تقع الشركات الصغيرة والمتوسطة في قلب اقتصادات الشرق الأوسط.
وفقاً لأحدث تقارير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن (البنك الدولي)، الذي يدرس ويصنف 189 بلداً بناء على سهولة بدء المشاريع التجارية وتشغيلها، فإن عوامل النجاح الريادي؛ أو فشله حال غيابها، متعددة. فقوة نظام تسوية حالات الإعسار الذي يسهل الأمور على الناس عند الفشل والقدرة على “إضفاء صبغة قانونية” على فكرة مشروع والحصول على الائتمان، وسلاسة عمليات دفع الضرائب جميعاً ضرورية لنماء المشاريع.
هنا تتضح نقطتان. أولا أن التشريعات التجارية المناسبة ضرورية لكل تلك العوامل. ثانياً أنها ليست متوافرة في كل الدول.
بإلقاء الضوء على جانب التشريعات في العالم، يناقش تقرير ممارسة أنشطة الأعمال كيف أن التشريعات قد تحفز الشركات الناشئة أو تدمرها. فالمشروع يستخدم 10 معايير والمدينة الرئيسة (في بعض الحالات أكثر من واحدة) في كل بلد كأساس للتحليل، في حين كان شهر يونيو/ حزيران 2014 العلامة المرجعية لبيانات هذا العام.
النتائج متفاوتة للغاية، فبعض البلدان تقدم أرضية مناسبة لازدهار الرياديين، وأخرى تضع في طريقهم عراقيل يستحيل تجاوزها تقريباً. لكن المسألة نسبية: فأعلى الدول تصنيفاً ليست بالضرورة ذات مراكز مرتفعة في كل الفئات، وبعض الدول المتأخرة في القائمة تحرز مراكز جيدة في بعض الفئات.
لذلك، قبل أن يشرع الرياديون الناشئون ومستثمروهم في البحث عن الشارع والحي الملائم لإقامة مشاريعهم، عليهم أولاً أن يتريثوا ويحددوا أي البلدان مناسب أصلاً. لا شك أن السفر لمسافة بعيدة من أجل تحويل فكرة تجارية إلى واقع ليست طريقة عملية لمعظمنا، ولا تتمتع العديد من البلدان بالموارد الضرورية للمشاريع كي تزدهر. لكن هناك دروس يمكن أن تتعلمها دول العالم إذا أرادت الحفاظ على مواهبها الريادية؛ التي تعد بالنهاية العمود الفقري لاقتصادها.
الساحة الدولية
في المراكز العالمية العليا بتقرير ممارسة أنشطة الأعمال، تحتل سنغافورة المركز الأول بوصفها البلد الأكثر تشجيعاً على مزاولة الأعمال. ويظل تصنيف هذا البلد الواقع جنوب شرق آسيا ثابتاً قياساً بعام 2014، كما هي الحال مع المراكز التي حصدها في كل الفئات الـ10 ماعدا اثنتين. فقد هبطت مراكزه المتعلقة بالائتمان وحماية المستثمرين الأقلية 3 مراكز ومركز 1 على التوالي، مقارنة بالعام الماضي.
وتأتي نيوزيلندا في المرتبة الثانية وهونغ كونغ في المركز الثالث ضمن قائمة الـ10 الأوائل التي تشمل بلدان من قارات مختلقة: آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا وأوقيانوسيا.
دول الخليج في الصدارة
تهيمن دول الخليج على قائمة الـ10 الأوائل في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال إقليمياً لهذا العام، إذ جاءت الإمارات أولاً تتلوها السعودية ثانياً ثم قطر ثالثاً. لكن تونس كسرت هذه التتابع الخليجي لتأتي خامساً قبل عُمان، في حين وجدت المغرب ولبنان ومالطا (تنضوي تحت مظلة الشرق الأوسط هنا) لنفسها أماكن إلى جانب دول الخليج الـ6.
في الحقيقة، المغرب تصنف أولاً بين نظرائها الإقليميين في فئة بدء النشاط التجاري، رغم أنها هبطت 7 مراكز عالمياً، مقارنة بعام 2014 حين حلت بالمركز 47 إجمالاً فيما يتعلق بإقامة المشاريع. من ناحية أخرى، ظل العراق وسوريا وليبيا لأسباب معروفة في أسفل القائمة. لكن من الجدير بالذكر أن العراق المحاصر بالمتاعب يستحق الاحترام لأنه احتل المركز الـ3 بالمنطقة في فئتين: استخراج تراخيص البناء والحصول على الكهرباء. وفي هذا قليل من العزاء نظراً إلى الازمة الحالية في البلاد، كما حققت سوريا نتيجة مرتفعة أيضاً؛ على نحو يثير الغرابة، في حماية المستثمرين الأقلية، إذ جاءت بالمرتبة الـ5 على مستوى المنطقة.
– الإمارات الترتيب الإقليمي: 1 الترتيب العالمي: 22
فيما تحتل الإمارات الترتيب 1 في ممارسة أنشطة الأعمال بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد هبطت فعلياً على مستوى العالم من المركز 49 في 2014 إلى المركز 58 هذا العام. وفيما يخص بدء النشاط التجاري، هبطت الإمارات 9 مراكز مقارنة بالعام الماضي، فيما يبدو أن تسوية حالات الإعسار باتت أصعب أيضاً، إذ هبطت البلاد 4 مراكز في هذه الفئة. من جهة أخرى، تحتل البلاد إقليمياً المركز 12 من بين 20 دولة فيما يخص إنفاذ العقود. مع ذلك، وعلى صعيد الفئات الأخرى كلها، تتميز الإمارات عن نظيراتها العرب، وتحتل المركز الأول في 6 من أصل 10 فئات.
– تونس الترتيب الإقليمي: 5 الترتيب العالمي: 60
تونس أول بلد غير خليجي يظهر في قائمة هذا العام لممارسة أنشطة الأعمال بنتائج جيدة، رغم هبوطه 4 مراكز عن العام الماضي على الصعيد العالمي. على عكس الإمارات، يبدو أن تسوية حالات الإعسار وإنفاذ العقود مواطن قوة في هذا البلد الشمال أفريقي، في حين أن فئة دفع الضرائب كانت أدنى فئاتها بواقع 14 من أصل 20.
– مصر الترتيب الإقليمي: 11 الترتيب العالمي: 112
رغم مجيئها في النصف الثاني من القائمة الإقليمية، تقدمت مصر مركزاً واحداً على الصعيد العالمي مقارنة بعام 2014، وهي تعد أفضل دول المنطقة من حيث سهولة الحصول على الائتمان، وفقاً للدراسة. كما يبدو أن بدء النشاط التجاري فيها ميسر أيضاً نسبياً، إذ احتلت المركز الـ4 في هذه الفئة؛ متقدمة بمركز واحد عن الأردن ومتأخرة عن إيران بمركز واحد كذلك. غير أن مصر احتلت المركز 18 فيما يتعلق بإنفاذ العقود ودفع الضرائب.