Site icon IMLebanon

أزمة الكهرباء.. “الحق على السوريين والصيف”!

electricity

خضر حسان

مليارات الدولارات صُرفت على قطاع الكهرباء، وما زال التقنين في ازدياد. مليارات “طارت” من دون ان يعرف أحد أين صرفت. تعاقدت مؤسسة الكهرباء مع شركاتٍ بهدف تسيير مرفق عام وتحسيين خدماته، لكن النتيجة، كانت ضياع مليارات إضافية، وأزمة عمال من دون حلول، وبواخر طاقة يتحمل الشعب أكلافها. أما السبب، فيعود بحسب المدير العام لمؤسسة الكهرباء كمال حايك، ووزير الطاقة أرتور نظريان، الى “هشاشة البنى التحتية” و”النزوح السوري”.

بالنسبة الى حايك فإن معامل انتاج الطاقة “قديمة، اذ ان معمل الجية عمره اكثر من 45 سنة والزهراني ودير عمار 18 سنة ومعمل صور 19 سنة”، اما السوريون، فقد زادوا الطلب على الاستهلاك “بحدود الـ306 ميغاوات، وفق تقرير للبنك الدولي وبتكلفة أكثر من 354 مليون دولار”. حايك الذي عرض معلوماته خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظريان، نسي ان إدارته لم تستطع محاربة الفساد الذي ينخر المؤسسة، وفي ما يخص المعامل، فإن عمليات الإصلاح المزعومة لم تكن سوى تقارير تفيد بأن الاصلاح تم على أكمل وجه، لكن الحقيقة غير ذلك كلياً، فتلك العمليات، وعلى سبيل المثال، كانت تستبدل مولدات طاقة متوقفة عن العمل، بمولدات مُستعملة وفي “نص عمرها”، وتُسجّل على انها مولدات جديدة، وهو ما حصل في معمل عبد العال. وحدها عمليات الاصلاح الحقيقية هي التي كان المياومون يقومون بها وسط الظروف القاهرة صيفاً وشتاءً، لإعادة التيار الكهربائي الى بيوت المواطنين.

من جهة اخرى، أضاف نظريان عنصراً على مسببات ازمة الكهرباء، وهو “الحرارة المرتفعة”، ولا ندري ان كان الوزير يمازح الناس أم يتحدث بجدية. وللخلاص من الازمة، رأى نظريان انه علينا ان “نشجع القطاع الخاص”، لكنه لم يُشر في معرض تشجيعه الى نتائج عمل مقدمي الخدمات، وهُم القطاع الخاص الذي يتحدث عنه، ولم يستعرض الوزير نتائج سلفه الوزير جبران باسيل في تشجيع القطاع الخاص وفي استجلاب بواخر الهدر، فاطمة غول واورهان بيه. وايضاً، لم يسأل نظريان عن وعود إنارة لبنان 24/24 التي من المفترض ان تتحقق هذا العام، بعد عملية الإصلاح والتغيير الذي رفعها سلفه.

النزوح السوري بالطبع سيزيد الطلب على الاستهلاك، لكنه حتماً لا يتسبب بالأزمة التي نعيشها، ولو كانت الأمور تسير على خير ما يرام في عمل المؤسسة، لما شعر أحد بأن الطلب قد ازداد. اما بالنسبة الى “التعليق” على الشبكات، فمحاربته من مسؤولية المؤسسة.
الأسباب التي ذكرها حايك ونظريان لا تُقنع الناس، لأن الظروف المناخية متوقعة في أي وقت، ومن المفترض بالمؤسسة ان تضع خطة عمل لمواجهة هكذا ظروف. ولا يقتنع الناس أيضاً بأن مؤسسة الكهرباء ووزارة الوصاية عليها، بريئتان مما يحصل، فمنذ بدء عملية القتل البطيء للمؤسسة عبر مشروع مقدمي الخدمات، يدفع الشعب اللبناني تداعيات العملية عبر أكثر من ملف، منها تثبيت المياومين والانقطاع المتكرر للتيار، وسرقة كابلات النحاس، ومشروع العدادات الذكية… وغيرها.
وبرغم ذلك، كان من الممكن التغاضي عن هذه الأسباب، لو ان المدير العام والوزير أشارا الى عملية محاسبة قد تلوح في الأفق، إن على مستوى المؤسسة او مقدمي الخدمات، لكن ذلك لم يحصل، وكأنهما يستبعدان ان يتسبب الفساد والتنصل من القيام بالمهمات المطلوبة، بأزمة كهذه. واللافت، ان حايك رمى بالمسؤولية على الدولة، ناسياً بأن الوزير الذي يجلس بجانبه، يمثل الدولة، ويمثل جزءاً من “المستوى السياسي” الذي يفترض به حل أزمة الكهرباء عموماً، لكنه عوضاً عن ذلك، يصر على عرقلة الحلول، اما اذا ما وضع هذا “المستوى” حلولاً عبر التسويات، فإنها تُخرق، لصالح الحفاظ على مشروع مقدمي الخدمات، وصورة الإصلاح والتغيير. اما “القوانين” التي يقول حايك انه لا يستطيع العمل في ظل غيابها، فهي “متل قلّتها”، فهناك قانون تثبيت المياومين في ملاك مؤسسة الكهرباء، وللمفارقة، فإن وزير الوصاية وفريقه لا يعيرانه أهمية، فعن أي قانون تتكلمون؟