نظم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، بالشراكة مع مايكروسوفت مصر، أول ملتقى للعمل الحر “فري لانس” في مصر بالقاهرة، ومقره شبكة الإنترنت، فهل تنجح هذه المبادرة في تكريس ثقافة العمل الحر لمواجهة البطالة؟
تهدف المبادرة التي أطلقها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع شركة مايكروسوفت مصر إلى تطوير مهارات الشباب المصري وخبراتهم لخلق فرص جديدة للعمل الحر. هذه المبادرة انطلقت عبر شبكة الانترنت. وقد تمثل هذه المبادرة فرصة لتشجيع الشباب للبحث عن نوافذ جديدة تفاديا للبقاء دون عمل، ولكن يظل الحكم على نجاح أو فشل مثل هذه المبادرات رهن إيمان الشباب بهذا النوع من العمل، وكذلك تشجيع الدولة للعمل الحر دون الاعتماد عليها كحل دائم لأزمة البطالة.
أداة للتواصل مع الشركات
تحدثت سمر حلاوة، منسقة المبادرة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، في حوارها مع DWعن هدف المبادرة قائلة:” الشباب بحاجة إلى خبرات عملية قبل حصولهم على أي وظيفة حتى يكتشفوا احتياجات سوق العمل. كما أن عددا كبيرا من الشباب يفتح شركات خاصة دون خبرة أو معرفة باحتياجات السوق نفسها”. وتم ترجمة هذه الخطوة من خلال موقع freelanceme.net، والذي اعتبرته حلاوة أداة تساعد أصحاب الشركات للتواصل مع الشباب عبر وضع المشاريع المتاحة. وتابعت:” ومن خلاله (الموقع) يمكن للشباب أن يقدموا السيرة الذاتية وحافظة أعمالهم، واختيار الشركات الأفضل للعمل”.
وترى حلاوة أن المبادرة تساعد الشباب على البحث عن فرص عمل دون التنقل بعيدا عن المدينة التي يقطنون فيها، وبساعات عمل أكثر دون الالتزام بمواعيد محددة. وتوضح حلاوة أن المبادرة تنمي مهارات الشباب على كسب العملاء وبناء سمعة حسنة. وتشير إلى أن المبادرة تعمل على تنمية مهارات الشباب ورفع وعي الشركات سواء الصغيرة أو المتوسطة بأهمية العمل الحر.
ومن هنا، ترى حلاوة أن المبادرة تساعد الشباب على مواجهة البطالة، خاصة وأن المبادرة تركز على الطلبة والخريجين الباحثين عن عمل. كما أن المبادرة تخطط على المدى الطويل لأن تصبح مبادرة إقليمية. وتدرك حلاوة أن توسيع المبادرة، يرتبط بتحقيق الأهداف المحلية وبناء سمعة جيدة.
أساسيات العمل الحر
ورغم أن هذه المبادرة تحمل تحديات رئيسية أهمها ثقة أصحاب الشركات بالتزام الشباب في المواعيد والجدية في العمل. ولكن تقول حلاوة في هذا السياق إن المبادرة لا تختص بإلزام الشباب بالمواعيد وأنهم لا يقدمون توصيات لأصحاب العمل. ولكن في المقابل، يقدمون برامج تدريبية لرفع وعي الشباب بأهمية الالتزام والتواصل مع أصحاب الشركات لبناء السمعة الجيدة، وكذلك تنمية المواهب على أساسيات العمل الحر، حسب حلاوة. واعتبرت أن مؤتمر العمل الحر FreelanceME Summit’15، كان بمثابة فرصة للشباب لاكتساب خبرات من ذويهم. وتشرح: “عرض المؤتمر قصص شباب بدءوا بالعمل الحر ونجحوا في أن يكونوا أصحاب مشاريع وكانوا بمثابة مصدر إلهام للحاضرين”.
وتشير حلاوة إلى أن هناك 5000 مسجًل على الموقع، معظمهم يعمل في مجال الترجمة والتصميم وتطوير المواقع، ولكن الموقع لا يقتصر على مجال بعينه. ونوهت إلى أن هناك أشخاص بالفعل تم قبولهم من قبل الشركات، دون تحديد أي أرقام. واختتمت بالتركيز على أنهم يخططون مستقبلياً لتدريب الطلبة في الجامعات. وتقول إن المبادرة منقسمة إلى الجزء الافتراضي الخاص بالموقع باعتباره أداة تواصل بين الشباب والشركات. وفي نفس الوقت هناك جزء عملي للتدريب، ولكن الموقع نفسه هو من يقدم فرص العمل، حسب حلاوة.
شباب حائر
يقول أحمد الشيخ، صحفي حر، 25 سنة،أن أغلب هذه المبادرات لا أحد يسمع عنها شيئا. واعتبر الشيخ أن الدولة هي المسؤولة عن إتاحة فرص عمل للشباب وتنمية مهاراتهم. لذلك، شكر الشيخ القائمين على المبادرة لمحاولاتهم مساعدة الشباب.
ولكنه يرى أن هذه المبادرات لن تحل مشكلة البطالة. ويفسًر: “لأنها متعلقة بإرادة الدولة والفرد، فعلى الدولة توفير فرص عمل حقيقة للشباب علي قدر كفاءته وتخصصه، مع تحمل الفرد للمسؤولية”.
بينما ترى رانيا عادل، 24 سنة، مترجمة حرة،أن العمل الحر هو حل لمشكلة البطالة. قائلة “يساعد ناس مثل ربات البيوت أو الناس اللي عندها ظروف متقدرش تسيب بيتها”. وتابعت: “معنديش مانع بالتقديم على موقع المبادرة، فأنا أفضل العمل من المنزل توفيراً للوقت”.
توفيق بين العرض والطلب
وفي نظرة تحليلية للموضوع، يرى إبراهيم الغيطاني، الباحث الاقتصادي في المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، أن مبادرات العمل الحر، تساعد الشركات على جذب الموظفين الذين يتمتعون بالمهارات والقدرات والمعارف المطلوبة. وأضاف”كما تحسًن قدرة طالبي العمل على العثور على الوظائف المناسبة”. ولذا فهي أداة من أدوات التوفيق ما بين طالبي العمل وأصحاب الأعمال، حسب الغيطاني.
ويرى الغيطاني أن هناك تجارب عديدة تحمل نفس الفكرة لهذه المبادرة مثل الغرفة التجارية الأمريكية، والغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة. ومن ثم، أقصى ما يمكن أن تقدمه هو التوفيق بين العرض والطلب على العمل. وبالتالي، لا يجب تحميلها دوراً أكثر من ذلك كخلق الوظائف ذاتها .خاصة وأن معدل البطالة بمصر، وفقاً للتقديرات الرسمية وصل إلى قرابة 12.8%.
ويرى الغيطاني أنه لا يمكن الحديث عن دور مهم لريادة الأعمال، والتي ينبثق عنها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، دون وجودة مساندة سياسية، وانتعاش الاقتصاد المصري مرة أخرى. وأردف: “بحيث يمكن الاستفادة من طاقات هذه المشروعات، وربطها أفقياً ورأسيا بالمشروعات كبيرة الحجم”.
وينصح الغيطاني بأن تتجه المبادرات كهذه إلى بناء قاعدة بيانات وطنية للتصنيف المهني، وعرض العمل والطلب بشكل يمثل كافة الشركات ومختلف القطاعات الاقتصادية.