رفعت جلسة مجلس الوزراء الخميس الفائت من دون بت آلية اتخاذ القرارات في غياب رئيس الجمهورية، كما يطالب “تكتل التغيير والاصلاح”، ومن دون ايجاد حلّ فعلي لقضية النفايات، علماً أن استحقاقاً مهماً موعده الأسبوع المقبل هو انتهاء ولاية رئيس الأركان في الجيش.
ما هو السيناريو المرسوم للجلسة المقبلة للحكومة التي دعا اليها الرئيس تمام سلام الأربعاء المقبل؟ وما سيكون رد فعل الرابية في حال التمديد لرئيس الأركان؟
تتكتّم الرابية على السيناريو الذي ستتحرك على أساسه، وتتركه عنصر مفاجأة للفريق الآخر، وخصوصا في حال التمديد لرئيس الأركان. “علماً ان كل شيء متاح ضمن حدود الدستور والميثاق لإنقاذ الصيغة التشاركية، ولن نسمح بأن يكمل مسلسل الانقلاب على الدستور والقانون، وخصوصاً أن الآلية لم تبتّ، وأزمة النفايات تتفاقم، والغضب الشعبي يتزايد وكذلك الغضب المعيشي”، وفق مصدر قريب من الرابية.
بالنسبة الى الرابية كل شيء متاح، وهي تملك خيارات عدة ومبرمجة “سننفذها الواحد تلو الآخر”، مع التشديد على عدم السماح بالاستمرار في الانقلاب”. يشدد أحد النواب العونيين على انه يمكن أن تكون بداية التحرّكات إعلان لبنان دولة فاشلة، مع كل ما يقتضي ذلك من ممارسات، مؤكداً “ان قرار التمديد لن يمرّ لأنه مقدمة لقرار آخر، أي التمديد لقائد الجيش، ومعناه تمديد الأزمة”.
يرفض “تكتل التغيير والاصلاح” اسقاط الحكومة، “لن نسمح بذلك، وهذا الأمر ليس ضمن أولوية تحركنا على الاطلاق، بل الأولوية هي لوضع حد للانقلاب بطرق كثيرة وواضحة ومتفق عليها ومنسقة”. وفي قراءة التكتل انه عندما يقول الرئيس نبيه بري “اننا لن نسمح بإسقاط الحكومة”، فهذا الكلام غير موجّه الى حلفائه بل الى الفريق الآخر.”إذاً، كل ما نريده حلّ الأزمة وليس تمديداً لإدارتها، وبالتالي تكون خطوة متقدمة وآخر مسمار في نعش هذا النظام”. ويرى المصدر العوني أن أزمة الحكومة هي تعبير جدي وحقيقي عن أزمة النظام.
ويضيف أن ثمة اتصالات تحصل لتقويم هذا النهج من الفريق الأكثري في الحكومة، مؤكداً ان الرئيس تمام سلام “يضرب من بيت أبيه وليس منا، اذ ان مشكلته مع فريقه السياسي وليست معنا. فمن أوقع وزيره، وزير البيئة في مأزق النفايات؟”. في اعتقاده ان الرئيس سلام يجري قراءة أخرى للحوادث، وهو يعرف تحديداً أن لا “التكتل” ولا “حزب الله” يعطّلان حكومته، “بدليل أننا نطالب باتباع الآلية التي أرساها هو في الأساس”. ويختم المصدر بأن العنوان الأساسي للتحرّك هو المشاركة الفعلية، “اذ علينا أن نكون محصّنين في الداخل أمام تطورات المنطقة وخصوصاً بعد توقيع الاتفاق النووي.
وكشفت صحيفة “النهار” ان العماد ميشال عون، لدى استقباله وزير الدفاع سمير مقبل الاسبوع الماضي، لم يكتف بابلاغه قبوله بحل يتم التوافق عليه في المراكز الامنية، بل انه حمّله اقتراحاً مكتوباً يتضمن مبادرة لتوفير حل للتعيينات تحفظ كرامة الجميع، وتتوافق والقوانين المعمول بها، كما ابلغه ان هذه الورقة التي سماها “مسودة مرسوم مبرمج للتعيينات” في كل المواقع العسكرية الشاغرة قد تكون الفرصة الاخيرة وعليه ان يعرضها على كل القيادات التي يلتقيها، أملا في التوصل الى تفاهم، وإلا فإن عون وتياره سيغسلان ايديهم من كل التفاهمات داخل الحكومة، لان الفريق الآخر وتحديداً ” تيار المستقبل” لا يلتزم كلمته.
ورفض عون اقتراحات لترقية العميد شامل روكز الى رتبة لواء لتأخير تسريحه واعتبر الامر غير قانوني، لكنه تمنى على مقبل ان يسأل صاحب العلاقة. ويلوح “التيار” بالشارع مجدداً إذا اصدر مقبل قراره بالتمديد لرئيس الاركان قبل ان يعود للتشاور مع عون في اقتراحه.
وقالت مصادر وزارية لـ”النهار” إن هناك معلومات عن تحرك ميداني سيقوم به أنصار “التيار الوطني الحر” بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء لطرح مطالبه في شأن التعيينات وآلية عمل المجلس وستكون هناك جهوزية أمنية للحفاظ على النظام. ولفتت الى أن أمر التمديد لرئيس أركان الجيش صار مبتوتاً، في حين أن هناك إقتراحاً أن يطرح أيضا موضوع التمديد لقائد الجيش كي تتظهّر كل ردود الفعل مرة واحدة وليس بالتقسيط كما هو جار حالياً.
صحيفة “السفير” كتبت بينما تُستأنف اليوم جولات الكر والفر بين «شبه الدولة» والنفايات المرشحة للتصدير، ينعقد مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، في جلسة «تحضير أرواح» كما أسماها أحد الوزراء، فيما رجحت مصادر سياسية انعقادها «على حافة الهاوية»، لا سيما أنها ستكون في مواجهة استحقاق شغور مركز رئيس الأركان في الجيش اللبناني مع انتهاء خدمة اللواء وليد سلمان، الجمعة المقبل.
وأغلب الظن أن وزير الدفاع سمير مقبل سيقترح من باب رفع العتب بعض الأسماء لتولي هذا المركز، فإذا تم التوافق على اسم معين يجري تعيينه، وإذا تعذر ذلك ـ وهذا ما سيحصل كما يؤكد العارفون ـ يلجأ مقبل إلى التمديد لسلمان من خلال قرار تأخير تسريحه في اليوم التالي (الخميس)، وهو السيناريو الذي سينطبق أيضا على العماد جان قهوجي في جلسة الأربعاء أيضا، على أن يسري مفعول التمديد للأخير اعتبارا من 24 أيلول المقبل.
وفي هذه الحال، تنتقل الكرة إلى ملعب «التيار الوطني الحر» الذي سيحدد، «بمن حضر» من الحلفاء، مسار التصدي لهذا القرار ومساحة الرد، وسط توقعات بأن يتحرك الشارع البرتقالي على نطاق واسع يتعدى حدود التحرك المحدود في المرة السابقة، وذلك بالتزامن مع تكبيل الحكومة وشل قدرتها على اتخاذ أي قرار.
وإذا كانت قضايا من نوع أزمة النفايات والتعيينات الأمنية وآلية عمل الحكومة تفرض إيقاعها منذ فترة على جلسات مجلس الوزراء، فإن استحقاق الـ “يوروبوند” الذي أصبح داهما من حيث المهل الزمنية سيقتحم الجلسة المقبلة، بقوة دفع من النائب وليد جنبلاط ممثلا بالوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور اللذين سيطلبان تفويض وزير المال علي حسن خليل القيام بما يلزم، تجنبا لأية تداعيات اقتصادية أو مالية.
من جهتها، كتبت “الأخبار”: “لا تبدو أحوال الحكومة مع انطلاقة الأسبوع أفضل من تلك في الأسبوع الماضي. وإن كانت أزمة النفايات قد أجّلت «مرحلياً» الصدام الذي تنتظره القوى السياسية في الحكومة على خلفية ملفّ التعيينات الأمنية، فإن الجلسة التي قدّمها الرئيس تمام سلام إلى الأربعاء بدل الخميس، تنذر بتصعيد كبير يُعدّ له وزيرا التيار الوطني الحر وحلفاؤه من جهة، في مقابل تصعيد سلام ومن خلفه تيار المستقبل.
وأضافت الصحيفة: “لم يكُن خيار سلام تقديم موعد جلسة الحكومة ناشئاً عن فراغ، بل من مخاوف حقيقية جديّة انتابت تيار المستقبل، وعبّرت أوساطه بشكل صريح عنها بالقول إنها «الجلسة الأكثر حساسية، حيث سيتمّ فيها طرح ثلاثة أسماء لخلافة رئيس الأركان في الجيش، ومن المتوقع أن لا يحظى أي من هذه الأسماء التي سيطرحها جنبلاط بأكثرية داخل مجلس الوزراء، ليكون الخيار الذهاب إلى التمديد لرئيس الأركان الحالي».
وأشارت المصادر إلى أن «تيار المستقبل هو الذي طلب إلى سلام الدعوة إلى الجلسة صباح يوم الأربعاء لتسبق جلسة الحوار التي ستعقد ليلاً بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة». ولفتت الأوساط إلى أن “نية المستقبل من هذا الإجراء هي أن تلعب جلسة الحوار دوراً في إطفاء الحريق الذي سينشب عن جلسة الحكومة، ولا سيما في ظل التأكيدات التي وصلت إلى المستقبل باستعداد التيار الوطني الحر للتصعيد، وحتى العودة إلى الشارع». وقالت الأوساط إن «الهدف من جمع جلستي الحكومة والحوار في يوم واحد هو الخروج ببيان من عين التينة يؤكد دعم استمرار عمل الحكومة للتخفيف من حدّة السقف الذي سيعتمده التيار في ردّه على التمديد إن حصل».
وبالتوازي مع أزمة التمديد، استعرت المعركة حول موقع مدير المخابرات في الجيش أيضاً، إذ تنتهي في أيلول الولاية الممددة لمدير المخابرات العميد إدمون فاضل، ولا يمكن قانوناً التمديد لفاضل مجدداً لبلوغه 42 سنة في الخدمة حتى أيلول، وبالتالي يحال حكماً على التقاعد. وأمام هذه الأزمة، تبرز أربعة خيارات للحلّ؛ فقائد الجيش العماد جان قهوجي يميل إلى تعيين العميد كميل ضاهر، ويحاول الرئيس ميشال سليمان عبر وزير الدفاع سمير مقبل الدفع نحو تعيين العميد وديع الغفري، فيما يفضّل الحريري تعيين العميد مارون حتّي، وهو من الضباط المقرّبين جداً منه.
وبحسب المعلومات، فإن فرع المعلومات كان قبل سنوات قد وضع الوقود والصيانة في تصرّف حتّي، إضافة إلى استفادته من تقديمات أخرى من الفرع المذكور. وأثار الأمر استهجان ضباط وقيادة الجيش، إذ لم يسبق لجهاز أمني أن وضع في تصرّف ضابط في جهاز أمني أو عسكري آخر تقديمات كتلك التي كان حتّي يحصل عليها، ما جعله عرضة للمساءلة أمام قيادة الجيش، فتخلّى عن سيارة المعلومات قبل نحو أربع سنوات، علماً بأن حتّي يحظى بتأييد من ضباط الأجهزة الفرنسية والأميركية العاملين على خط التنسيق مع استخبارات الجيش.
وأمام الخيارات الثلاثة الأولى، يتقدم الخيار الرابع، وهو استدعاء فاضل بعد تسريحه من الاحتياط، وتكليفه بقيادة المديرية، وهو إجراء يتخذه وزير الدفاع بناءً على اقتراح قائد الجيش، ومختلف عن الإجراء السابق الذي كان يقضي بتمديد خدمته. ويبدو فاضل حائزاً ثقة غالبية القوى السياسية، إضافة إلى الأجهزة الأمنية الغربية والعربية التي تنسق مع استخبارات الجيش.
من جهته، أشار النائب علي فياض إلى “ضرورة الذهاب باتجاه التعيينات في 7 آب، لأن لا شيء يمنع من حصولها”.
في سياق متصل، ذكرت صحيفة “الديار” ان شخصية هامة سرية تقوم بوساطة بين عون وسلام قبل جلسة يوم الاربعاء كي لا ينفجر مجلس الوزراء، لأن الحكومة خط احمر، رغم ان التشاؤم يسيطر على نتائج هذه الوساطة القائمة بين التيار الوطني الحرّ والرئيس تمام سلام بالنيابة عن تيار المستقبل من قبل سلام.