IMLebanon

ما لا يتخلى عنه الروس حتى في عز الأزمة؟

moscow-restaurant

ماريا فيدوريشينا

يبدو الروس، في فترة عدم الاستقرار، مستعدين للاقتصاد في إنفاقهم على الغذاء، لكن لا على حساب السياحة وارتياد المطاعم. وحوالي 40% منهم مضطرون للاقتصاد في كل شيء، لأن أجورهم لا تكفيهم.

يبين استطلاع أجرته مؤسسة “الرأي العام” في شباط/ فبراير 2015، أن أكثر من نصف سكان روسيا يفكرون ما السبيل إلى التوفير، وأية نفقات يقلصون. 51% من الروس قلصوا ما ينفقونه على الغذاء، وفي المقام الأول، على شراء اللحوم والأجبان والفواكه والأسماك.

الملابس والترفيه

تقول يلينا (45 عاما): ” كان زوجي هو الذي يتسوق دائما ماتحتاجه الأسرة. سابقا كانت ميزانيتنا الأسبوعية 5000 روبل للغذاء. وكانت تكفينا. أما الآن فلا يسعنا إنفاق هذا المبلغ. وأنا اضطر للتسوق لأن زوجي لا ينتبه لتسعيرة السلع”.
26% من الروس قلصوا نفقاتهم على الملابس، و16% يقتصدون في نفقات الترفيه واقتناء المعدات المنزلية.
يلينا، المستشارة في متجر انترنت، تقول: “إذا كانت ماركة السلعة سابقا هي التي تلعب الدور الرئيس عند شرائها، فهذا الدور يعود الآن لسعرها”.
وتضيف موضحة أن “الزبائن عندما يتصلون بنا هاتفيا الآن، فأول ما يشيرون إليه هو الميزانية. سابقا كان موضوع الأسعار آخر ما يسألون عنه أثناء المحادثة. كما ان الاهتمام بالمعدات الفاخرة (لوكس) انخفض بشكل ملموس.

إلا المطاعم والسياحة !

13% فقط من سكان روسيا، أخذوا يحرمون أنفسهم من شراء العطور وأدوات الماكياج، و12% اختصروا نفقاتهم عل المطاعم والرحلات.
ولكن العديد من الروس لم يستطيعوا حرمان أنفسهم من متعة المأكولات الجيدة اللذيذة.
تقول أويغول موسخانوفا، المُساهِمة في تأسيس مطعم ونادي Ribambelle، إن “الأزمة لم تؤثر بأي شكل على عدد الزبائن ومتوسط تكلفة الطاولة للشخص الواحد.
ففي محلنا ذي الدرجة الأولى بقيت تكلفة الطاولة 2160 روبل لكل زبون، بينما يصل هذا المبلغ إلى 1450 في مطعم من الدرجة المتوسطة”.

وتعترف موسخانوفا بأنهم قرروا، بغية الاحتفاظ بالزبائن، ألا يرفعوا الأسعار في المطاعم، بالرغم من أن بعض نفقاتها مرتبطة بالعملة الصعبة.
غير أن الأزمة أنزلت ضربتها القوية بقطاع تنظيم أعياد الأطفال، الذي يتخصص به Ribambelle عمليا.
“كان متوسط تكلفة الطاولة للشخص الواحد عندنا 5000 روبل، بما في ذلك الطعام وبرنامج التنشيط الفني، ولكنه انخفض انخفاضا حادا. سابقا كان ضيوفنا يحجزون لأطفالهم برنامج “عرس مصغر”، يتصف بديكور فاخر، ويتضمن تنشيط فنيا، وموسيقا حية. أما الآن فقد بات ذلك أمرا نادرا”.

وإذا كان بالإمكان الاقتصاد في نفقات الأعياد، فهذا متعذر في مجال الصحة، كما يؤكد العديد من الروس. مارينا غولوبيفا تقول: “أسرتنا في هذا السنة كانت ستتخلى عن السفر لولا الطفل.
فسافرنا إلى منتجع روسي على شاطء البحر. لم تكمن النتيجة مرضية، فقررنا أن نقتصد في العام التالي في أية نفقات أخرى، على أن نذهب للاستجمام في مكان يتوفر على أسباب الراحة الحقيقية”.
تبين نتائج استطلاع “مركز عموم روسيا لدراسات الرأي العام”، أن 40% من المواطنين الروس خططوا لقضاء صيف هذا العام في الوطن. والسبب الرئيس هو المصاعب الاقتصادية.
فـ 26% من السكان يفضلون قضاء الإجازة في منازلهم الريفية، و11% يريدون القيام برحلات في ربوع روسيا، و6% يريدون السفر إلى الخارج.
“في هذه السنة ازداد بنسبة 30% الطلب على السياحة الداخلية. والأسباب هي ارتفاع سعر العملات الأجنبية، ومتاعب الحصول على تأشيرات السفر، وغلاء أسعار بطاقات الطائرات على الخطوط الدولية”، كما تقول أولغا فولكوفا، المستشارة في إحدى الشركات السياحية.
وتضيف أن أكثر المقاصد شعبية الآن هي شبه جزيرة القرم، واقليم كراسنودار، وأبخازيا.
أما على صعيد السياحة الخارجية فتأتي في الطليعة تركيا ومصر واليونان.
وتستدرك فولكوفا موضحة أن “الذين يتوجهون إلى هذه البلدان ليسوا أولئك السياح الذين كانوا يتوجهون إليها في السنوات السابقة، بل الذين لم تمكنهم ظروفهم المادية هذه السنة من السفر إلىى منتجعاتهم المفضلة في إسبانيا وإيطاليا”.

ليس وقت الاستجمام

وفي الوقت نفسه، يواجه بعض المواطنين الروس قضايا أكثر أهمية من اختيار مكان الاستجمام والمعدات المنزلية أو المطاعم؛ فقد اعترف 39% ممن شملهم استبيان الرأي، أن ما بحوزتهم من نقود لا يكفيهم لتدبير أمورهم حتى استلام الراتب القادم.
تقول يفغينيا: “أنجبت طفلةً في شباط/ فبراير عام 2014، وكنت أنوي البقاء إلى جانبها في البيت مدة عام.
ولكن عندما بلغت ابنتي الشهر الخامس اضطررتُ للعودة إلى العمل، فراتب زوجي لا يكفينا، علما بأنه كان يعمل سائقا أيام العطل”.
وبالمناسبة، فإن كل واحد من ثلاثة روس تقريبا، يفكر الآن بعمل إضافي.
و13% فقط مكتفون برواتبهم. وحسب معطيات هيئة إحصاء الدولة، فقد ارتفعت الأسعار في روسيا بنسبة 8,5% منذ بداية العام الجاري حتى الان فقط، بينما تفيد توقعات وزارة الاقتصاد والتنمية أن التضخم سيصل بنهاية العام الجاري إلى 12% تقريبا.