IMLebanon

استثمار الأزمات .. رواج مولدات الكهرباء الأهلية في العراق


انتشرت ظاهرة مولدات الطاقة الكهربائية “الأهلية” في العراق، ليشهد الاستثمار فيها رواجاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، محققة أرباحاً طائلة على أصحاب هذه المشروعات، بينما أثقلت في الجانب الآخر من كاهل المواطن البسيط، رغم توفيرها بديلاً عن الخدمات الحكومية الغائبة عن الكثير من مناطق العراق.
فلا تكاد تترجل داخل الأزقة والحارات، في مناطق عدة حتى تجد المولدات الكهربائية التي تعمل بالديزل قابعة بين المنازل، حيث تنتج تلك المولدات ما متوسطه نحو ألف أمبير، بينما يتم بيع الطاقة المولدة بنحو 10 آلاف دينار عراقي (8.2 دولارات) للأمبير الواحد شهرياً، حيث تتفاوت نسبة اشتراك المنزل بين 5 و10 أمبيرات على حسب الاحتياجات الشهرية والإمكانات المادية.
وأصبحت “الكهرباء الأهلية” الملاذ الوحيد للكثير من الأسر العراقية لقضاء الاحتياجات الأساسية، في ظل انقطاع الكهرباء التي توفرها الحكومة بواقع 16 ساعة يوميا، إلا أنه لا يمكنها تشغيل سوى مبردات الهواء المتنقلة المعروفة بـ”المبردات الهوائية” وكذلك مراوح الهواء، لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير هذا الصيف والتي تصل إلى 55 درجة مئوية في النهار.
وبينما يقول مواطنون إن انقطاع التيار الكهربائي ولجوءهم إلى طاقة المولدات أضاف أعباء جديدة إلى ميزانياتهم، إلا أنها أحدثت في المقابل حراكاً في أسواق المولدات والسلع المرتبطة بها، وكذلك توفير فرص عمل من مشغلين وعمال صيانة وحراس، ربما لا تكون موسمية بسبب المخاوف من استمرار تردي الخدمات الأساسية في البلد النفطي.
ويعاني العراق من تراجع موارده المالية في ظل تهاوي أسعار خام النفط عالمياً للنصف في 12 شهراً، وارتفاع فاتورة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الذي سيطر على مساحات واسعة من شمال وغرب البلاد.
ويقدر غزوان أحمد العتبي، مستشار وزارة التخطيط، عدد المولدات الأهلية في عموم مدن العراق بنحو 90 ألف مولد، إلا أن هناك من يعتبر تلك الإحصائية متواضعة، مشيرا إلى تجاوزها 150 ألف مولد.
ويقول العتبي، لـ”العربي الجديد”، إن المولدات الأهلية باتت ملاذ الناس كخيار مؤقت، مشيرا إلى أن نحو 100 ألف عراقي يعملون بهذا القطاع من مالك المولد إلى المشغل والحارس وعمال الصيانة وفني توصيل الكابلات الكهربائية للمنازل.

لكن ماجد عبد الكريم، عضو نقابة المهندسين العراقيين في بغداد، يؤكد أن عدد المولدات فاق الـ 150 ألفاً، وغالبيتها معدلة محلياً، حيث يستهلك في المتوسط يوميا 120 لتراً من الديزل.

وبحسب محمد الدليمي، أحد أصحاب المولدات الكهربائية في بغداد، فإن ” المولدات الكهربائية منتشرة في عموم أحياء العاصمة ، وفي كل حي سكني يوجد ما يتراوح بين 4 إلى 6 مولدات”.
ويقول الدليمي ” نوفر الكهرباء بأسعار تبدأ من 9 آلاف دينار (7.4 دولارات) للأمبير الواحد شهرياً، مقابل الحصول على التيار لمدة 12 ساعة يومياً من الـ 12 ظهراً وحتى منتصف الليل، كما لدينا الخط الذهبي، الذي يصل سعر الأمبير الواحد إلى 25 ألف دينار (20.7 دولار) ويعمل على مدار 24 ساعة دون توقف”.
ويضيف أن صاحب المولد يقوم بتشغيل أربعة أشخاص بمرتبات تصل إلى 300 ألف دينار (248.5 دولاراً) للعامل الواحد، مشيرا إلى أن العائد عليها جيداً.
ويؤكد أن التجار بدأوا خلال العام الحالي باستيراد مولدات ذات سعة توليدية عالية لغرض توفيرها وتوزيعها على الأحياء في بغداد، لافتا إلى ازدهار تجارة المولدات، التي يصل سعر الواحد منها إلى 40 ألف دولار، وتستورد من اليابان والصين.
وحول الوقود اللازم لتشغيل هذه المولدات يقول الدليمي ” نتسلم حصتنا من السولار من وزارة النفط بعد كتاب رسمي من قبل مجلس محافظة بغداد يفيد بتشغيل المولدات، ونلجأ في بعض الأحيان إلى شراء الوقود من السوق التجارية بسعر 15 ألف دينار (12.4 دولاراً) للبرميل سعة 200 لتر”.
ويتابع أن المردود المالي لعمل المولدات جيد، وتختلف حسب المشتركين، موضحا أن أقل مولد يصل ربحه شهرياً إلى نحو 3 ملايين دينار (2486 دولاراً)، ولكن يخصم منها أجور العمال وسعر الوقود.
وبحسب رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد، غالب الزاملي، فإن أسعار الطاقة المباعة من المولدات الأهلية قد تنخفض في حال استقر الإمداد الحكومي للطاقة بعد فصل الصيف، حيث تتدهور في هذا الفصل بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة إنتاج التيار.
لكن حسين قاسم، أحد سكان بغداد، يقول إن معاناة الكهرباء لا تنتهي، وإن العراقيين بدأوا يعتمدون بشكل كبير على المولدات الأهلية كطاقة بديلة.