Site icon IMLebanon

أوباما يضع قواعد صارمة لمحطات الطاقة الأميركية


كشف البيت الأبيض أمس عن خطّة وصفها بأنها أكبر وأهمّ خطوة اتخذتها واشنطن لمواجهة التغير المناخي، تتضمن قوانين بيئية أكثر صرامة، بهدف خفض انبعاثات الغازات من محطات الطاقة في الولايات المتحدة المسببة للاحتباس الحراري.
ووضع الرئيس الأميركي باراك أوباما قواعد صارمة لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، أكبر مصدر لانبعاث غازات ثاني أوكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري، ضمن أكبر خطّة في تاريخ الولايات المتحدة لمكافحة التلوث، ليجعلها جزءا أساسيا من إرثه الرئاسي.

وقال أوباما إن “التغير المناخي لن يكون مشكلة جيل آخر”، مشددا على أن التغير المناخي بات يمثل تهديدا لصحة ملايين الأميركيين ورفاههم وأمنهم، مشددا على أن الوقت حان لمعالجة المشاكل المسبّبة للاحتباس الحراري.

وأضاف أن منشآت الطاقة هي أكبر مصدر منفرد للكربون الملوث وأحد الأسباب الرئيسية للتغيير المناخي، موضحا أنه لا توجد حاليا حدود فيدرالية لكمية التلوث الذي يمكن لتلك المنشآت أن تلقي به في الهواء.

وأكدّ الرئيس الأميركي، الذي وعد في حملته الانتخابية عام 2008 بمكافحة التغيير المناخي، أنه من دون وضع حدود لنسب انبعاث الغازات ستستمرّ منشآت الطاقة الحالية في إلقاء كميات غير محدودة من الكربون الملوث في الهواء أسبوعيا.

وقال إنه “من أجل أولادنا، ولصحة جميع الأميركيين وأمنهم، هذا سيتغير”.

وتتسبب منشآت توليد الكهرباء بنحو 40 بالمئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في العالم، أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتغيير المناخي. ومع قرب انتهاء ولايته الرئاسية، قال أوباما إن الخطط ستخفّض كلفة الطاقة في المستقبل بالنسبة للمواطنين العاديين وتخلق وظائف في قطاع الطاقة المتجددة وتضمن خدمات طاقة موثوق بها بشكل أكبر، وأكد أن على الولايات المتحدة أن تقود العالم في إنقاذ كوكب الأرض.

ويأتي الإعلان عن الإجراءات الأميركية لمكافحة الاحتباس الحراري قبل اجتماع كبير لقادة الدول الكبرى في باريس، مقرّر في ديسمبر المقبل، حيث ستناقش هذه المسألة فقط.

وتضع الخطة الجديدة هدفا لخفض تلوث الكربون الناجم عن منشآت الكهرباء بنحو 32 بالمئة بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2005، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض لم تسمه قوله “هذا أهم تحرك لأي رئيس أميركي للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وسيمثل حجر الأساس لجهود البلاد في مكافحة التغيير المناخي لعقود قادمة”.

ووصفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية من جهتها الخطّة بأنها الأقوى لمواجهة التغيير المناخي، بما تضمنته من القوانين البيئية لخفض انبعاثات الغازات، من محطات الطاقة في البلاد، وإجراء تحول في صناعة الكهرباء بالولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة إن القوانين الجديدة هي النسخة الأكثر صرامة من اللوائح التي اقترحتها وكالة حماية البيئة الأميركية في عامي 2012 و2014.

وأضافت أنها سوف تتضمن تغييرا شاملا في سياسات الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى إغلاق مئات من محطات الطاقة العاملة بالفحم، وتجميد بناء محطات أخرى، وكذلك إحداث طفرة في إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة.

وقالت، إن أكثر البنود تشددا ضمن القوانين الجديدة سيكون إجبار محطات الطاقة العاملة حاليا على مستوى البلاد بخفض الانبعاثات الغازية، إضافة إلى إلزام محطات الطاقة باستخدام المزيد من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية.

لكن الجهود التي يقودها أوباما، قد تواجه بمعارضة شرسة من قبل العديد من الجهات، منها خصومه السياسيين ومجموعات صناعية إضافة إلى تحديات قانونية محتملة.

ويعدّ التغير المناخي من المواضيع الساخنة في السياسة الأميركية، إذ أن خفض الانبعاثات مسألة سياسية حساسة على اعتبار أن الفحم، وهو أحد أكثر مصادر الطاقة تلويثا، لا يزال من أهم القطاعات الصناعية الأميركية.

وحتى مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، تنتشر المئات من منشآت الطاقة العاملة بالفحم في أنحاء الولايات المتحدة وتزود نحو 37 بالمئة من الكهرباء متقدمة على المفاعلات العاملة بالغاز الطبيعي والطاقة النووية.

وكانت دراسة نشرت في العام الماضي، قد كشفت أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من أكبر 500 شركة في العالم زادت بنحو 3.1 بالمئة في الفترة بين 2010 و2013 لتبقى بعيدة بشكل كبير عن التخفيضات التي تحثّ الأمم المتحدة عليها.

ووضعت الأمم المتحدة مسارا يهدف إلى خفض ارتفاع الحرارة عالميا إلى درجتين مئويتين فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية، ما يعني خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 4.2 بالمئة.

وحددت 200 دولة تقريبا درجتين مئويتين كحد أعلى لتقييد الزيادة في موجات الجفاف والفيضانات والموجات الحارة ومستويات البحر المتزايدة التي يرى العلماء أنها نتيجة للاحتباس العالمي.

وكانت الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، قد حذّرت من جهتها في أخطر تقرير تصدره منذ عام 2007 من تداعيات التغير المناخي التي باتت ملموسة وقد تتفاقم في حال لم تتخذ أي تدابير سريعة لمكافحتها. وقالت إنها تنذر بزيادة النزاعات وانعدام الأمن الغذائي العالمي، وتعدّ الولايات المتحدة ثاني أكبر منتج لانبعاثات غازات ثاني أوكسيد الكربون بعد الصين.