وسّعت الولايات المتحدة الأميركية، اليوم الثلاثاء، عقوباتها على النظام السوري، وذلك عبر إضافة أفراد وكيانات قالت إنهم يقومون بتأمين محروقات للنظام السوري يستخدمها في محاربة شعبه.
وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان صحافي، نقلته وكالة “فرانس برس” أن: “العقوبات الجديدة تستهدف أربعة أفراد وسبع كيانات متهمة بمساعدة نظام الرئيس بشار الأسد، إلى جانب سبع سفن أصبحت ممتلكات مجمدة”.
وذكر مكتب مراقبة الأصول الخارجية أن: “العديد من هذه الكيانات هي شركات واجهات تستخدمها الحكومة السورية ومؤيدوها، في محاولة للإفلات من عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
كما حددت وزارة الخزانة الأميركية ستة كيانات للحكومة السورية، وثلاث سفن للحكومة مصالح فيها. وتقضي العقوبات بتجميد أي موجودات لهؤلاء الأفراد والكيانات وتمنع الأميركيين من عقد صفقات معهم.
ونقل البيان عن نائب وزير الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية، آدم زوبين، قوله إن: “وزارة الخزانة ستواصل استخدام أدواتها المالية القوية، لإضعاف شبكة الدعم للأسد”.
وأضاف أن: “هذه العقوبات محددة الأهداف تعزز الضغط الاقتصادي والمالي على الحكومة السورية، لوقف حملة العنف ضد شعبها”.
وجاءت هذه العقوبات بعد أن أعلنت الولايات المتحدة، أمس الإثنين، أنها استخدمت القوة الجوية دفاعا عن مجموعة مقاتلين معارضين حلفاء لها في سورية، في مؤشر إلى مشاركة أعمق في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات في هذا البلد.
وبين الكيانات التي أوردتها وزارة الخزانة الأميركية، شركات “ذي ايغلز” التي تتخذ من سورية مقرا لها، ومورغان لصناعة المضافات الغذائية (مورغان اديتيفز مانيوفاكترينغ) ومقرها دبي، وميلينيوم إينيرجي المسجلة في بنما وتعمل في تركيا، وكلها لعلاقتها بوائل عبدالكريم ومجموعة عبدالكريم، التي تخضع أصلا لعقوبات أميركية.
وقالت وزارة الخزانة، في البيان الذي نقلته وكالة “فرانس برس”، إنه: “في بداية شهر مارس/آذار عمل وائل عبدالكريم مع شركة “ذي ايغلز”، ليدفع لشركة “ميلينيوم” حوالى خمسة ملايين دولار مقابل شحنة وقود يعتقد أن “ميلينيوم” زودت بها سورية”.
وبحسب البيان، فإن السفن السبع تعود إلى الكيانات المدرجة على لائحة العقوبات، ويعني اعتبارها ممتلكات مجمّدة، أنها أصبحت قابلة للمصادرة في حال وجدت في الأراضي الأميركية، أو كانت بحوزة مواطنين أميركيين ماديين أو معنويين.
وتسمح العقوبات الأميركية على سورية بتصدير أو إعادة تصدير بعض السلع، مثل مواد غذائية وأدوية وأجهزة طبية إلى البلاد والخدمات المرتبطة بها.
وفي تعليقه على العقوبات الأميركية الجديدة، قال عميد المعهد الإداري السابق بدمشق، الدكتور محمد مرعي: “لعل أكبر أخطائنا الاهتمام بمواقف أميركا.. هي تتعاون مع الشياطين لبقاء مصالحها وتغيرها في أي لحظة.. فلسفة واشنطن السياسية المعروفة”.
وأضاف: “يوجه سياسة واشنطن، البعدُ الاقتصادي والهيمنة العلمية والتكنولوجية التي يتبعها كل شيء آخر، بما فيها السياسة والقوة العسكرية.. لذلك هي تركز على نموها الاقتصادي ورفاه شعبها، ولو مع أي جهة أو على حساب أي شيء، من دون أن تخسر سوى الكلام والعبارات المنمقة. ولو شاءت أميركا إضعاف الأسد أو إسقاطه لفعلت، حتى قبل مجزرة الكيماوي وقتل وتهجير 11 مليون سوري”. وشكك سوريون في جدوى وأهمية العقوبات التي فرضت منذ عام 2011، وقال رئيس التجمع الوطني الحر المعارض، الدكتور حسام حافظ، إن: “أي جهد أميركي أو دولي يهدف إلى عزل النظام اقتصادياً وفرز الشركات والفعاليات الاقتصادية والأفراد الذين يدعمون نظامه، هو جهد مرحب به”. وقال إن: “تلك العقوبات ستزيد صعوبة تعامل شركات معينة مع الفضاء الاقتصادي العالمي، وبالتالي ستكون أقل دعماً لنظام الأسد، ولكن إن درسنا الأمر بعمق نجد أن جزاءات العقوبات الأميركي ضعيفة، وهي أن تلك السفن والأصول الأخرى التي تمتلكها تلك الشركات أصبحت قابلة للمصادرة”. ويضيف حافظ لـ”العربي الجديد”: “من جانب آخر، يعلم الجميع أن لدى النظام وداعميه شبكة أكبر وأعمق، عبر دول أوروبية وأخرى جنوب أميركية، لتزويده بالسلع الضرورية، لاستمراره في الحياة واستمرار نشاطه الإجرامي.. يمكن لسفارات النظام أن ترعى تلك النشاطات في عشرات العواصم”. وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات عدة، منها في منتصف عام 2012، تقضي بتجميد أموال شركتين و28 شخصا إضافيا من داعمي الرئيس بشار الأسد، ومنع إعطائهم تأشيرات دخول إلى الاتحاد الأوروبي. كما فرض الاتحاد الأوروبي، في يونيو/حزيران الماضي، عقوبات على 12 وزيرا في حكومة نظام الأسد، محملاً إياهم المسؤولية عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وتشمل العقوبات، التي وافق عليها وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، تجميد أصول الوزراء الـ12، كما فرض الاتحاد حظراً على سفرهم، ليرتفع عدد الأشخاص الذين استهدفهم الاتحاد الأوروبي بعقوبات في نظام الأسد، إلى 191 فرداً، عدا من عاقبهم ولم تحدد أسماؤهم بعد. كما تخضع 53 شركة أو هيئة، منها البنك المركزي السوري لقرار من الاتحاد الأوروبي بتجميد الأصول. وتتالت العقوبات الأميركية منذ أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما، في 29 أبريل/نيسان 2011، أمرا تنفيذيا بفرض عقوبات جديدة على سورية، وسّع فيه العقوبات المفروضة عليها بموجب القرارات المتخذة في مايو/أيار 2004، في إطار “قانون محاسبة سورية”، وكذلك القرار المتخذ في أبريل/نيسان 2006، والقرار التنفيذي في فبراير/شباط 2008. وتشمل العقوبات الجديدة مسؤولين سوريين، ومؤسسات عامة، وقد تضمنت أيضا تجميدا للأموال وحظرا للتعاملات التجارية مع الشخصيات المادية والمعنوية المشمولة بالعقوبات. وفي 18 مايو/أيار من العام الفائت، وُسعت تلك العقوبات لتشمل الرئيس السوري نفسه ونائبه ورئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع ومدير المخابرات العسكرية ومدير فرع الأمن السياسي. وجمدت وزارة الخزانة الأميركية لاحقا، وفق تفويض قرار الرئيس أوباما، الأصول المملوكة للأفرع الرئيسية الأربعة لقوات الأمن السورية والواقعة في إطار السلطة القضائية الأميركية، وحظرت على الأميركيين أي تعامل مع تلك الأفرع.