عادت المنتجات الزراعية اللبنانية لتحجز مكانها في دول الخليج العربي عبر مرفأ طرابلس، حيث أثمرت الجهود التي بذلت على أكثر من صعيد وبالتعاون مع القطاع الخاص، افتتاح أول خط نقل بحري للصادرات اللبنانية، بعدما أقفلت بوجهها بوابات العبور البري بسبب الأوضاع الأمنية المشتعلة في سوريا.
وكانت الحكومة اللبنانية قد وافقت بعد ستة أشهر من الدراسة على النقل البحري للصادرات الزراعية اللبنانية، بعدما ارتفعت صرخات المزارعين بسبب كساد مواسمهم واضطرارهم لإغراق السوق اللبناني فيها بأسعار منخفضة جدا، وخصصت مبلغا من المال لدفع فروقات هذا النقل للمزارعين، لكن التخبط الذي تواجهه الحكومة بفعل الخلافات السياسية، أدى الى عرقلة السير بهذا المشروع، ما دفع القطاع الخاص الى التقدم، بعد مشاورات مع غرفة التجارة في طرابلس، إدارة مرفأ المدينة وبعض شركات الملاحة البحرية، لإطلاق هذا الخط.
انطلقت الباخرة الأولى ضمن هذا الخط يوم أمس وهي تحمل اسم «ميد بريدج» وعلى متنها 63 شاحنة تحمل مختلف المنتجات الزراعية، ومن المفترض أن ترسو في مرفأ دبا في السعودية على أن تنطلق المنتجات اللبنانية من هناك الى كل دول الخليج العربي.
وتبلغ كلفة كل شاحنة 6500 دولار أميركي ذهابا وإيابا، ما دفع بعض أصحاب الشاحنات الى التعاقد مع شركات تهتم باستيراد الألبان والأجبان والمواد الغذائية الأخرى لنقلها من السعودية ودول الجوار الى لبنان عبر البحر، وذلك لتجنب عودة هذه الشاحنات فارغة بما يضاعف من الخسائر المالية.
ومن المفترض أن تنطلق رحلتان في الاسبوع الواحد، يومي الأربعاء والسبت، على أن يكون خط النقل البحري حكرا على مرفأ طرابلس، الأمر الذي سيساهم في المزيد من نشاطه، علما أن المرفأ يسيّر رحلات سياحية يومية الى تركيا.
وكان رئيس غرفة التجارة توفيق دبوسي قد أشرف على انطلاق الخط، وتفقد الاجراءات اللوجستية والجهوزية الفنية والتقنية في مرفأ طرابلس المعدة لنقل الصادرات اللبنانية الى الأسواق العربية بمشاركة مدير المرفأ أحمد تامر، والناقل محمد يوسف.
وأكد دبوسي ان القطاع الخاص هو «محور الحياة في لبنان على الرغم من الظروف التي يمر بها الحكم والحكومة، وبالرغم من هذا الواقع فإن القطاع الخاص موجود بفاعلية وبإيمان بقدراته وبذاتيته وبمبادراته وديناميكيته وبوطنه وبالدولة التي تستدعي الالتفاف حولها بكل إمكاناتنا الفكرية والمادية والطاقات الموجودة بهدف دعم المؤسسات العامة لتقف على قدميها، واليوم الناقل البحري ومالك العبارة محمد يوسف والمصدرون والناقلون تضامنوا جميعا مع بعضهم البعض من أجل إطلاق عملية تسفير الصادرات اللبنانية، لا سيما الزراعية منها، الى الاسواق التقليدية في العالم العربي الذي اعتاد على فاكهتنا وخضارنا ولكي لا نخسر بالتالي تلك الاسواق ويفتش مستهلكوها عن بدائل تلبي حاجاتهم الاستهلاكية من منتجات تعود الى بلدان أخرى».
وأشار دبوسي الى إمكانية ارتفاع تعرفة النقل، ولكن مجلس الوزراء خصص مبالغ مالية لدعم فوارق النقل للشاحنة الواحدة، وقد اجتمعت بالرئيس سلام خصيصاً للبحث بهذا الموضوع، واستضافت غرفة طرابلس وزير الزراعة اكرم شهيب، ولكن في السياق نفسه علينا ان نعلم جميعاً أن الوضع محاط بصعوبات كثيرة.
بدوره، أشار الناقل البحري محمد يوسف الى أن «هذه العبارة تستطيع ان تنقل 64 شاحنة وهي تتميز بأنها تنقل السائقين معها وسنواجه مشكلة إذا رجعت الباخرة من دون بضائع ويجب ان تذهب محملة وتعود محملة ويجب ان يتعاون الجميع لكي يستمر عملها».
وأوضح مدير المرفأ أحمد تامر، أنه «بعدما تلقينا توجيهات من وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر من أجل إعطاء كل التسهيلات للشركات التي ترغب في تسهيل هذا الخط البحري، قمنا بإطلاقه وهناك شركات أخرى مهتمة وستنقل البضائع الى مناطق اخرى، ونعتبر هذه المبادرة خطوة اولى ستشجع شركات ملاحية اخرى على زيادة عدد السفن الناقلة للصادرات، بالرغم من ان هناك شركات تمتلك سفن الرورو وهي في حال إشغال دائم وليس من السهولة أن تتوفر هذه السفن في كل الأوقات». وتمنى تامر على الدولة «دعم كل المصدرين»، وقال: «نحن نعمل على توفير كل التسهيلات اللوجستية، مع العلم ان التكلفة في مرفأ طرابلس أقل من غيرها، ونحن نصر على حماية الشـــاحنات اللبنانية بتوجيهات من المدير العام للنقل البري والبحري الدكتور عبد الحفيظ القيسي».