Site icon IMLebanon

“كارتل” الأدوية يطوّق “الوصفة الموحدة”.. والعبرة في التطبيق

MedicinesMoney
عزة الحاج حسن
يفترض بأن يكون اليوم الموعد النهائي لبدء العمل رسمياً بالوصفة الطبية الموحّدة، غير أن الموعد النهائي لضبط فعالية تطبيقها لا يزال مجهولاً حتى اللحظة، مع احتمالات تطويقها من قبل شركات الأدوية، التي “تسرح وتمرح” في سوق الأدوية في لبنان، من دون حسيب أو رقيب. الوصفة الطبية الموحدة التي وُجدت بالأساس لتخفّف العبء عن كاهل المواطن اللبناني المريض، عبر السماح للصيدلي باستبدال الأدوية “البراند” بأخرى “جنريك”، سيتم تطويقها من قِبل الشركات المصنعة للأدوية ومستوردي الأدوية، ما لم يتم تدارك الأمر من قبل وزارة الصحة العامة، بوضع ضوابط لسوق الأدوية وتسعيرها. عملية تطويق شركات الأدوية للوصفة الطبية الموحدة بدأت منذ أشهر، تزامناً مع بدء الحديث عن إقرار الوصفة، لاسيما أن الشركات المصنّعة والمُستوردة للأدوية، تتمتع بحرية شبه مطلقة في التسعير وتحديد الكميات وكيفية توزيعها والعروض المرتبطة بها. فقد عمدت بعض الشركات الى خفض أسعار شريحة كبيرة من الأدوية التي تستوردها بطريقة الخفض المباشر أو عن طريق تقديم عروض مع شراء كميات معيّنة من قبل الصيادلة. فماذا يعني ذلك؟ وما علاقة تسعير الأدوية بالوصفة الطبية الموحدة؟ إن استبدال الدواء “البراند” بآخر “جنيريك” يشترط، إضافة الى تسجيله في وزارة الصحة واعتماده رسمياً من قبل الجهات الضامنة، وجود فارق في السعر بين الدوائين لا يقل عن 30%، وعند إقدام شركات الإدوية أو المستوردين على خفض أسعار بعض الأدوية التي يتوفر لها أدوية “جنريك”، فإن ذلك سيقلّص الفارق بين الإثنين وبالتالي سيُلغي إمكانية استبداله بدواء “جنريك” ويُبطل بطبيعة الحال مفعول الوصفة الطبية الموحدة. الفوضى و”المغالاة” في تسعير الأدوية، يُعد سبباً رئيسياً لإفساح المجال أمام تجار الأدوية لخفض أسعارها ومنافسة “الجنريك”، لاسيما أن أرباح تجار الأدوية والصيادلة تتجاوز 30% من سعر استيراد الدواء. فآلية تسعير الأدوية في لبنان تعود بالدرجة الأولى الى لجنتي تسعير وتسجيل الدواء التابعتين لوزارة الصحة، وهما يضمان عدداً من موظفي الوزارة، ما يفتح الباب واسعاً للتواطؤ بين التجار واللجنة، من هنا انطلقت جمعية حماية المستهلك في مطالبتها بتوسيع لجنتي تسعير وتسجيل الدواء لتضما، بحسب رئيس الجمعية زهير برو، كل من يدفع ثمن الدواء من ممثلي الصناديق الضامنة واصحاب العمل وممثلي الموظفين والعمال والمستهلكين. ويرى برو في حديثه لـ”المدن” أن وجود اللجنتين الحاليتين وسّع حجم الفساد في سوق الأدوية، معتبراً أن وجود أطراف متعددة في اللجنتين من شأنه تشديد الرقابة على التسجيل والتسعير ووضع آليات واضحة ومحددة جديدة لعملهما، وبالتالي حماية المريض اللبناني من الإبتزاز والتلاعب. التلاعب بأسعار الأدوية من قبل الشركات المستوردة، رفعت نسبة الأرباح على الأدوية بشكل كبير، لتضاف الى العمولة الكبيرة التي يتمتع بها المستوردون والتي تتراوح بين 31% و37% مقابل 10% فقط في فرنسا، وهو ما يبرّر الخفض المفاجئ لأسعار بعض الأدوية والعروضات والحسومات التي تقدّم الى الصيدليات والأجهزة العسكرية وغيرها، وقد تصل أحياناً الى 70% من أصل سعر الدواء، إنطلاقاً من هذا الواقع يصبح موضوع منافسة الشركات لأدوية “الجنيريك” أمراً سهلاً، ومشروعاً، وفق منطق فوضى السوق. والحل يكمن، باتباع النموذج الأوروبي للأدوية التي يتجاوز سعرها مبلغ 150 دولاراً، أي خفض نسبة جعالة الصيدلي إلى 6% والمستورد إلى 3%، أما بالنسبة إلى الأدوية التي يزيد سعرها على 450 دولاراً، فيجب وضع حدّ أقصى لجعالة الصيدلي بحيث لا تتجاوز 100 دولار، ولجعالة المستورد بحيث لا تتجاوز 30 دولاراً. هذا الإجراء بحسب برّو سيحدّ من عملية التواطؤ بين الأطراف لرفع السعر أو خفضه بشكل مفاجئ، على حساب المستهلك اللبناني، على أن يسبق ذلك إعادة النظر بتشكيلة لجنة تسعير الدواء، قبل فوات الأوان وإبطال جدوى العمل بالوصفة الطبية الموحدة.