Site icon IMLebanon

“حزب الله” يُداوي الناس وهو.. العلّة

hezbullah

 

 

كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”:

لم يعد «حزب الله» يمتلك القدرة ولا التركيز على توزيع إهتماماته ونشاطاته بين الداخل والخارج، ففي ظل الأزمات التي تعصف به من كل حدب وصوب والتي تُلاحقه في الأمن والسياسة والعسكر، أصبح التشتت الذهني السمة الأبرز لديه وباتت تختلط الأمور عليه في كثير من مواقفه لدرجة جعلته ينسى أو يتناسى الويلات والمآسي التي أغرق فيها لبنان واللبنانيين، فباتوا ينتظرون منه في كل عام «هدية» جديدة.

يبرع الحزب في تبديل الأدوار المُسندة اليه وفي اللعب على مخارج الحلول لأزماته بقدر ما يُجيد قلب الحقائق وحرفها، ويبرع أكثر في تقمص شخصية الضحية وفي تنصله من واجباته وإرتكاباته على حد سواء. فهذا ما يبرز بشكل جليّ في كل مرّة تُطالع فيها كتلة «الوفاء للمقاومة» اللبنانيين ببيانات لا تستوفي الحد الأدنى من المصداقية ومن دون أن ترتكز إلى الإجراءات والشروط المرعية في علم السياسة النظيفة. وإنطلاقاً من كل هذا التشتت والأزمات والتخبط على أنواعه، خرجت كتلة الحزب بالأمس لتتهم تيار «المستقبل» بتعطيل المؤسسات وتهديده بشكل مُبطن تحت عنوان «تجنباً لتفاقم المعضلات»، الى فتح الأبواب، عوض المضي في سياسة التصعيد والتعقيد التي تطيل الأزمة وتزيد الأوضاع سوءاً«.

من مركز دويلتهم وقلب مربعهم الأمني «النابض» في حارة حريك، أعلن نواب «حزب الله» وبالفم الملآن أن «الأولوية الراهنة هي ملء الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية». والسؤال هنا، كيف يُمكن لهذه الدعوة ان تُترجم وسط دعوة كل من السيد حسن نصرالله والشيخ نعيم قاسم السياسيين في لبنان الى أن يعلموا بأن «المخرج الوحيد للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي لا يكون إلا من خلال الإتفاق مع النائب ميشال عون» و»إما عون رئيساً أو لا إنتخابات؟».

من برجه العالي ومن موقعه كمرشد روحي، يتبرّع «حزب الله» كعادته من جيب اللبنانيين ليدعو هذه المرّة إلى فتح حوار بين عون و«المستقبل»، لكن ومن خلال الغوص في أعماق الحزب وفكره إلى جانب التجارب السابقة واللاحقة معه، يتبيّن أن أكثر من ثلثي الشعب اللبناني هم على خصام فعلي معه ومع نهجه وسياسته الكيدية التي يُمارسها بحقهم وحق وطنهم في سبيل المصلحة الإيرانية، وهذا ما ثبت لدى كل اللبنانيين بالأمس بعد فضح المفاوضات التي كانت قائمة بين إيران والفصائل السورية المسلحة، والتي كشفت أن دور الحزب في هذه الحرب يُشبه لعبة «الشطرنج» التي يُمكن تحريك حجارتها بحسب الخطة التي تُديرها إيران.

يتبع «حزب الله» مقولة تغطية «السموات بالقبوات» من خلال تصويره الوضع وكأن هناك حرباً كونية تُخاض ضده، فيستغل قلب الحقائق لشد عصب جمهوره وبيئته في مواجهة خصومه السياسيين وتحديداً تيار «المستقبل» وحلفائه وتقليب اللبنانيين ضدهم في حال تمكنه، قاصداً بذلك تعميتهم عن الأذى والضرر الذي يُلحقه بهم من جراء تدخله في الحرب السورية والتي تحوّلت إلى مصيدة لعناصره وبالتالي كشفت عن حالة الوهن التي يُعاني منها في كافة أنحاء جسده والتي بدأت تنعكس في الفترة الأخيرة على خطاباته المركزية والفرعية.

جميل أن يتغنى اليوم «حزب الله» بمؤسسات الدولة وجميل أيضاً أن يُبدي حرصه على قيامها وتسيير أعمالها بإنتظام وعلى النحو الذي يُريده، لكن الأجمل من هذا وذاك، إستعادة لمحة موجزة من التاريخ تُظهر كيف همّش ودمّر الحزب دور هذه المؤسسات على مدى عشرات السنين لصالح مؤسساته الخاصة، وكيف حاصرها واستباح الموانئ والمرافق وكيف حوّل مناطق نفوذه إلى ملاذ آمن للمطلوبين إلى العدالة، وإستئثاره بقرار الحرب ومحاولته إنشاء حشود شعبية… وبعد كل هذا، هل يحق لـ»حزب الله» أن يُحاضر في العفّة أو أن يرمي الناس بالحجارة؟