IMLebanon

ايمانويل بون.. في”المكان المناسب والظرف الملائم”

 

Emmanuel-Bonn

 

 

“الرجل المناسب في المكان المناسب والظرف الملائم” هكذا وصف مصدر ديبلوماسي في باريس اختيار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند احد ابرز مستشاريه ايمانويل بون كسفير جديد لبلاده في لبنان وذلك عشية توجهه الى بيروت لتسلم مهامه. وبون سيكون السفير الفرنسي الخامس والعشرين منذ نيل لبنان استقلاله.

السفير بون اختصر عطلته السنوية وقرر التوجه الى العاصمة اللبنانية في نهاية هذا الاسبوع على ان يبدأ بممارسة عمله في العاشر من شهر آب الحالي. وهو اصطحب في عطلته القصيرة كتابا عن جبران خليل جبران كما انه استعد لمهمته الجديدة بسلسلة لقاءات وزيارات بقيت بعيداً عن الاضواء، والشخصية الرسمية اللبنانية الاخيرة التي التقاها كانت وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال زيارته الاخيرة لباريس.

ويجمع الفرنسيون الذين عرفوا السفير بون وكذلك اللبنانيون الذين التقوه منذ تسلم مهمته كمستشار للرئيس هولاند لمنطقتي الشرق الاوسط وافريقيا الشمالية على ان الديبلوماسي الشاب يتحلى بصفات انسانية وخلقية وبمناقبية مهنية عالية ستساعده في الاضطلاع بمهامه الجديدة. كما ان بون ترك “انطباعا جيداً” عند محدثيه اللبنانيين الذين أشاروا الى انه سيشكل “قيمة مضافة للعلاقات الفرنسية – اللبنانية” وهو سيعطي “نفساً ودفعاً جديدين للديبلوماسية الفرنسية”.

لا يخفي بون سعادته وحماسته لتعيينه في مركزه الجديد في لبنان ويؤكد على انفتاحه ورغبته في الحوار مع الجميع. ويرى بون ان المشرق هو “عالم قريب وبعيد في آن”، واذا كان “الوضع معقداً في لبنان فان الوضع في المنطقة اكثر تعقيداً” ويعتبر “ان لفرنسا دوراً خاصاً ومفيداً تلعبه لبنانياً واقليمياً”. ويشير الى “ان الجميع يتطلع الينا ولدينا الكثير لنعطيه”.

ميزات السفير بون

ويتمتع السفير الفرنسي الجديد بعدة ميزات منها :

– اولاً المامه بالملف اللبناني ومتابعته له في كل تفاصيله الداخلية وابعاده الخارجية ومعرفته بمكونات المجتمع اللبناني وانفتاحه واستعداده للحوار والتواصل مع جميع الفرقاء.

– ثانياً احاطته بالوضعين الاقليمي والدولي من مختلف جوانبهما وخصوصا البعدين السعودي والايراني. فهو اضافة لمعرفته بهذين البلدين اللذين خدم في سفارة بلده في كل منهما فهو تابع في اطار الامم المتحدة في نيويورك كل المناقشات التي تناولت قضايا المنطقة.

– ثالثاً ابحاثه الجامعية في الشؤون السورية ومتابعته لأوضاع سوريا منذ سنوات طويلة وفي مختلف وجوهها ومتابعة ازمتها، كل هذه العوامل ستكون مفيدة له في الاحاطة بالبلد الجار الاقرب الى لبنان.

– رابعاً وجوده في قصر الاليزيه على مدى ثلاث سنوات وقربه من مركز القرار الرئاسي عززا خبرته الديبلوماسية ووسعا أفق اطلاعه السياسي على مختلف القضايا التي تهم العالم العربي بمشرقه وبمغربه. كما انه من شأن ذلك ان يعزز موقعه كسفير ويبقي له مدخلاً مباشراً مع الرئاسة الفرنسية.

ويرى المصدر ان مهمة السفير بون تأتي وسط اجواء اقليمية مشجعة لجهة ماهية العلاقات التي نسجتها فرنسا في الاشهر والاسابيع الاخيرة مع ابرز الجهات الاقليمية الفاعلة خصوصا وأن لهذه الاخيرة نفوذاً في الداخل اللبناني. وفي مقدم هذه الجهات تأتي المملكة العربية السعودية التي باتت تربطها بفرنسا “علاقات شراكة استراتيجية” وفي وقت باشرت باريس عملية تطبيع علاقاتها مع طهران ودعوتها لإيران الى التقدم نحو المساهمة في حل أزمات المنطقة بعد توقيعها على اتفاق فيينا حول ملفها النووي.

ويبدو ان من بين ابرز عناصر خارطة الطريق اللبنانية التي يحملها السفير الفرنسي في جعبته الديبلوماسية:

– أولا العمل على الحفاظ على الأمن والاستقرار الحيويين وتحصينهما.

-ثانياً توفير الدعم لاستمرار عمل المؤسسات الدستورية وفي مقدمها الحكومة.

-وثالثاً تهيئة الاجواء الداخلية لمواكبة الجهود الخارجية من اجل ايجاد مخرج لأزمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس لبناني جديد.

يترافق ذلك مع عملية تفعيل التحرك الديبلوماسي الفرنسي في الاسابيع والاشهر المقبلة من خلال روزنامة حافلة باللقاءات الاقليمية والدولية للرئيس هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس. الموعد الاقرب زيارة الرئيس الفرنسي اليوم الخميس الى مصر واجتماعه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي ايلول المقبل هناك سلسلة لقاءات على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وفي تشرين الاول المقبل انعقاد اللقاء الثاني للجنة العليا المشتركة الفرنسية – السعودية في الرياض وفي تشرين الثاني المقبل زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني لباريس تلبية لدعوة نظيره الفرنسي. دون ان ننسى الزيارة المرتقبة للرئيس هولاند الى بيروت التي قد تأتي تتويجاً لهذا التحرك.

ويعتبر المصدر ان كل هذه الاجواء لا بد ان تسهل مهمة السفير بون ويبقى ان المطلوب من القيادات اللبنانية “معرفة مرافقة هذه المستجدات والتجاوب مع المساعي الاقليمية والدولية وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الشخصية والمذهبية والطائفية الضيقة”.

من هو ايمانويل بون؟

كرس هذا الديبلوماسي المتمرس القسم الاكبر من دراساته الجامعية وابحاثه ومن ثم عمله الديبلوماسي لقضايا الشرق الاوسط .

وقد خصص اطروحته وابحاثه، التي بدأها في معهد العلوم السياسية في مدينة غرونوبل ومن ثم في مدينة اكس اون بروفانس قبل الانتقال إلى مركز الدراسات والبحوث حول الشرق الاوسط المعاصر في بيروت “CERMOC” للوضع في سوريا خصوصا تجربة القضاء السوري والمواضيع المتعلقة بالعدالة ومؤسساتها.

وقد نال جائزة تكريمية عليها من خلال المنحة التي قدمها له عام 1998المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية في باريس وهذه المنحة تحمل اسم ميشال سورا احياء لذكرى هذا الباحث الفرنسي الذي لقي مصرعه في ظروف مأساوية في بيروت.

عرف بون تركيا من خلال تدريسه العلوم السياسية في جامعة مرمرة كما قام ببحوث جامعية في بيروت ودمشق وعمان قبل ان يدخل في السلك الخارجي الفرنسي في عام 2000 وتوكل اليه مهمة متابعة ملفي ايران والعراق.

كما خدم في سفارة فرنسا في كل من ايران والمملكة العربية السعودية ومن ثم كانت له تجربة مميزة من خلال العمل لدى البعثة الفرنسية الدائمة في الامم المتحدة في نيويورك.

وبعد انتخاب فرنسوا هولاند رئيسا لفرنسا ووصوله الى قصر الاليزيه عيَن بون مستشاراً له في شؤون الشرق الاوسط وافريقيا الشمالية.

واللافت ان من بين الكتب المفضلة لبون هو كتاب “Diplomacy” لوزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر.

السفير الجديد في الـ44 من عمره وهو متزوج وله ولدان (13 و17 سنة). يتقن الى جانب الفرنسية اللغات الانكليزية والفارسية والعربية.

السفير بون سيمكث اسبوعين في لبنان قبل سفره مجدداً الى باريس للمشاركة في اللقاء السنوي لسفراء فرنسا في الخارج الذي تنظمه وزارة الخارجية الفرنسية على ان يعود الى بيروت في بداية شهر ايلول المقبل.