباشرة لتمويل العمليات الأميركية المرتبطة بالحرب وبخاصة تكلفة إبقاء نحو 9800 جندي في أفغانستان هذا العام وقتال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

وصرح مسؤول بالإدارة بأن 25 مليار دولار أخرى تمثل تكاليف طويلة الأجل للبنتاغون وجدت سبيلها تدريجيا إلى صندوق (أو.سي.أو). ويتفق الجميع على أن كل هذه التكاليف تخص الإنفاق السنوي المعتاد للبنتاغون والذي يطلق عليه الميزانية الأساسية.

وللسنة المالية 2016 طلب أوباما 789 مليون دولار لصندوق (أو.سي.أو) لطمأنة الشركاء الأوروبيين القلقين من روسيا و2.1 مليار دولار لصندوق (الشراكة لمكافحة الإرهاب) من أجل تعزيز قوات الأمن التابعة للحلفاء.

وقال مارك كانسيان المسؤول السابق في مكتب الإدارة والموازنة التابع للبيت الأبيض إن مثل هذه البرامج لا تندرج تحت تعريف تمويل الحرب. وساهم كانسيان عام 2009 في كتابة معايير غير ملزمة تتناول تفصيلا ما ينبغي أن يموله الصندوق.

وقال كانسيان الذي يعمل حاليا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “كلا الطرفين.. الكونغرس والإدارة خالفا المعايير عندما كان من مصلحتهما أن يفعلا ذلك”.

مد “مناطق رمادية”

أنفقت الولايات المتحدة 1.6 تريليون دولار على حربي العراق وأفغانستان والعمليات المرتبطة بهما بين السنتين الماليتين 2001 و2014 حسبما أشارت بيانات خدمة البحث التابعة للكونغرس في ديسمبر/كانون الأول.

لكن خدمة البحث وجدت أن 81 مليار دولار من هذا المبلغ صبت في تكاليف “غير مرتبطة بالحرب”. ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أكبر بكثير: فأموال (أو.سي.أو) لا تخضع للمراجعة الحسابية بحيث يتم التأكد من استخدامها في عمليات الحرب.

وأقر روبرت وورك نائب وزير الدفاع العام 2014 “هناك قدر كبير من المال في (أو.سي.أو) كان ينبغي أن يكون في الموازنة الأساسية… هذا يحدث منذ 12 عاما.”

وقال روبرت هيل وهو مراقب سابق بالبنتاغون إن مشروعات القوانين الخاصة بالموازنات التكميلية من المفترض أن تغطي “التكاليف الإضافية للحرب”. ويمكن إدراج تكاليف المخاطر الخاصة التي تواجهها القوات وتكاليف نقل المركبات المدمرة لكن لا ينبغي إدراج الرواتب المنتظمة أو أنظمة الأسلحة الجديدة.

وقال هيل إنه بمرور الوقت يقع المزيد والمزيد من أوجه إنفاق (أو.سي.أو) في “مناطق رمادية”.

ويقول الخبراء إن إجراء حساب كامل للأوجه مثار التساؤلات في إنفاق (أو.سي.أو) قد يكون مستحيلا.

ويذكر مسؤولون سابقون ومحللون أكتوبر/تشرين الأول 2006 تاريخا لبدء توسيع نطاق تعريف الإنفاق الحربي. فقد أصدر جوردون إنجلاند نائب وزير الدفاع آنذاك توجيهاته لقادة لجيش باستخدام ميزانيات تكميلية لتمويل “الحرب الأطول على الإرهاب” وليس فقط الحربين في العراق وأفغانستان.

وقال تود هاريسون من مركز التقييمات الاستراتيجية وتقييمات الميزانية “كانت الرسالة: فكروا بأفق أوسع فيما يمكن أن تضعوه في مزيانياتكم الحربية. ضعوا المزيد هناك. وقد فعلوا”.