كتب هنري مانس وجيفان فاساجار: “ماتياس دوبفنر لا يُمكن اتهامه بالتناقض. منذ أن أصبح الرئيس التنفيذي لمجموعة النشر الألمانية “أكسل سبرينغر” في عام 2002، كانت استراتيجيته استخدام حركة النقد من الصحف المطبوعة، لتمويل التوسّع الدولي وعمليات الاستحواذ الرقمية.
إلا أنه في الشهر الماضي، هذا الثبات قاده إلى خيبات أمل مألوفة.
أولاً، تغلب طرف آخر على مجموعة “أكسل سبرينغر” في المزاد لشراء مجموعة “فاينانشيال تايمز”، مالكة صحيفة فاينانشيال تايمز، تماماً مثلما خسرت في عملية بيع صحيفة بريطانية أخرى، ذا دايلي تيليغراف، في عام 2004.
ثانياً، انهارت المحادثات مع محطة البث الألمانية، ProSiebenSat.1، بخصوص اندماج محتمل، حتى قبل أن تتمكن سلطات المنافسة من تقرير ما إذا كان ينبغي منع الصفقة، كما فعلت عندما كان هناك تفكير في عملية الاندماج أول مرة في عام 2006.
السؤال هو: إلى أين ستمضي “أكسل سبرينغر” بعد ذلك لتحقيق طموحها المُعلن لتكون “شركة النشر الرقمية الرائدة” في الأسواق التي تعمل فيها؟ هل لديها الثِقل المالي للقيام بعمليات استحواذ كبيرة بدون أن تتعرض للخطر سيطرة فْريده سبرينغر، أرملة مؤسسها والمساهم الرئيسي فيها؟
في عهد دوبفنر، أنفقت الشركة مئات الملايين من اليورو على الوظائف على الإنترنت وبوابات العقارات الإلكترونية، وموقع إخباري على مدى 24 ساعة، وحصص في الشركات الناشئة التي تُركّز على خصوصية البيانات، وصحافة الاشتراكات مقابل كل مقالة. جزء من التمويل جاء من عملية بيع بقيمة 902 مليون يورو لصُحفها الإقليمية في عام 2013، في الوقت الذي كانت تواجه فيه تراجعا في عدد القرّاء.
قالت سارة سايمون، محللة في بنك بيرينبرج: ” ما تحاول المجموعة فعله هو تكرار مصادر الإيرادات التي تحصل عليها من الصحف هي في بيئة رقمية. على أن مجرد وضع الصُحف التابعة لك على الإنترنت ليس أمراً كافياً”.
إعلان الأرباح لفترة ستة أشهر بفوق توقّعات المحللين، حدث أخيراً. فقد ارتفعت أسهم مجموعة سبرينغر بنحو الثُلث خلال العام الماضي. الإيرادات الإجمالية تنمو، على الرغم من التراجع – بنسبة 4 في المئة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2015 – في قسم الصحف، الذي تتصدره الصحيفة الشعبية الألمانية، بيلد، والصحيفة النوعية المُحافِظة، دي فيلت.
تحدّي دوبفنر الأول هو مواصلة عملية التحوّل إلى الرقمية.
مجموعة أكسل سبرينغر لا تزال تعتمد على الصحف المطبوعة لتحقيق نحو ثُلث أرباحها. وعلى الرغم من أن الشركة قامت بترويج الاشتراكات الرقمية، إلا أن الإقبال كان متواضعاً.
في العام الماضي، كانت صحيفة بيلد تحصل على مشترك رقمي واحد مقابل كل ثلاثة مشتركين تخسرهم من الصحف المطبوعة. الصحيفة الشعبية وصحيفة “دي فيلت” كان لديهما 329 ألف مشترك رقمي حتى آذار الماضي، مقارنة بتداول الصحف المطبوعة خلال أيام الأسبوع مجتمعة بعدد 2.4 مليون.
التحدّي الآخر هو العثور على عمليات استحواذ بأسعار مستساغة. يقوم عمل الإعلانات المُبوّبة في مجموعة سبرينغر إلى حد كبير على عمليات الاستحواذ وليس تطوير خدمات جديدة في الداخل.
باعت الشركة جزءا من عمل الإعلانات المُبوّبة فيها إلى شركة الأسهم الخاصة الأميركية، جنرال أتلانتيك، فقط لتعود شراءها بتقييم أعلى في العام الماضي.
وحيث أن معظم الأسواق الرئيسية لديها في الأصل بالفعل أعمال قوية في مجال الإعلانات المُبوّبة، كان عليها الشراء بدلاً من البناء – على سبيل المثال، دفعت 633 مليون يورو لموقع العقارات الفرنسي، SeLoger.com في عام 2011. كتب محللو بنك دويتشه أن مجموعة سبرينغر قد تعاني في سبيل العثور على عمليات استحواذ مماثلة بتقييمات معقولة.
بعض المحللين اعتبروا الاندماج مع قناة بروسيبين، التي تُمثّل نحو نصف سوق الإعلانات التلفزيونية في ألمانيا، بعيد المنال. حيث اتفقت الشركتان على مبادرة مشتركة لدعم الشركات الناشئة الرقمية.
دور السيدة سبرينغر كان من الممكن أيضاً أن يكون بمثابة عامل تعقيد. في الفترة الأخيرة قاومت محاولة لنقل عمليات صحيفة دي فيلت إلى مكاتب القناة الإخبارية N24 عندما تم دمجهما معاً.
يبدو أن “أكسل سبرينغر” تُركّز على وسائل الإعلام باللغة الإنكليزية. حيث عرضت مبلغ 750 مليون يورو لشراء مجموعة فاينانشيال تايمز، لكنها تعرّضت لخيبة أمل شديدة عندما خسرت لمصلحة شركة نيكاي اليابانية، التي عرضت مبلغ 844 مليون يورو.
في عام 2013، كانت لها علاقة بمحاولة شراء مجلة فوربس (التي استحوذت عليها في وقت لاحق مجموعة هونغ كونغ للاستثمارات، إنتيجريتت وايل ميديا انفستمينتس)، وفي عام 2014 حاولت شراء شركة “أميركا أون لاين”، التي استحوذت عليها أخيراً شركة فيرايزون. كان على الشركة أن تقبل بصفقات أصغر – حيث حصلت على القناة الإخبارية على الإنترنت N24، التي تقوم بإنتاج الأخبار لقناة بروسيبين، في عام 2013، كما استحوذت على حصص صغيرة في المواقع الإخبارية، بزنيس إنسايدر، وبوليتيكو، وأوزي.
مع صافي ديون يبلغ 1.3 ضعف الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء، هناك بعض المجال للمناورة. تعمل الشركة حاليا على تغيير هيكلها القانوني إلى شراكة مُحدّدة بالأسهم، الأمر الذي قد يسمح لها بالقيام بعمليات استحواذ كبيرة دون التخلّي عن سيطرة السيدة سبرينغر.
أوضح دوبفنر أهمية الحجم في وسائل الإعلام الرقمية. فمن المرجح أن استكشاف خيارات أخرى لعمليات الاستحواذ – من هافينغتون بوست، الموقع الإخباري المملوك لشركة أميركا أون لاين، إلى منصة الإنترنت تي أون لاين التابعة لشركة دويتشه تليكوم.