Site icon IMLebanon

لجنة أسعار الفائدة الأمريكية «متوترة» بسبب الوظائف والنفط

InterestYellenFederalReserve

جون أوثرز

لعبة التخمين مستمرة. اليومان الأخيران من الأسبوع الماضي عملا على إثارة الأرق والتوتر بسبب احتمال أنهما يمكن أن يجلبا إجابات محددة على الأسئلة التي تتعلق بموعد بدء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رفع أسعار الفائدة، والخروج من التدابير المستميتة التي تم إدخالها لمواجهة أزمة الائتمان.

لكن هذا لم يحدث. في المملكة المتحدة، الكمية الكبيرة المتناثرة التي لم يسبق لها مثيل من المعلومات التي أصدرها بنك إنجلترا يوم “الخميس الفائق” أثارت توقعات بارتفاع وشيك. لكن إذا كان هناك أي شيء واضح، فهو أن بنك إنجلترا في النهاية لن يسبق الاحتياطي الفيدرالي ويصبح البنك المركزي الأول في العالم المتقدم الذي يبدأ دورة الرفع.

لكن متى يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة يبقى سؤالا مفتوحا – إلى حد معين. الاحتياطي الفيدرالي لا يحتاج سوى رؤية “بعض” التحسينات في سوق العمل في الولايات المتحدة قبل أن يكون مستعدا للرفع. وقد حصل بالفعل على “بعض” التحسينات في أرقام التوظيف التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة، لكن لا شيء أكثر من ذلك. معدل البطالة لم يتغير عن نسبة 5.3 في المائة، والزيادة في قوائم الأجور كانت أقل مما شهدناه أخيرا، وأقل أيضا مما كان متوقعا (215 ألفا)، والزيادة في متوسط الأرباح انخفضت قليلا إلى 2.1 في المائة.

ظاهريا، هذه الأرقام لا تبرر ولو من بعيد الانخفاض الطارئ في أسعار الفائدة. لكنها أيضا لا تظهر أي دليل على الضغط التضخمي الذي يجعل البنك المركزي يلتزم بسياسة التشديد. كما تترك المجال مفتوحا أمام احتمال أن تقرير البطالة المقبل، المقرر أن يظهر قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في أيلول (سبتمبر)، يمكن أن يكون سيئا بما فيه الكفاية لتأجيل التشديد.

أيلول (سبتمبر) يبدو نقطة انطلاق واعدة أكثر مما كان من قبل، لكن لم يتم إخماد الشكوك المزعجة.

على افتراض أنه لن يكون هناك أي تقرير صاعق حول سوق العمل، ما الذي يمكن أن يمنع الاحتياطي الفيدرالي من اتخاذ أي إجراء في أيلول (سبتمبر)؟ أوضح التطورات المرشحة تأتي من أسواق الصرف العالمية وأسواق السلع الأساسية. الدولار يرتفع. وهذا يجعل البضائع الأمريكية أقل قدرة على المنافسة في الخارج ويعمل على تخفيض أسعار الواردات، بالتالي فهو يهاجم التضخم بشكل مباشر – وهو الخطر الذي يفترض أن رفع أسعار الفائدة سيعمل على مكافحته.

ارتفاع الدولار عجيب. على أساس الوزن التجاري النسبي، ارتفع بنسبة 9.2 في المائة هذا العام، وهو يقترب من أعلى مستوى له بعد الأزمة، الذي حققه في وقت سابق من هذا العام. ومنذ أدنى مستوياته قبل أزمة الائتمان في عام 2008 ارتفع بنسبة بلغت 37.2 في المائة.

موقف الاحتياطي الفيدرالي مهم جدا بالنسبة للدولار، لأن أسعار الفائدة الأعلى على الأوراق المالية الأمريكية من شأنها جذب الأموال إلى الولايات المتحدة، وبالتالي رفع قيمة الدولار. لذلك، من الممكن أن تحتسب السوق بالفعل تخفيضا محتملا في أسعار الفائدة. لكن هناك أدلة على أن الأمر ليس كذلك.

تحليل أجراه بانك أوف أميركا ميريل لينش، يفصل الأيام التي تهيمن عليها أخبار النمو الاقتصادي عن الأيام التي تهيمن عليها أخبار السياسة النقدية في الولايات المتحدة، يظهر أن ثلاث نقاط مئوية فقط من 14 نقطة مئوية اكتسبها الدولار العام الماضي يمكن تفسيرها بالسياسة النقدية. وهذا يوحي بأن رفع أسعار الفائدة سيكون ذا نتائج انكماشية ويعمل على تعزيز الدولار.

أما بالنسبة لأسعار السلع الأساسية، فهي تتراجع. فقد انخفض خام برنت مرة أخرى إلى أقل من 50 دولارا. والمعادن الصناعية، حسب قياس بلومبيرج، تراجعت الآن بنسبة 52 في المائة من أعلى مستوى لها بعد الأزمة.

هذا دليل على أنها لا تحتسب إجراء الاحتياطي الفيدرالي. مجموعة المعادن مدفوعة بالأخبار المقلقة من الصين، المستهلك الرئيس للمعادن في العالم. وانخفاض النفط يعود إلى ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة. وانخفاضه الجديد كان مدفوعا بتوقعات باستئناف الإمدادات من إيران، وإعادة فتح المنصات في أماكن أخرى.

مرة أخرى، رفع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تفاقم هذه الخطوات. انخفاض أسعار المواد الخام ينبغي أن يساعد اقتصاد الولايات المتحدة، لكن النفط مختلف. فكثير من النمو في الأعوام الأخيرة كان بسبب ثورة النفط الصخري. وانخفاض أسعار النفط أبعد الكثير من الاستثمارات الجديدة. وفي الوقت نفسه، لم تتحقق النعمة الاستهلاكية المتوقعة، لأن السائقين في الولايات المتحدة ينفقون الأموال التي كان من الممكن خلافا لذلك إنفاقها على البنزين. والمزيد من الانخفاض في أسعار النفط من شأنه أن يكون ذا نتائج انكماشية للغاية.

في حال تحركت الأسواق بفاعلية لاستبعاد رفع أسعار الفائدة في الشهر المقبل، فهناك احتمال قوي لأن تتولى فعليا وظيفة الاحتياطي الفيدرالي نيابة عنه. وقد يمرر الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة. وإذا تم استقبال الزيادة بمزيد من الارتفاع في الدولار والانخفاض في النفط، علينا توقع فجوة طويلة قبل الرفع التالي في أسعار الفائدة.

هناك سابقة لهذا الأمر حدثت قبل عامين. في ذلك الحين كانت القضية هي ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ “الانسحاب التدريجي” من برنامجه لعمليات الشراء الشهرية للسندات، التي كانت مصممة لتحفيز الأسواق. الانسحاب التدريجي كان متوقعا عالميا تقريبا، مع تركيز النقاش في الأسواق على الحجم الذي سيتم به تخفيض عمليات الشراء. لكن الاحتياطي الفيدرالي الذي كان لا يزال برئاسة بن برنانكي في ذلك الحين، قرر عدم الإقدام على تلك الخطوة وتأجيلها حتى كانون الأول (ديسمبر). فقد كانت أسعار الفائدة على القروض العقارية، التي يتم تحديدها بحسب السوق، قد ارتفعت تحسبا لذلك، وبالتالي لم تكن هناك حاجة كبيرة إلى التشديد.

لذلك الفرضية المركزية تبقى: أسعار الفائدة ستبدأ في الارتفاع الشهر المقبل في الولايات المتحدة، تتبعها فترة طويلة قبل أي رفع آخر، وحتى فترة طويلة جدا قبل أن يرفع بنك إنجلترا أسعاره. لكن الأسواق تبقى “معتمدة على البيانات” – وتتحرك استجابة لأي، وكل، نقطة بيانات عن الاقتصاد العالمي – في حين أن أسواق العملات الأجنبية والسلع الأساسية يمكن أن تؤدي إلى اضطراب في الحسابات.