Site icon IMLebanon

التسوية “الوهم” سقطت و”الجنرال” إلى الشعب؟!

michel-aoun

 

أكّدت مصادر وزارية لصحيفة “السياسة” الكويتية أنّ خطوة تأجيل التسريح للقيادات الامنية جاءت طبيعية في زمانها ومكانها، فالوزير سمير مقبل اختار “أهون الشرور” في ظلّ المعطيات القائمة، وحرص على وضع القوى السياسية في جو خطواته وطرح ما يمكن من أسماء للتعيين في المراكز الثلاث في جلسة مجلس الوزراء ولم يعد من درب يسلكه بعدما تعذر التوافق الحكومي سوى القرار الذي أصدره.

وأشارت الى أنّ الضغط على مقبل لم يكن داخلياً فقط إنّما أيضًا من الخارج، سيما من الدول المعنية بالوضع اللبناني من زاوية التعاون مع المؤسّسات العسكرية والأمنية في مواجهة الارهاب ومدّها بالمساعدات، إذ تمنّت عليه الإسراع في بتّ ملف التعيينات لأنّ وضع القيادات العسكرية في حال من اللاإستقرار يجعل المؤسسة كلّها عرضة للاهتزاز، وهو أمر غير جائز ولا مسموح اليوم.

وذكرت أوساط وزارية معنيّة بمواكبة تطورات ملف التعيينات الأمنية لصحيفة “الراي” الكويتية أنّ “ثمة (ملحقاً) لقرارات التمديد، ستتبيّن مراحله تباعاً في الساعات والأيام المقبلة، ويجري العمل عليه بهدوء، انطلاقاً من طرح تعويم مشروع رفْع سن التقاعد للضباط 3 سنوات، ما يخفّف وطأة الخسارة العونية. ولكن هذا المشروع لا تزال دونه عقبات كبيرة، ابرزها ضرورة إقرانه باتفاق على إنهاء أزمة تعطيل جلسات التشريع لمجلس النواب وكذلك معالجة الشق المالي المكلف لرفع سنّ التقاعد، إضافة إلى معالجة التحفّظات لدى قيادة الجيش على انعكاسات المشروع سلباً على هرمية المؤسسة العسكرية التي سترزح تحت وطأة إبقاء مئات الضباط في الخدمة، الأمر الذي ينذر بترهل وتخمة كبيريْن”.

وأشارت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة “الراي” الكويتية الى أن “هذا المخرج بدا متعثّراً للغاية غداة صدور قرارات التمديد، ذلك ان تيار (المستقبل) يرفض على نحو حاسم خيار رفع سن التقاعد للضباط”، كاشفة عن ان “محور التسوية، التي لا يزال العمل جارياً عليها في الكواليس، يرقّي 7 ضباط بينهم روكز الى رتبة لواء بما يضمن تأجيل تسريحهم”.

وبحسب هذه المصادر، فإنّ “هذه الصيغة، التي يوافق عليها تيار “المستقبل”، حملها صباح الخميس، المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابرهيم الى عون، الذي كان رفض سابقاً هذا الطرح”، موضحة ان “صدور قرار التمديد الثلاثي ربما يجعل زعيم “التيار الحر” يتراجع عن رفضه بهدف الحدّ من الخسائر”، ولافتة الى أنّ “الموقف النهائي لعون من هذا المخرج لم يتضح بعد، وربما هذا ما يفسّر حجب الفريق العوني طول الخميس، قراراته المتخذة في شأن الخطوة التالية التي سيعتمدها رداً على التمديد”.

ورأت دوائر سياسية في بيروت أنّ “الحديث عن انتكاسة كبيرة إضافية مني بها عون هو كلام واقعي وان على زعيم “التيار الحر” ان يأخذ في الاعتبار المعطيات الحقيقية والقاسية لتمرير خطوة التمديد من جانب حلفائه قبل خصومه، بما يعني ان هجوم رئيس مجلس النواب نبيه بري على عون قبل ايام كان بمثابة الضوء الأخضر للتمديد وان التساؤلات عن الموقف الضمني لـ”حزب الله” من هذا التطور هي في مكانها تماماً”.

ومع ذلك، لفتت هذه الدوائر عبر “الراي” الى ان “من غير الوارد في المقابل تَصوُّر مرور هذه الانتكاسة العونية من دون ثمن يحفظ له على الأقل ماء الوجه شعبياً وإعلامياً. وتبعاً لذلك تردد في الساعات الأخيرة ان “التيار العوني” قد يتحرك الى الشارع اليوم، الذي يصادف رمزياً ذكرى السابع من آب 2001، وهو اليوم الذي شهد صدامات واسعة بين الأجهزة الأمنيّة في عهد الرئيس إميل لحود والوصاية السورية ومئات المتظاهرين من “التيار العوني” و”القوات اللبنانية” وأحزاب المعارضة المسيحية آنذاك”.

وأوضحت الدوائر نفسها أن “هذه الخطوة في حال حصولها ستكون بطبيعة الحال أضخم من التظاهرة السابقة لأنصار عون قبل أسابيع في محيط السراي الحكومي، إلا إذا جرى صرف النظر عنها في مقابل تصعيد سياسي واسع يحظى فيه عون بدعم حلفائه في “8 آذار” باستثناء الرئيس بري. علماً ان من شأن تصعيد كهذا أن يشل الحكومة تماماً هذه المرة ويفاقم تالياً سائر الأزمات التي تعاني منها البلاد، ما يفتح الأبواب على احتمالات يصعب حصر أخطارها، وهو أمر سيسلط الضوء على حقيقة موقف “حزب الله” من تصعيد بهذا الحجم سيكون (عكس سير) كل المناخ الذي يشي بأن الحكومة (خط أحمر) وان الاستقرار في لبنان ممنوع المساس به”.

وتحمل الأوساط العونية عبر “اللواء” الرئيس ميشال سليمان ووزير الدفاع سمير مقبل والوزراء المسيحيين ووزراء “المستقبل” مسؤولية قرار الوزير مقبل التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، ومن دون استثناء وزراء “أمل” ضمناً، نظراً لأن وساطة “حزب الله” بين عين التينة والرابية ناشطة بدءاً من وقف الحملات الإعلامية أو تبريدها بين الجانبين.

وتعزو الأوساط العونية اقدام الوزير مقبل على التمديد إلى تطورات إقليمية وحراك ديبلوماسي من أجل تبريد الأزمات أو تسويتها، بما في ذلك الأزمة السياسية في لبنان.

وفي محاولة لاستدرار العطف على النائب ميشال عون وتياره، تقول الأوساط العونية أنّ التسوية ستكون على حساب عون وابعاده، ليس فقط عن الرئاسة الأولى أو تعيين ضابط قريب منه قائداً للجيش، بل عن المسرح السياسي ككل، من خلال تصويره وكأنه هو المسؤول عن كل الأزمات دفعة واحدة، من الشغور الرئاسي إلى شل مجلس النواب وتعطيل التشريع إلى محاولة شل عمل الحكومة، وذلك في محاولة لاظهار مظلوميته وتعرّضه لحرب إلغاء سياسية تسبق أية تسوية.

وتعترف هذه الأوساط بأنّ التيار تعرض “لخدعة” انطلت عليه، وهذا ما يجعل ردّه متجاوزاً لما حصل في المرات السابقة.

ونسب إلى قيادي في التيار العوني قوله إنّ الردّ سيكون تصاعدياً ومتناسباً مع “الخطوة الاستفزازية” التي قام بها وزير الدفاع.

ولا تخفي هذه الأوساط أنّ اللجوء إلى الشارع هو من الخيارات المتقدمة لدى التيار، لكن بطريقة “موجعة” و”غير متوقعة”.

وتمضي هذه الأوساط إلى التأكيد بحدّة أنّه ليس بإمكان التيار فقط أن يحافظ وحده على المصلحة الوطنية، متّهمة سائرة الأطراف الأخرى بأنّ التسوية السياسية في البلاد لا تعنيهم.

إلاَّ أنّ مصدراً قيادياً في قوى 8 آذار يسلّم بأنّ التسوية السياسية بعناوينها الأمنية والحكومية والتشريعية قد أصبحت من الماضي بعد التوقيع على التمديد، لكن خيار ذهاب الأزمة السياسية إلى اللاعودة وارد لكنه ليس حتمياً، في ضوء حركة الاتصالات المستمرة للتعويض عن النائب عون بادراج بعض القوانين التي يطالب بها وبينها قانون الانتخاب على أوّل جلسة تشريعية إن عقدت.

من جهتها، تقول مصادر بارزة لصحيفة ”الأخبار”، أن “عون أصرّ على التعيينات العسكرية ولم يربط أي مبادرة بموافقته على التمديد، وتلقى مبادرة اللواء عباس ابراهيم ودرسها وبحث فيها، ولم يرفضها بل اعطاها فرصة لتنجح، لكن سرعة التمديد اثبتت أن الحركة استباقية وعبارة عن خديعة، لتغطيات المخالفات الكثيرة، وهدفها دفن مبادرة ابراهيم”.

وعمّا اذا كان التكتل قد خُدع بالمبادرة؟ تجيب: “ابراهيم لم يشارك في غشنا، ولم يخدعنا ولم نُخدع، بل هو فتح كوة قانونية، فباركنا مسعاه ولم نتحفظ ولم نقبل، ولا ركضنا خلف الاقتراح ولم نلهث وراءه”.

الخدعة، بحسب هذه المصادر، جاءت من الذين استفادوا من الاجواء الايجابية التي اشاعها تحرك ابراهيم، حين كنا نفتش عن مخارج لا تعرقل عمل الجيش وتبقي مواقفنا موحّدة فيما يتعلق بتشريع الضرورة، فعمدوا الى حركة استباقية أوحت بأنّ عون غض النظر عن التمديد لقهوجي مقابل قانون رفع سن التقاعد، وقاموا بخدعة ليلية بقرار التمديد، قبل أن يتبين أنّ اقتراح ابراهيم قوبل برفض السنيورة وقائد الجيش والرئيس نبيه بري”.

ولا تخفي مصادر بارزة في تيار المستقبل لـ”الأخبار” أنّ “هناك قراراً إقليمياً ـ دولياً بمحاصرة عون ومنعه من نيل أي مطلب في المراكز العسكرية والأمنية، وكتحصيل حاصل في رئاسة الجمهورية”. ما يؤكّد ذلك أنه قبل “قرار منتصف الليل” بدا أن هناك أملاً في التوصل الى حل لمسألة التعيينات، وقبول الرابية واحداً من المخارج التي كانت مطروحة، ولكن فجأة، دارت محرّكات التنسيق دفعة واحدة بين كل المكوّنات الحكومية باستثناء “حزب الله”: الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري، والنائبان وليد جنبلاط وسامي الجميل والرئيس السابق ميشال سليمان. قرّر الجميع “قرص” عون لايقاظه من “حلمه” في التعيينات، برغم علمهم بخطورة مفاعيل ذلك على الحكومة وفي الشارع.

والمصادر البارزة في “المستقبل” تشير الى “تفاهم سنيّ ـ شيعي لا يُمكن مواجهته، مبني على عدم الذهاب الى أي تغيير أمني أو عسكري أو حتى سياسي غير مضمون النتائج. كان يفترض بالجنرال أن يدرك ذلك منذ الخسارة التي مُني بها حين لم يتمكن من مواجهة التمديد النيابي، بعدما سار فيه تيار “المستقبل” و”حزب الله” معاً”، و”لم يستطع الوقوف في وجه قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي سابقاً”. فالأخير، بحسب المصادر، “صمام أمان للشارع السنّي والمقاومة في آن واحد. الطرفان مرتاحان لآدائه، ولا أحد في وارد المخاطرة بتجربة خيار جديد”.

ولكن، بحسب المصادر المستقبلية، لم يكُن لهذه القوى أن تأخذ على عاتقها هذا الحمل لولا “الضوء الخارجي الأخضر، لأن هناك قراراً خارجياً بكسر عون”، مشيرة الى أنه “حتى “حزب الله” لم يقف إلى جانبه كما يجب. صحيح أنه لم يتركه، لكنه لم يحم ظهره على نحو حاسم”.

لا تخفي المصادر شعورها بالنشوة الى حدّ القول إن “عون انتهى”. فهو “خسر معركته في وجه جان قهوجي، الشخصية المارونية المتوجّة على أهم موقع مسيحي بعد رئاسة الجمهورية”.

وأكد مصدر مقرّب من الرابية لصحيفة “النهار” أن “تكتل التغيير والاصلاح” لن يسكت على “هذا الانقلاب المتمادي على الميثاق والدستور وقوانين الأمة، وآخر تجلّياته تأجيل تسريح قائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع”. وقال: “لقد عطّلوا حلاً سعى اليه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم والوزير نهاد المشنوق، والقاضي باقتراح تعديل قانون الدفاع الوطني لرفع سن تقاعد الضباط ثلاث سنوات، بحجج مختلفة كالكلفة أو التخمة أو الهيكلية، ونفذوا انقلابهم. لذا فان هذا الانقلاب المتمادي لن يمرّ لا من نافذة رئاسة الجمهورية ولا من نافذة مجلس النواب ولا من نافذة مجلس الوزراء، وبالتالي لن يشرّع بأي وجه من الأوجه. نحن ديموقراطيون ونظامنا برلماني ديموقراطي والشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، وهو الذي يحاسب، فإذا حالوا دون المحاسبة في صندوق الاقتراع عبّر عن غضبه المشروع بوسائل أخرى تعيد اليه حقوقه”.

لذا اعتبر المصدر أنّ ” العودة الى الشعب هي خيار ديموقراطي وطبيعي تحت شعار “لا للانقلاب على الدستور والميثاق، نعم للتشاركية”، وبالتالي فإنّ التصعيد في الشارع هو أحد الخيارات المطروحة، وعون هو من يحدد توقيت التحرك والمكان والحجم والمناسبة”.

وفي هذا الاطار، سيعقد اجتماع استثنائي للتكتل العاشرة صباح السبت في الرابية للبحث في ما آلت اليه التطورات السياسية والتمديد للقيادات العسكرية، وفي ضوئه تتخذ القرارات ويعلن ما يجب الافصاح عنه منها. وختم المصدر: “أن المناخ تصعيدي بامتياز ما لم يتم تداركه قبل فوات الأوان”.

ولوحظ في هذا السياق أنّ البيان الذي أصدرته أمس “كتلة الوفاء للمقاومة ” لم يتطرق مباشرة الى موضوع التمديد للقيادات العسكرية، بل شدد على ان “الاولوية الراهنة هي لملء الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية ودعم كل مبادرة تسهل استئناف الدور التشريعي لمجلس النواب وتعزز مناخات الحوار والتفاهم والتوافق بين الكتل النيابية”. كما دعا تيار “المستقبل” الى “فتح الابواب أمام المخارج المطروحة للمسائل المختلف عليها وضرورة ملاقاتها تجنباً لتفاقم المعضلات عوض المضي في سياسة التصعيد والتعقيد التي تطيل الازمة”.

وأشارت مصادر وزارية مؤيّدة للتمديد لصحيفة “النهار” الى أنّ عملية احتواء نجاح التمديد للقيادات العسكرية بدأت الخميس بعد فشل عملية التعيين في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة. وبدا واضحا أن هناك شبه إجماع في المجلس على تأييد القرارات التي اتخذها وزير الدفاع الخميس بالتمديد لقهوجي وسلمان وخير سنة. فقد اتصل جميع الوزراء باستثناء وزيريّ “التيار الوطني الحر” بالعماد قهوجي مهنئين كما اتصلوا للغاية نفسها باللواءين سلمان وخير.

وأضافت المصادر أن العماد عون تبلّغ عبر القنوات الديبلوماسية موقفا روسيا ـ أميركيا بالتزام الحكمة واعتماد المعارضة السياسية بعيدًا من أي تهديد باللجوء الى الشارع بما يهزّ الاستقرار اللبناني ويضرّ بالمؤسسة العسكرية ويعطّل الحكومة. وفي الوقت نفسه أبلغ من يعنيه الامر أن الجيش سيتصدى بقوة وحزم لأي مس بالإستقرار. وكان المؤشر لذلك الانتشار الذي نفذته وحدات من الجيش لدى انعقاد جلسة مجلس الوزراء الاربعاء. ووصفت المصادر ما أشيع عن مشروع تسوية لا يعدو كونه مبادرة إعلامية، فضلا عن أنّ هناك معارضة قوية داخل قيادة الجيش لما طرح في شأن تأجيل تسريح العمداء ممّا يرفع عدد هؤلاء الى 700 الامر الذي يخلّ بتوازن المؤسسة.

من جهتها، ذكرت صحيفة “الأنباء” الكويتية أنّ السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين فاتح عون خلال لقائه به منذ يومين في الرابية بضرورة دعم الحكومة لا إسقاطها، قائلا إنّ بلاده ترى أهمية استمرار حكومة الرئيس تمام سلام في هذه المرحلة وفي الوقت عينه من الضرورة أيضًا تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية على أساس أنّ التفكير في إسقاط الحكومة أو أي خطوة في هذا السياق تتّجه الى الشارع، فذلك سيولّد الفوضى العارمة في كل لبنان.

وأبلغت مصادر في “14 آذار” صحيفة “الأنباء” الكويتية انها لا تتوقع ردود فعل عنيفة من جانب عون الذي يبدو انه فوجئ بتوقيت توقيع تأخير تسريح قادة الجيش وسرعته، وأضافت: لقد سبق السيف العذل، دون استبعادها شيئا من الضجيج الاعلامي”.

وأضافت أنّ عون يدرك ان حليفه “حزب الله” ملتزم بالمحافظة على الاستقرار القائم وعلى الحكومة، وهو إن أصرّ على رد فعل فربما انتظر جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل ليفشّ خلقه.