تدعو مصادر سياسية واسعة الاطلاع الى ضرورة التروي والحذر وعدم البناء على اتصالات ما زالت “خجولة” ومحصورة في الاطار الامني، ولم تكسر “حدة الجليد” ولم تدخل بعد في تفاصيل نقاش المبادرة الروسية لتشكيل تحالف عربي ـ تركي ـ دولي لمحاربة داعش والارهاب والحلول امامها مئات العقبات وشبكات الالغام.
وتؤكد المصادر السياسية ان نافذة الاتصالات مع السعودية بدأت بعد ان تولت المخابرات الروسية نقل معلومات الى المخابرات السعودية عن مخطط ارهابي لضرب المدن السعودية خلال شهر رمضان المبارك بالاسماء، والتفاصيل وان المخابرات الروسية حصلت على هذه المعلومات من المخابرات السورية التي اعتقلت في الفترة الاخيرة رموزا “داعشية” تحمل الجنسية السعودية واعترفت بتحضيراتها لتفجير الساحة السعودية.
وتشير المعلومات حسب المصادر السياسية انه بعد انفجار القطيف في المملكة العربية السعودية يتبين للرياض ان المنفذين يتواصلون مع عناصر قيادية في “داعش” في شمال سوريا وان المخابرات السعودية طلبت “تعاونا” روسيا في هذا المجال، وهذا الطلب قدم الى المسؤول الروسي بوغدانوف اثناء زيارته الاخيرة منذ اشهر الى الرياض.
وتضيف المصادر السياسية ان الجميع يدركون ان التنسيق الامني السوري الايراين الروسي لمحاربة “داعش” اصبح واحداً. كما ان الاتصالات بين مخابرات الدول في مجال محاربة الارهاب مستمر، حتى بين الدول المتحاربة والجميع يعرفون مدى حجم الوفود الامنية العربية والاوروبية التي تأتي الى سوريا في مجال محاربة الارهاب، وان السوريين رفضوا استقبال الكثير من الوفود اذا اقتصرت على الطابع الامني ولم تترجم الى اتصالات سياسية.
وتضيف المصادر السياسية ان الروس وضعوا حلفاءهم في اجواء الطلب السعودي، وان المخابرات الروسية قدمت معلومات الى المخابرات السعودية عن التحضيرات الارهابية لضرب استقرار المملكة ونفذت المملكة جراء هذه المعلومات عملية امنية واسعة ادت الى اعتقال 441 ارهابياً في شهر رمضان كانوا يخططون لتفجيرات واسعة في المساجد السعودية، وتبين ان كل المعلومات “صحيحة” وتمكنت السعودية من القضاء على شبكات كانت ستقلب كل الامور على اراضيها، حتى ان الشبكات الارهابية التي اعتقلت في الكويت تمت نتيجة الجهود الامنية السورية الايرانية الروسية، وهذا ما يؤكد على حرص ايران على استقرار الخليج ودولها. ومنع تغلغل القوى الارهابية وتؤكد المصادر السياسية ان الجهود الامنية فتحت الباب لتمتين التواصل الروسي ـ السعودي وكذلك الروسي الكويتي والروسي القطري، فيما العلاقات التركية الروسية متواصلة. وهذا الجهد الروسي ادى الى تبلور المبادرة الروسية لتشكيل تحالف سوري ايراني خليجي تركي دولي لمحاربة داعش والقضاء عليها.
وتضيف المصادر السياسية ان روسيا ابلغت واشنطن بكل المعلومات الامنية عن مخططات داعش، وهذا ما اعاد “الحميمية” البطيئة الى العلاقات الاميركية السورية والتي بدأت باجتماع بين ممثل سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري ومسؤول اميركي رفيع المستوى، والاجتماع حصل في الامم المتحدة وناقش العلاقات بين البلدين وتم ابلاغ سوريا عن بدء غارات اميركية لحماية المجموعات التي دربتها واشنطن، كما ان هذا الانفتاح ادى الى اعادة العلاقات الديبلوماسية بين تونش ودمشق، ووصول وفد اماراتي الى سوريا وتوجيه دعوة الى وزير الخارجية السوري وليد المعلم لزيارة فقط، كما توجد اتصالات لاعادة مقعد سوريا الى الجامعة العربية، فيما الاتصالات المصرية السورية لم تنقطع وكذلك مع الجزائر والسودان مما شكل البداية لمشهد عربي جديد تجاه سوريا. واشارت المصادر ان السعودية قدرت بايجابية المعلومات التي وصلتها من موسكو عن طريق دمشق، علماً أن المصادر تشير الى تحضيرات لعقد لقاء بين وزيري خارجية سوريا والسعودية والتحضيرات قائمة لانجازه في مسقط.
ورغم ذلك، تدعو المصادر السياسية المطلعة الى ضرورة “التروي” و”الحذر” وعدم البناء على تطورات واتصالات ما زالت «خجولة» والايحاء بأنها ستؤدي الى مسار جديد في الأزمة السورية و”اصطفافات” في المشهد العربي ستعيد خلط الاوراق في الساحتين السورية والعربية.
وتؤكد المصادر ان الاتصالات السياسية ما زالت في اطار “العتب” ولم تؤد الى كسر “التشنجات” لأن ما حصل في سوريا كان نتيجة رهانات البعض من دول الخليج، وهذه الرهانات ادت الى تدمير سوريا بالكامل ومقتل مئات الالاف، وبالتالي ماذا سيخسر النظام السوري أكثر مما خسره؟ وهذا الكلام حسب المصادر السياسية لبعض حلفاء سوريا ايضاً من قوى سياسية واعلامية بدأت تنظر لمستقبل جديد ولمسار جديد، وكأن المؤامرة الكونية على سوريا انتهت، وعلى هؤلاء ان يقرأوا ما قاله الرئيس السوري في خطابه الاخير عن “مشهد سياسي لن يبدل في مسار الامور ولا يمكن البناء عليه” وكسره الا في المزيد من الصمود وتحقيق الانتصارات، وعليهم ايضاً ان يقرأوا جيداً كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن ما يجري هو لكسر محور المقاومة خدمة لاسرائيل وهذا هو اساس المشروع الصهيوني – العربي – الاميركي لضرب سوريا، وهذا الامر تفهمه القيادة الايرانية وكذلك الروسية، رغم ان محور المقاومة بدأ يستعيد الاوراق التي خسرها منذ سنوات واستعادة زمام المبادرة وظهر ذلك في الاتفاق النووي وكذلك في قوة الموقف الروسي في الساحة الدولية والدعم الصيني في مجلس الامن والفضل في هذه التحولات يعود الى صمود سوريا وجيشها وموقف حزب الله جراء صوابية مواقفه وقرار القتال الى جانب سوريا وادى الى حماية لبنان والبداية للتحولات التي تشهدها، ولكن المعركة تبقى وحسب المصادر السياسية بين مشروعين، التطبيع بينهما مستحيل وقواعد الاشتباك ما زالت واسعة من اليمن الى كل الساحات، والموقف السعودي لم يتراجع. وهذا ما ظهر في لقاءات الدوحة الاخيرة والاصرار السعودي على تعديل موازين القوى عبر مواجهة ايران بشكل مباشر في اليمن وسوريا وبشكل غير مباشر في لبنان ومصر والسودان والخليج واوروبا وهذا ما سيزيد من حدة التشنجات والصراعات وخصوصاً في سوريا واليمن والايام المقبلة شاهدة على ذلك، والدليل الملموس ما يحصل في لبنان عبر اقفال الرياض كل مساعي الحلول مع العماد ميشال عون وتطويقه كمقدمة لمواجهة سياسية اشمل من حلفاء الرياض مع حزب الله، لان المعركة مع العماد عون عنوانها الاساسي “تحجيم حزب الله” وتاليا اضعاف الاوراق الايرانية في لبنان.