Site icon IMLebanon

اليمن… القطاعات الاقتصادية الأكثر معاناة من تداعيات الأزمة

YemenEcon

جمال محمد
أدّت الأزمة السياسية وتفاقم الصراع المسلّح في اليمن منذ أواخر آذار (مارس) الماضي إلى تدهور العديد من القطاعات الاقتصادية، إذ تأثّرت بشدة نشاطات الزراعة والصناعة والخدمات. وأكد خبراء ومتخصصّون لـ«الحياة» أن غياب الوقود وارتفاع أسعاره أدّيا إلى ارتفاع تكاليف ري ونقل وتسويق المنتجات الزراعية، ما جعل عائداتها لا تغطّي كلفة الإنتاج، بالتالي تدهور الإنتاج الزراعي وتلفت بعض المحاصيل لعدم حصولها على الري الكافي.
وأشاروا إلى صعوبة تخزين المنتجات الزراعية بسبب انقطاع الكهرباء، فضلاً عن توقّف الصادرات الزراعية لعدد من الدول، متوقّعين تعرّض القطاع الزراعي لخسائر كبيرة ما يزيد من تفاقم مشكلة الأمن الغذائي، كما توقّعوا انضمام العديد من العاملين في هذا القطاع إلى صفوف البطالة.
ويمثّل الوقود ومادة الديزل تحديداً مدخلاً أساساً لقطاع الزراعة، وتبلغ نسبة مساحة المحصول التي تُروى من الآبار والماء المنقول بالسيارات نحو 29 في المئة من إجمالي المساحة الزراعية.

الصناعة
وأفاد الخبراء بأن انعدام الوقود وخصوصاً الديزل الذي صاحبه انقطاع الكهرباء، أدّى إلى آثار غير مواتية على الصناعة التحويلية تمثّلت في إغلاق بعض المصانع والمعامل أبوابها وخفض ساعات العمل في كثير منها، وتدهور نشاط تسويق المنتجات الصناعية وارتفاع أسعارها، بخلاف المصانع التي دمّرت بسبب القتال. ولفتوا إلى توقّف تكرير النفط الخام في مصفاة عدن بطاقة إنتاجية 80 ألف برميل يومياً، كما تأثّرت محطات تصفية مياه الشرب وارتفعت أسعاره في صنعاء بنحو 33 في المئة.
وأصيب قطاع البناء والتشييد بشلل كبير إذ توقّفت الاستثمارات الخاصة، وتم تجميد الإنفاق على مشاريع البرنامج الاستثماري العام المموّل من الموازنة العامة للدولة والمانحين بسبب تدهور الوضع الأمني والاقتصادي وأزمة الوقود، ما أدّى لفقدان كثير من الوظائف في هذا القطاع.
ويعدّ قطاع الكهرباء من القطاعات الرئيسة المتأثّرة بأزمة الوقود، إذ يعتمد توليد 39.4 في المئة من الطاقة على المحطات العاملة بالديزل والمازوت، ويجري توليد 37.3 في المئة من الطاقة بواسطة الغاز.
وبسبب شحّ الوقود وأعمال تخريب خطوط نقل الكهرباء يستمر انقطاع الكهرباء لمدة أيام متوالية، وفي بعض المناطق انقطعت الكهرباء لأسابيع. ففي صنعاء يتم توليد الكهرباء من الشبكة العامة بمعدّل ساعة يومياً، بعد أن كان ساعة كل ثلاثة أيام. ويأتي ذلك على رغم تدني تغطية الكهرباء من الشبكة العامة التي لا تتجاوز 61 في المئة من السكان عام 2014. ونظراً إلى العلاقات التشابكية العالية لقطاع الكهرباء مع باقي القطاعات الاقتصادية، فقد طاولت الآثار السلبية لغياب الكهرباء كل مناحي الحياة، خصوصاً في المناطق الساحلية بسبب الحرّ الشديد مثل الحديدة (غرب اليمن) وعدن (جنوب).

الخدمات
وأكد تقرير أصدرته أخيراً وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية أن قطاع النقل يعدّ أوّل القطاعات تأثّراً بأزمة الوقود، إذ توقّفت معظم وسائل النقل عن الحركة، واصطفّت المركبات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود لمدة أسابيع قبل أن تتقلّص فترة الانتظار لأيام.
وأشار التقرير إلى ارتفاع كلفة النقل بنسبة تراوحت بين 100 – 500 في المئة، ونتيجة لذلك تراجعت حركة السلع بين المحافظات وحركة الركّاب داخل المدن، بل إن موظّفي المؤسسات العامة يواجهون صعوبة في العثور على وسيلة مواصلات للوصول إلى مكاتبهم ويضّطر بعضهم إلى السير مشياً على الأقدام. وانتقل التأثير إلى قطاع التجارة الذي شهد تراجعاً في حركة البيع والشراء، وتوقّفت الصادرات والواردات، وأغلقت بعض المحال أبوابها.
ولم يغفل التقرير الإشارة إلى خدمات التعليم والصحة، فقد أوضح أن الأوضاع الأمنية المستجدّة وغياب الوقود أدّيا إلى تعليق الدراسة في المدارس والجامعات العامة والخاصة إلى أجل غير مسمّى، إذ أصبح من الصعب وصول الطلاب والمدرّسين إلى تلك المرافق. كما تراجعت خدمات المستشفيات ما أثّر على سير العديد من البرامج كخدمات الرعاية الصحية الأوّلية والصحة الإنجابية وخدمات التحصين، خصوصاً في المناطق الريفية، الأمر الذي أسهم في رفع معدّل وفيات الأطفال وتفشّي الأمراض.
وذكر التقرير أن قطاع السياحة واجه نفس المصير، إذ تراجع نشاط المطاعم والفنادق، فمعظم الفنادق شبه خالية بعد توقّف حركة السياحة الداخلية والخارجية. وزاد من حدّة تأثير الأزمة على هذا القطاع التدهور الحاصل في الأوضاع الأمنية الذي أسفر عن دعوة كثير من الدول الأجنبية رعاياها لمغادرة اليمن وعدم زيارتها.