تمكنت نساء رواندا من كسر الهيمنة الذكورية في مجال الأعمال، ليشرفن على مؤسساتهن الخاصة في مسعى لتحقيق الاستقلال المادي، في خطوة أخرجت المناصب العليا في الشركات من نفوذ الرجال المهيمن في معظم الدول الأفريقية حتى الآن.
وشهد غزو النساء لمختلف القطاعات والأنشطة في البلاد صعودا غير مسبوق، منذ خصّص اتحاد القطاع الخاص غرفة خاصة لصاحبات الأعمال في عام 2005.
ويؤكد سكرتير اتحاد القطاع الخاص، دوناسيان مانغواريبا أن تلك الهيئة المستقلّة تضمّ اليوم نحو 1700 سيدة أعمال، ما يعادل ثلث أصحاب الأعمال في البلاد.
وتركز تلك الغرفة على رفع مستوى الأعمال لدى النساء، ومساعدتهن على ازدهار أنشطتهن، من خلال الاعتماد على استراتيجية وأهداف محددة. وقالت تيريزا بيبونوبونو، المتحدّثة باسم غرفة سيّدات الأعمال للأناضول، إن المنظمة تلتقي النساء للاطلاع على أنشطتهن والتقدّم الذي يحرزنه، وكذلك اطلاعهن على شهادات لنساء أخريات تمكن من النجاح.
وتسعى المنظمة إلى التعرّف على مواطن الضعف في إدارة مشاريعهن، وحثّهن على التقدّم، وعدم الاستسلام للصعوبات الموجودة في جميع المهن، وهو توجّه تسانده ثقافة بأكملها.
وتحظى المرأة في رواندا بمكانة فريدة من نوعها مقارنة بنساء العالم، حيث استطاعت أن تهيمن على 64 بالمئة من مقاعد البرلمان، أي ما يقارب ثلثيّ الأعضاء.
ولم تحقق المرأة الرواندية هذه المكانة بسهولة، بل كابدت لتحصل عليها طيلة 10 سنوات، تمكّنت خلالها من فرض نفسها في المعادلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتحصد 51 مقعدا من أصل 80 مقعدا في البرلمان.
ويرى الاتحاد البرلماني الدولي أنّ نسبة النساء في برلمان رواندا فريدة من نوعها في العالم، وتفوق الهدف الذي وضعته الولايات المتّحدة، التي أوصت رواندا قبل سنوات بتحديد سقف 30 بالمئة كحدّ أدنى.
ويقف إلى جانب تميّز نساء رواندا، العديد من المنظمات والشركاء التجاريين للبلاد، حيث تعمل منظمة “كار أنترناشيونال رواندا” على تحسين ظروف عيش النساء في أنحاء البلاد، وخصوصا المناطق الريفية، حيث تقوم بتنظيم دورات تدريبية مجانية، بالشراكة مع غرفة سيدات الأعمال في رواندا.
وقالت سيسيل موكشهيمانا، وهي سيّدة أعمال رواندية ناشطة في المجال الزراعي والغذائي بمقاطعة نياغاتاري “كان من الصعب عليّ تدبّر أمري، حيث لم تكن لديّ موارد، وكنت أتكفّل بـ6 أطفال وزوج عاطل.. لكن وبفضل ذلك البرنامج، تمكنت من الاستثمار في مجال بيع الذرة، فتحسّن وضعي، واليوم أشعر بالسعادة والرضا عن نفسي وعما أقوم به”.
وتؤكد فيستين يواماليا، وهي صاحبة شركة للاستيراد والتصدير في العاصمة كيغالي، إنها تشجع “النساء على العمل في الاستيراد والتصدير الذي كان حكرا على الرجال… أما اليوم، فقد تمكنا من التميز في هذا العمل، الذي يجعلك منفتحا على العالم، ولا يتضمّن الكثير من الإشكالات”.
وأصبح نجاح النساء في عالم الأعمال إحدى ركائز الاقتصاد في رواندا، رغم قلة الأرقام المتاحة حتى الآن بخصوص مساهمتهن في نشاط القطاع الخاص في الاقتصاد، والتي تقدر بنحو 30 بالمئة، وفقا للوكالة الرواندية للتنمية.
لكن، ورغم إشعاع النساء سيدات الأعمال في رواندا، إلا أن طريقهن لاتزال محفوفة بالكثير من المصاعب.
وتؤكد إيلي نغابونيزا، أستاذة الاقتصاد في الجامعة الحرّة في كيغالي، أنّ ” النساء يواجهن صعوبات في الحصول على القروض، فالبنوك لاتزال متردّدة في منح مبالغ كبيرة ليس فقط للمستثمرين بصفة عامة، وإنما للنساء على وجه الخصوص”.
وأشارت إلى أنه “رغم تحسّن ظروف حياة النساء، إلا أنّ الكثير من أزواجهن يعارضون فكرة سفر زوجاتهم من أجل العمل”.
وبحسب السلطات الرواندية، فإنه من المنتظر خلق 200 ألف موطن شغل سنويا، خاصة للنساء والشباب، وذلك ضمن التوجهات العامة للبلاد، والتي تهدف إلى بلوغ مصاف البلدان الناشئة بحلول العام 2020. وتعول رواندا على ديناميكية قطاعها الخاص في تحقيق ذلك، وخاصة على المشاريع النسائية التي استطاعت أن تحقق طفرة هائلة خلال السنوات الأخيرة.