انطلقت مهرجانات الصيف الفنية اللبنانية هذا العام وسط مخاوف أمنية وقلق سياسي.
وتعتبر المهرجانات واحدة من أبرز معالم صناعة السياحة في لبنان حيث يتنقل اللبنانيون وخصوصا المغتربين منهم والسياح العرب والاجانب بين أطلال بعلبك الرومانية الأثرية وقصر بيت الدين الشهابي وقلعة بيبلوس الفينيقية التي استضافت المطربة الفرنسية ميراي ماتيو.
وأحيا المطرب الفرنسي شارل أزنافور افتتاح مهرجان البترون في شمال لبنان حيث أحيا أمس حفلة وهو في عامه الواحد والتسعين.
وتوجه الى جمهوره بالقول: “لا أسمع ولا أرى وكثيرا ما تخونني الذاكرة. الزيارة الاولى لي الى لبنان كانت منذ نحو 60 عاما، وانا اليوم في الواحدة والتسعين من عمري”.. و كشف أنه يستعين بشاشة تنقل كلمات أغانيه.
وقال: “أنا الوحيد في العالم الذي يعترف بهذه الحقيقة وهناك فنانين كثر يعتمدون هذه الطريقة ولكن من دون الإفصاح عن ذلك”.
بعلبك
ومع أن كل المهرجانات الصيفية في لبنان لها أهميتها السياحية فإن مدينة الشمس لها رمزية تاريخية كونها الأقدم والأكثر شهرة ولمهابة المكان التاريخي الذي تقام فيه داخل القلعة الرومانية الشامخة.
فعلى مرمى سنة من عيدها الستين كانت مهرجانات بعلبك الدولية كصبية مسحورة تتدارى خلف أضواء معبد “جوبيتر” وتغازل معبد “باخوس” وتنثر رشقات من الموسيقى في فضاء مدينة جاورت الرصاص وتستعير من ماضي المهرجان زيتا لسراج الاعمدة.
“إلك يا بعلبك” مغامرة موسيقية شاعرية تلعب عند تخوم الخطر وتقارع زمن الحرب على الجانب الآخر وقد اختصرها الشاعر السوري “أدونيس” عندما سأل السماء من بعلبك “أما شبعت من ذبح البشر بإسمك؟”.
وبين قراءات شعرية وغناء ودبكة اكتملت عناصر التظاهرة الفنية الساحرة التي أخذت الجمهور إلى سهر متنوع الجمال تناوب على ترصيعه بالجودة إبن بعلبك طلال حيدر والحكواتي إبن الجنوب الممثل رفيق علي احمد والفنانة فاديا طنب.
واكتمالا لمشهد المجد لعب الفنان مارسيل خليفة دورين على المسرح فقدم مقطوعة سيمفونية موسيقية لبعلبك وغنى مع الفرقة “يا نسيم الريح” للحلاج وسط تفاعل مع الجمهور.
وقد لونت فرقة “دبكة المجد البعلبكية” ليل المدينة برقصات مزجت بين الدبكة الشعبية والتمايل التعبيري لتسرق الحضور من أجواء الشعر والموسيقى وتحول المسرح الجامد الى جسد متحرك.
وتعتبر لجنة المهرجان هذا العمل الذي أعده وأخرجه اللبناني نبيل الاظن بمثابة تحية للمدينة التي فتحت ذراعيها للمهرجانات قبل نحو ستة عقود.
واعادت لجنة مهرجانات بعلبك بهذا العمل الموسيقي المسرحي الثقة بالإستقرار الأمني في المنطقة حيث تحلق سفراء أوروبيون إلى جانب وزراء وشخصيات لبنانية سياسية وفنية وإعلامية لحضور المهرجان الأعرق في لبنان والمنطقة وسط إجراءات أمنية مشددة.
وبعلبك الواقعة في شرق البلاد كانت قد عاشت تداعيات الحرب في سوريا المجاورة حيث كانت عرضة لصواريخ وانفجارات بسيارات مفخخة أزهقت أرواحا على امتداد سهل البقاع خلال الاعوام الماضية.
ويستمر المهرجان الذي بدأ ليل الجمعة حتى آخر الشهر ويستقبل في التاسع من أغسطس آب المغنية والممثلة الفرنسية المغربية هندي زهرة في حفل موسيقي يندرج في إطار موسيقى “وورلد”.
كما يستضيف المهرجان حفلا للجاز مع الفنان المولود في الكاميرون ريتشارد بونا بالاضافة الى حفل أمريكي يمزج بين الأنغام الكلاسيكية والديسكو والسول وفرقة رباعية تعزف على الآلات الوترية.
وللمرة الاولى تشارك المطربة السورية ميادة الحناوي في مهرجانات بعلبك الدولية حيث ستقدم أعمالا من تأليف أحمد رامي ورياض السنباطي وبليغ حمدي.