Site icon IMLebanon

المكبات الموقتة تتضخم..”الزبالة راجعة”!

اعلنت مصادر وزارية ان موضوع تصدير النفايات لم يطرح بشكل جدي وان أي دولة لم تقترح شراءها بل تكتفي دول بدور الوسيط مع شركات خاصة. اما الطرف اللبناني الذي تقدم للقيام بعملية التصدير فهو شركة قيد الانشاء، تؤكد المصادر الوزارية ان “اصحابها عليهم شبهات مالية، ولا نستطيع المغامرة في الموضوع”.

ويعتزم وزراء الكتائب، كما صرح وزير العمل سجعان قزي لصحيفة “النهار”، القول في الجلسة إن الحزب أعطى كل الحلول ولكن لم يؤخذ بها فصار على الآخرين أن يطرحوا بدائلهم. وأضاف: “هناك غياب للارادة السياسية مما عطّل عمل اللجنة الوزارية وهناك خوف من أن ترتفع سلسلة جبال النفايات في لبنان الى جانب السلسلتين الشرقية والغربية”.

أما لجنة البيئة النيابية التي كان مقرراً أن تنعقد الاربعاء لمتابعة ملف النفايات، فأرجأ رئيسها النائب مروان حمادة الموعد الى الخميس لمصادفة الموعد إنعقاد جلسة مجلس الوزراء وارتباط الوزراء المعنيين بها، وبالتالي ستكون اللجنة الخميس أمام فرصة تقويم ما يمكن أن يتخذه المجلس من قرارات على هذا الصعيد. وصرّح النائب حمادة لـ “النهار”: “أليس حق اللبنانيين المطلق في الماء والكهرباء والنظافة والامن والصحة والخدمات فوق حقوق الطوائف الضيّقة؟ أوليس هذا الحق في الحياة الكريمة أهم من فرض رئيس للجمهورية خارج الاطر الدستورية والبرلمانية؟”.

في سياق متصل، أكدت مصادر معنية لصحيفة “السفير” أن قدرة مكان التجميع لنفايات بيروت في الكرنتينا قد أوشكت على النفاد، مؤكدة أن “لا افق لإيجاد أماكن في منطقتي المتن وكسروان من دون اعتراضات الأهالي، ومن دون الضرر بالمياه الجوفية لاسيما على المرتفعات، وبالتالي ما تزال النفايات في الشوارع في الكثير من المناطق، او تم التخلص منها بالحرق المضر جدا بالصحة العامة او بالرمي العشوائي في الوديان والأنهر”.

وسألت “السفير” رئيس الحكومة تمام سلام اذا كانت مشكلة النفايات على طريق الحل، في ضوء الاقتراح الذي نقله اليه امس الاول وزير الاقتصاد الان حكيم بنقلها الى دول اوروبية، أجاب بالقول: “إنه اقتراح ندرسه من ضمن اقتراحات أخرى”.

أما حكيم فقال لـ “السفير” بعد لقائه سلام أمس الاول: “وضعت رئيس الحكومة في نتائج اتصالاتي مع السلطات الالمانية وسفارتها في بيروت وجمعية معالجة النفايات الالمانية (itat) التي أبدت استعدادها لنقل النفايات، وهناك أربع شركات أجابتنا رسميا بالموافقة المبدئية، علما ان كل شركة منها تستطيع نقل أربعين ألف طن شهرياً”.

أضاف حكيم: “أرسلت كل المعلومات التي وافتني بها السلطات والشركات الالمانية الى الرئيس سلام ووزير البيئة محمد المشنوق، وننتظر درس الموضوع في جلسة مجلس الوزراء الاربعاء المقبل، علماً انه اذا لم تتم الموافقة على نقل النفايات الى المانيا، ففرنسا والسويد مستعدتان ايضا للتعاون في هذا الموضوع”.

وأوضح حكيم أن “كلفة نقل وحرق او معالجة الطن الواحد تبلغ تقريبا 150 دولارا، لكن هذا الامر خاضع للنقاش والعروض التي لم تصلنا رسميا ويمكن تخفيض الكلفة بالمفاوضات، لكن هذا الكلفة هي تقريبا موازية او اقل قليلا من كلفة ما تدفعه الحكومة في لبنان لشركة سوكلين”.

ونقلت مصادر بيئية شاركت أمس الأول بعشاء لوداع سفير المانيا في لبنان عن الأخير استغرابه باتصال وزير لبناني به وعرضه نقل نفايات لبنان الى المانيا، معتبراً أن “الموضوع ليس بهذه البساطة، بل يحتاج الى اتصالات مع الشركات الألمانية المعنية ودراسة الكيفية، بالإضافة الى دراسة خطوط النقل البحري وكيفية مراقبة الحمولات ومرورها على محطات كثيرة والمسافات والوقت”.

وساه بعض المشاركين في الحوار ليذكر ان النقل البحري قد يستغرق أسابيع وليس أياما، وان أفكاراً مماثلة ستبدو خيالية عندما تخرج الى الواقع. ولا تستبعد مصادر بيئية إمكانية نقل نفايات من دولة الى أخرى، لاسيما من بلدان نامية الى بلدان صناعية، لكن “الفكرة المعقولة هي ان يتم نقل ما يسمى نفايات خاصة، تكون عادة مصنفة خطرة وصغيرة الحجم، وليس كل انواع النفايات كما يتخيل البعض في لبنان”.

ومبرر نقل هكذا أنواع من النفايات، يكمن في ان البلدان النامية ليس لديها القدرة على معالجة هذه الأنواع من النفايات، ولا تستطيع ان تدفع كلفة معالجتها والتي تحتاج الى تجهيزات استثنائية، بالإضافة إلى ان البلدان الصناعية الكبرى هي التي أنتجت هذه المواد (كالنفايات الالكترونية)، التي تتحول الى نفايات خطرة، وعليها بالتالي ان تساهم في معالجتها.

لكن لو كان لدينا دولة ووزراء يعرفون كيف يتعاملون مع القضايا البيئية والتجارية، ومع الأزمات عامة، لكانوا عرفوا كيف يديرون نفاياتنا المنزلية العادية وكيف يتفاوضون مع الدول الصناعية لاسترداد منتجاتهم الخطرة، عبر إيجاد نظام متكامل للإيجار والاسترداد، وحماية المستهلك والبيئة معا.

وفي كل الأحوال، لا تبدو فكرة شحن النفايات الى الخارج، لاسيما الى بلدان أوروبية، مدروسة كفاية حتى الآن، على الأخص لناحية الكلفة، إذ ليس صحيحا أيضا ان كلفة التصدير اقل من الكلفة العالية التي ندفعها حاليا.

ويبدو ان من يحسب كلفة الشحن الى الخارج، لا يحسب كلفة الكنس والجمع والنقل على الأراضي اللبنانية، بالإضافة الى كلفة الفرز الضرورية، والتي أيضا لا يتم التطرق اليها، فضلاً عن كلفة معالجة العصارة الناجمة عن عمليات الكبس قبل التوضيب والشحن.

وبالتالي، فان كلفة شحن الطن الواحد ستتجاوز ال200$ بكثير في كل المعايير، فهل نعود الى المعقول من الطروحات التي تقوم على استراتيجيات التخفيف والفرز البعيدة.

الى ذلك، ذكرت صحيفة “الحياة” ان اللجنة الوزارية لم تتوصل ، برئاسة سلام، المكلفة إيجاد مطامر بديلة لإقفال مطمر الناعمة لطمر النفايات مع ان بعضهم لا يزال يراهن على تدخل رئيس اللقاء “النيابي الديموقراطي” وليد جنبلاط لدى بلديات المنطقة وسكانها لإعادة فتحه لمدى شهرين ريثما يتم التفاهم على استحداث مطامر جديدة خصوصاً في مناطق جبل لبنان.

إلا ان الرهان على تدخل جنبلاط ليس في محله، ويعود السبب كما يقول أحد الوزراء المعنيين بملف النفايات لـصحيفة “الحياة”، الى وجود عاملين يمنعان مجرد التفكير بإعادة فتح مطمر الناعمة ولو بصورة موقتة.

وأكد الوزير ان السبب الأول يكمن في ان مطمر الناعمة لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من النفايات.

واضاف ان قرار إقفال مطمر الناعمة كان اتخذ بالتزامن مع بدء المشاورات لتشكيل حكومة “المصلحة الوطنية” برئاسة سلام، لكن الحكومة لم تكترث لهذا القرار وراهنت على تدخل جنبلاط لمعاودة فتحه أمام طمر النفايات. اضافة الى ان التجهيزات استكملت لتوليد الطاقة الكهربائية من الغاز المنبعث من النفايات وبالتالي فإن مجرد اعادة فتحه يعني اطاحة التجهيزات ما يستدعي تخريب كل الإمدادات التي اتخذت لتوليد الطاقة.

ورأى هذا الوزير ان لا حل موقتاً لطمر النفايات ريثما ترسو المناقصات على شركات جديدة تأخذ على عاتقها معالجة النفايات، الا بتحويل الكسارات الممتدة ما بين ضهر البيدر وبلدة عين دارة الى مطمر موقت يمكن ان يستوعب النفايات العائدة لبيروت وضواحيها والمتنين في مقابل ايجاد مطمر آخر في كسروان لمعالجة نفايات القضاء.

ولفت الى الدور الذي لعبه جنبلاط لإيجاد مطمر في هذه الكسارات، لكنه يعتقد ان جهوده تبقى ناقصة ما لم يبادر أهالي قضاء كسروان الى توفير أرض لطمر نفاياته لأن التجاوب من جانب واحد لا يكفي لمعالجة أزمة كبرى مثل جمع النفايات وطمرها لئلا يشعر أهالي عين دارة بأن عبء جمعها يقع على عاتقهم وحدهم من دون مشاركة مناطق أخرى في تقاسم هذا العبء معهم.

وكشف الوزير أيضاً أنه جرى على هامش اجتماع اللجنة الوزارية برئاسة سلام البحث في مجموعة من المقترحات لتوفير مطامر، إضافة الى مطمر الكسارات. ويؤكد ان وزير البيئة محمد المشنوق طرح انتقاء قطعة أرض في بلدة تويتي في قضاء بعبدا لتحويلها الى مطمر. وهي بلدة شيعية صغيرة تتداخل أرضها مع قضاء زحلة.

وتابع ان “تكتل التغيير والإصلاح” برئاسة العماد ميشال عون ربط موافقته النهائية بأمرين: الأول عدم معارضة أهالي البلدة والاستحصال على موافقة زحلة لأن مشاعاتها تتداخل مع قرى وبلدات قضائها.

واضاف ان المشنوق اقترح أيضاً ايجاد مطمر بديل في بلدة المعيصرة في بلدة كسروان – الفتوح، على أن يخصص لمعالجة 800 طن من النفايات اليومية لهذا القضاء ومعه قضاء قرى جبيل، لكن القرار النهائي في هذا الخصوص لم يتخذ، علماً أن المعيصرة هي واحدة من البلدات الشيعية في كسروان وبالتالي من غير الجائز ان يقع عليها وحدها الخيار لطمر النفايات مع ان وزير “تكتل التغيير” في اللجنة لم يعترض على اقتراح وزير البيئة.

وأكد الوزير الحاجة الملحة للبحث عن مطامر جديدة للنفايات شرط عدم تطييفها أو تسييسها وصولاً الى ربطها بمطالب سياسية تقضي بمقايضة الموافقة النهائية على استحداث هذه المطامر بالتوافق على آلية العمل في مجلس الوزراء أو بإصدار دفعة جديدة من التعيينات بعضها ذي طابع أمني وعسكري.

ويعتقد بأن هناك مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع في الحكومة وتقضي بالتعاون للتفاهم على إحداث مطامر جديدة وبأقصى سرعة ممكنة لأن المناقصات التي تقدم بها عدد من الشركات لمعالجة النفايات قد تتأخر، هذا إذا لم تتعسّر في ظل عدم توفير المطامر مع أن فتح المظاريف للعروض لتلزيم معالجتها سيتم الجمعة في 7 آب الجاري. ما يعني انها لن تفي بالغرض المطلوب لعدم توافر الشروط وبعضها يقع على عاتق الدولة في انتقاء المساحات التي ستستخدم لطمر النفايات.

كما علقت مصادر “التيار الوطني الحر” على أزمة النفايات بالقول إن “أزمة النفايات مسؤولية الدولة”، مستندةً إلى كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن مسؤولية الإدارة”.

وأوضحت المصادر ” أن “الإدارة في كلام المشنوق هي مجلس الإنماء والإعمار، يعني بيت الحريري وتيار المستقبل، هم أوجدوا المشكلة حين لزّموا سوكلين وتعاملوا مع هذا الملف طوال السنوات الماضية، وعليهم تقع مسؤولية إيجاد الحلول”.

صحيفة الأخبار” قالت: “إن التركيز والخلاف على التعيينات الأمنية لا يعنيان أن صفحة أزمة النفايات قد قُلبت، بل على العكس، الأزمة من دون حلّ حتى الآن، بينما تتكدّس النفايات في المكبات العشوائية وتخسر المكبات المؤقتة قدرتها الاستيعابية، فضلاً عن احتدام أزمة الكهرباء، التي ترافق الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، لا سيّما على الساحل”.

فبحسب أكثر من مصدر وزاري، يصطدم خيار ترحيل النفايات إلى الخارج بأكثر من عائق، وهو الخيار الوحيد المتاح الآن، أوّلها عدم شمول أي اقتراح مقدم لتصور كامل عن العملية، إن لناحية جمع النفايات وفرزها الأوّلي أو لناحية مصيرها لاحقاً والكلفة، فضلاً عن عدم مراعاة النفايات اللبنانية للمواصفات الأوروبية لجهة نسبة الرطوبة فيها. وفي وقت انقطعت فيه الاتصالات بين الوزراء والقوى السياسية في عطلة الأسبوع، تتضخم أزمة المكبات العشوائية التي باتت تنتشر في قرى الشوف والمتن وعاليه وكسروان وجبيل وبيروت الكبرى، فضلاً عن النفايات التي تتكدّس في شوارع وطرقات الجبل، بالتزامن مع انخفاض قدرة المكبات الحالية في بيروت وجبل لبنان على استيعاب كميات إضافية، وبعضها قد يصل إلى الذروة في غضون أيام. وأمام استمرار أزمة النفايات التي قد تعود إلى التكدس في شوارع بيروت في أي وقت، تبدو القوى السياسية في حيرة من أمرها وفي تنازع واضح، حتى بين تلك المتحالفة كالنائب وليد جنبلاط وتيار المستقبل. وقرأت أكثر من جهة سياسية التراشق الإعلامي بين الصحافي نديم قطيش المحسوب على الرئيس سعد الحريري، والوزير وائل أبو فاعور، على أنه انعكاس لصراع جنبلاط ــ الحريري، فيما حصرت مصادر الطرفين الأمر في إطاره الإعلامي.