من المعيب على شركة كهرباء لبنان أن تستخف بعقول اللبنانيين، وبمعاناتهم في ظل الأزمات المعيشية لاسيما تلك المتعلّقة بأزمة الكهرباء المتزامنة مع ارتفاع شديد في درجات الحرارة، فإدارة الشركة لازالت حتى اللحظة تصرّ على أن خفض ساعات التغذية في بيروت الإدارية لن يتعدى الأيام القليلة عازية السبب الى أعمال صيانة دورية، غير أن «الأيام القليلة» لم تنته منذ نحو شهرين، وساعات التقنين في بيروت الإدارية لامست 12 ساعة بشكل متقطّع.
مؤسسة كهرباء لبنان نفت نفياً قاطعاً (بحسب مصدر مسؤول) وجود أي نيّة أو قرار يقضي بزيادة التقنين في بيروت الإدارية، إلا أن طريقة التغذية تشير الى خلاف ذلك، فالتيار الكهربائي يغيب عن بيروت الإدارية كل ثلاث ساعات لمدة ثلاث ساعات متواصلة، أي أن التقنين متواصل طيلة اليوم وحتى منتصف الليل، لمدة تتجاوز أحياناً 12 ساعة، هذا الواقع يخالف بكل وضوح قرار مجلس الوزراء القاضي بتغذية بيروت لمدة 21 ساعة يومياً طيلة أيام السنة.
فساد وسوء إدارة
وإذا سلّمنا بأن تراجع التغذية يعود الى ارتفاع الطلب على الكهرباء وإجراءات الصيانة الدورية، فإن تقرير البنك الدولي الأخير يشير الى عكس ذلك، فهو يعتبر أن قطاع الكهرباء في لبنان يعاني من تراجع في خدماته منذ عقود، ويعزو تردي الخدمات إلى الفساد وسوء الادارة والاحتدام السياسي وصراع النفوذ في مؤسسة الكهرباء.
وإذ يقدّر البنك الدولي أن طاقة الانتاج غطت نحو 64 في المئة من الطلب على الكهرباء في العام 2013 بمعدل تغذية بلغ 17 ساعة يومياً، يحذّر من أن التقاعس في تنفيذ الإصلاحات سيرفع العجز في تغطية الطلب على الكهرباء من 36 في المئة في 2013 إلى 50 في المئة في 2018، ما يعني أن التغذية بالتيار الكهربائي ستنخفض إلى 12 ساعة بشكل رسمي.
تبريرات الشركة
على الرغم من الشكوك التي تحيط بتبريرات مؤسسة كهرباء لبنان حول التقنين وبُعدها عن المنطق، لاسيما أن قساوة التقنين تعود الى تواريخ أبعد بكثير من تلك الواردة في بيان الشركة أي أنها تعود الى نحو شهر، وحرصاً على مصداقيتنا ننشر بيان الشركة الذي أعلنته أمس والمتعلّق بأزمة التقنين، وفيه، «عند حوالي الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم الأحد الواقع فيه 2/8/2015، انقطع خط النقل توتر 220 ك.ف بين محطتي دير نبوح وكسارة بسبب ارتفاع الحرارة والرطوبة، مما أدى الى انفصال معظم مجموعات الإنتاج عن الشبكة، وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق اللبنانية.
وعلى الفور بوشر العمل لإعادة ربط هذه المجموعات تدريجيا بالشبكة، حيث عاد الوضع الى ما كان عليه عند الساعة الحادية عشرة مساء.
وقد أدت حادثة الانفصال الى تعطل المحول 220/66 ك.ف. في معمل الزهراني الذي يغذي مناطق الزهراني وصيدا والنبطية والمصيلح، مما أدى الى انقطاع التيار الكهربائي عنها الى حين تصليح العطل وإعادة المحول الى الخدمة حوالي الساعة الخامسة مساء.
وفي ما يتعلق بأعمال الصيانة الطارئة والاضطرارية الجارية على المجموعة الغازية الاولى في معمل الزهراني التي تقوم بها الشركة المشغلة بإشراف الشركة الصانعة، تبين أنها تتطلب مزيدا من الوقت حيث من المتوقع الانتهاء منها وإعادة المجموعة الى الخدمة في غضون اليومين المقبلين، بما يسمح بتخفيض التقنين الإضافي الناجم عن أعمال الصيانة هذه واستقرار التغذية بالتيار الكهربائي، لا سيما في مناطق بيروت الإدارية التي تتغذى عبر شبكة الـ 220 ك.ف».
وأخيراً لفتت مؤسسة كهرباء لبنان الى الطلب المتزايد على الطاقة الذي تجاوز الـ 3000 ميغاوات بسبب موجة الحر التي يشهدها لبنان حاليا، إضافة الى النازحين السوريين والتعديات الكثيفة على الشبكة في مختلف المناطق اللبنانية، وهي عوامل تساهم في زيادة التقنين بالتيار الكهربائي في ظل محدودية الإنتاج.